لا ننكر أبداً أن هناك فئة من البشر تفكيرها وكلامها لا يطيقه عقل، فهم يتبعون سياسة القطيع والجرى وراء ما يسمى “التريند” بمفهومه الحديث لسحب الأموال وجذب الإنتباه من جميع المشاهدين أو ما يطلق عليه لعبة الإلهاء المعتادة، وهي لعبة تسويقية بحتة لكن مردودها سلبي أكثر من الإيجابي المرجو منها.
والعجيب أنك بعد إطلاع وقراءة قليلة جداً سوف تكتشف زيف المعروض بما لا يتصوره المنبهر فاتح الفم دائماً فهو بحق أسلوب رخيص في جلب المشاهدات.
لعل أسوأ ما في الأمر اللهاث وراء هذا التريند، وأصبح يحكمنا الفيسبوك والتيك توك حتى أصبحنا مجموعة من الأسرى التى تتبع سياسة القطيع.
هذا الأمر أصاب الأخلاق فى مقتل، وتدنت لغة الحوار، وصار السباب والألفاظ الخارجة هى السائدة على صفحات التواصل الإجتماعي، وهكذا انقلب العلم من نافع إلي علم نستخدمه للإفساد.
والسبب الرئيسي هو الإدمان على الإنترنت فيما لا يعود بالنفع على الفرد مع عدم تخصيص وقت محدد لها مما ساهم بشكل كبير في تدني الأخلاق والذوق العام.
المعادلة الآن أصبحت غير واضحة المعالم وغير مفهومة، ولكن الثابت الوحيد لما يسمى بالتريند هو أن يفعل الشخص أى شيء عكس المنطق والأخلاق وعادات وتقاليد المجتمع، وكلما كانت الأفعال شديدة البعد عن المألوف كلما زاد انتشارها.
للأسف الشديد نرى وسائل الإعلام وهى تلمع تلك الشخصيات القبيحة وبدلاً من محاربة من يفتعل هذا التريند تزداد شعبيته وتزداد جمالاً في عيون الغوغائيين الذين انحدرت أخلاقهم وأذواقهم وتبلدت مشاعرهم.
من المؤكد أن الإعلام له دور مهم فى انتشار هذه النوعية فيما يسمى التريند وأصبح يسلط الضوء على أشياء ويعتم على أشياء أخرى ذات أهمية.
يحضرنى هنا كلمات للشاعر الراحل عبدالرحمن الأبنودى مع بعض التعديل (على أد ما استفحلت في دمنا الطعنة عرفنا أن الصحافة مش مهنة وعلى أد ما تستوجب التقديس أصبحت تستوجب اللعنة).
ولمعالجة هذا الأمر يجب على أصحاب العقول والمختصين من علماء النفس والاجتماع ألا ينحنوا أمام الموجة حتى إذا كان القطيع أكثر عدداً، وأن يبدأوا بتوعية الشباب والأجيال القادمة حتى لا تنجرف وراء ما يسمى التريند، ومعرفة كيف وصل الشباب لهذا المستوى المنحدر من التفكير، ولا ننسى أيضاً دور الأسرة في التوعية والإحتواء وتقديم الدعم للأبناء والاستماع إليهم.
كما يجب وضع قوانين صارمة من قبل نقابة الصحفيين والمجلس الأعلى للإعلام وتفعيل دور الهيئات الرقابية حتي لا يطل علينا هؤلاء من خلال قنوات رسمية أو غير رسمية لمنع تداول هذا النوع على منصات التواصل المختلفة فالإعلام يتحمل جزءا كبيرا من تلك المسئولية.
كما أن هناك مواد في الدستور يجب تفعيلها بقوة القانون، وهي خاصة بحماية المجتمع أخلاقياً والحفاظ علي الذوق العام..فماذا نحن فاعلون؟