تعتبر الانتخابات الأمريكية بصفة عامة حدثًا محوريًا في الحياة السياسية والاجتماعية في الولايات المتحدة، حيث تعكس
تطلعات المواطنين وتوجهاتهم. وفي السنوات الأخيرة، أصبح دور العرب الأمريكيين أكثر وضوحًا وأهمية. حيث يمثلون قوة
مؤثرة تتجاوز مجرد أصوات انتخابية. فبعد تزايد أعدداهم، أصبحوا يشكلون جزءًا لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي
والسياسي للبلاد. وتعكس مشاركتهم في الانتخابات، سواء كناخبين أو مرشحين، التغيرات الديموغرافية والثقافية التي
تشهدها أمريكا، وتسلط الضوء على التحديات والفرص التي تواجههم في تحقيق تأثير ملموس. إذ أنه من خلال مشاركتهم
الفعالة في التصويت والترشح للمناصب، يسعون للتعبير عن قضاياهم واهتماماتهم التي تعكس التحديات التي يواجهها
المجتمع الأمريكي بشكل عام والتي تتراوح بين العدالة الاجتماعية، وحقوق الإنسان، والسياسات الخارجية، مما يساهم في
تشكيل الأجندة السياسية للبلاد. الأمر الذي جعل أصوات العرب الأمريكيين أساسية لتأثيرات أكبر تتعلق بالسياسات
الوطنية
ويعتبر العرب الأمريكيون عنصرًا مهمًا في الانتخابات الأمريكية للعام 2024 ، خصوصًا في الولايات المتأرجحة مثل
ميشيغان وبنسلفانيا. مع خلفية متنوعة تشمل اللبنانيين، الفلسطينيين، السوريين والمصريين، يختلف دعمهم بين المرشحين
بناءً على القضايا السياسية والاقتصادية. فالقضايا المتعلقة بالشرق الأوسط، مثل المواقف تجاه إسرائيل وفلسطين، كان لها
أثر كبير في اختياراتهم. في حين حظيت السياسة الإقتصادية للبلاد والقضايا الداخليه أكبر دور في اختيار المرشح
الأفضل
ففي الوقت الذي فضل فيه البعض منح صوته ل كامالا هاريس بسبب مواقفها المتوازنة في قضايا الهجرة ، حقوق الإنسان
والمساواة. على الجانب الآخر كان هناك من يساند ويدعم ترامب بسبب سياسته الإقتصادية وموافقه الصارمة من ايران
وعلى الرغم من أن كامالا هاريس تمثل الحزب الديمقراطي، وغالبية العرب الأمريكيين مؤيدين وداعمين للحزب الديمقراطى
إلا أن دعمهم لها في الانتخابات الرئاسية 2024 لم يكن بالقدر المتوقع. ويعود ذلك إلى عدة عوامل معقدة. ذلك أنها أو
إدارة بايدن لم تقدم حوافز قوية لمعالجة القضايا التي تهم بعض أفراد الجالية العربية، مثل تحسين العلاقات مع الشرق
الأوسط بشكل شامل أو معالجة ظاهرة الإسلاموفوبيا بشكل جذري
فكان خطابها السياسي أقل تركيزًا على قضايا حقوق الإنسان في الشرق الأوسط، مثل قضية فلسطين والحروب في
المنطقة،. وهناك شعور بأنها لم تبذل جهدًا كافيًا لكسب ثقة المجتمعات العربية التي ترى أنها قد تجاهلت بعض القضايا
الجوهرية بشكل كاف مثل قضايا التمييز ضد العرب ” الإسلاموفوبيا
كما أن هناك إحباط من تجاهل الإدارة الحالية لعدد من قضايا حقوق الإنسان في بعض الدول العربية، مثل قضة فلسطين
والحروب في المنطقة. فلم يشعر الكثير من العرب الأمريكيين أن سياسات هاريس تقدم حلولاً حقيقية لهذه القضايا بل بقي
موقفها متذبذبا ما أثار شعورا بعدم الرضى بين أفراد الجالية
ومالا يعرفه البعض أن هناك انقسام داخلي بين العرب الأمريكيين أنفسهم، فبعضهم يميل نحو التيارات المحافظة ومنهم من
فضل منح صوته لمرشحين مستقلين، مما جعل دعم هاريس أقل تماسكًا وأكثر ضعفا
بالإضافة إلى أن هناك شعور عام بالإحباط من عدم تنفيذ الوعود التي قطعتها إدارة بايدن على مدار السنوات السابقة،
مما أدى إلى تراجع حماسة العديد من الناخبين العرب الأمريكيين تجاه دعم هاريس في الانتخابات الرئاسية بل وتجاه دعم
الديمقراطيين الذين لم يحققوا شيئا على الأرض
وإذا تحدثنا أكثر ، فإن سجل هاريس كمدعية عامة في كاليفورنيا يتضمن سياسات قاسية تجاه قضايا العدالة الجنائية
والمساواة ، ما أثار قلقًا بشأن قدرتها على التعامل مع قضايا التمييز العنصري. وبالرغم من دعمها للهجرة، إلا أن البعض
كان لديه شعور بأن إدارة بايدن، التي تنتمي إليها هاريس، لم تُحقق التغيير الملموس في قوانين الهجرة التي يأملها العرب
الأمريكيون ما جعلهم يشعرون بالإحباط
وفي المجمل، يعتبر بعض العرب الأمريكيين أن التغيير الذي وعدت به إدارة بايدن لم يتحقق بما يتناسب مع تطلعاتهم وهو
ما آثار تخوفهم من أن تسير إدارة هاريس على نفس المنهج
أما دونالد ترامب، فهناك فئة لا بأس بها تؤيد وجوده على دفة السلطة بسبب عدة عوامل. أهمها والتي أجمع الجميع عليها
هي سياساته الاقتصادية، مثل خفض الضرائب وتشجيع الأعمال الصغيرة، التي يعتقدون أنها تخدم مصالحهم بشكل
أفضل. ثانيًا، تلقى مواقفه الصارمة من إيران دعمًا كبيرا جدا سواء من عرب أمريكيين أو مسلمين غير عرب من خلفيات
معارضة للنظام الإيراني، كما أن بعضهم يؤيد مواقفه من الحركات الإسلامية المتطرفة، خصوصًا في ما يتعلق بالأمن
الوطني. بالإضافة إلى وضوح مواقف ترامب رجحت الكفة تجاهه بدلاً من المواقف المتغيرة لدى الديمقراطيين
أيضا إن العديد من العرب الأمريكيين الذين يشعرون بالقلق من الهجرة غير الشرعية. وقد يجدون في سياسات ترامب
المتعلقة بالأمن الداخلي بعض الراحة، حيث يروج لسياسات أكثر صرامة في هذه المجالات
كما أن بعض الناخبين العرب الأمريكيين قد يرون أن ترامب كان أكثر وضوحًا في مكافحة الإسلاموفوبيا على
الرغم من خطابه القاسي، ويرون فيه مدافعًا عن الحريات الدينية
في النهاية ، من الصعب تحديد أيهما الأفضل دونالد ترامب أو كامالا هاريس، لأن ذلك يعتمد على أولويات
اهتمامات الناخبين. لكن ستتضح الرؤيا مع الأيام من خلال تنفيذ الوعود والسياسات التي يقدمانها ومدى
نجاحهما في معالجة القضايا التي تهم الشعب الأمريكي .