يظن البعض أنهم إن كانوا من غير المصابين بمرض السكري فهم في مأمن من أضرار الإسراف في استعمال السكر الذي يعشقه الكثيرون في أكلاتهم المتنوعة..والحقيقة أنهم في هذا الاعتقاد واهمون فالسكر شأن أي طعام يزيد ضرره حينما يتعدى حده ومقداره ومصادره أيضا ..فالمصادر الطبيعية للسكر كالحبوب الكاملة والألبان والفواكه الطازجة كفيلة بتزويد الجسم بالفوائد الخاصة بالسكر في إمداد الخلايا بالطاقة بشكل ثابت ومستمر حيث يكون الهضم ببطء بعكس السكر المضاف في الأغذية المصنعة كالمشروبات الغازية والحلوى والزبادي المنكهة والعصائر والكاتشب وغيره فالسكر في هذه الحالة يحمل أضرارا جمة وبالغة على الصحة من أبرزها السمنة حيث يؤثر السكر على هرمون "اللبتين" المسؤول عن تقليل الشهية والإحساس بالشبع وبالتالي تزداد شهية المرء سعة ويتدفق الطعام لجوفه بلا رادع ..من المخاطر الأخرى الإصابة بداء السكري من النوع الثاني وكاتب هذه السطور من فرط تناوله للمشروبات الغازية في مرحلة ما أصيب به حيث أن فرط السكر في هذه المشروبات وغيرها يؤدي لإفراز كميات كبيرة من الأنسولين في المقابل مما ينهك البنكرياس على المدى الطويل ويسقط المرء فريسة لداء السكري الذي يمكنه تفاديه لو تحلى بثقافة الاعتدال ودائما ما أكرر "في الاعتدال حياة" ولا خاسر مع الاعتدال في كل شىء وأي شىء ..
من المشاكل الأخرى أمراض الكبد والكلى والمفاصل وضعف الانتصاب حيث يؤثر السكر على تدفق الدورة الدموية بشكل كبير علاوة على ظهور حب الشباب وتآكل مينا الأسنان والتسوس فالسكر هو الوسط الذي تشتهيه البكتريا وتبث ضررها من خلاله على الأسنان ..
أضرار السكر لا تتوقف عند الإضرار بأجزاء الجسم المختلفة بل تتعدى ذلك إلى الحيلولة دون وصول العناصر الغذائية الهامة للجسم عبر عرقلة الامتصاص السليم لهذه العناصر ومن ثم تقليص نسبة المعادن والفيتامينات التي تحتاجها الخلايا ..ذلك أن السكر يقلل من امتصاص الجسم لفيتامين C- ( مصادره : الفلفل الأحمر والأخضر-البروكلي-الزهرة-اللفت - الطماطم - البطاطا-الأناناس-الحمضيات - المانجو-الكيوي-الجريب فروت-الشمام-البطيخ-الزعتر - البقدونس)- وبالتالي لا يحصل الجسم على احتياجاته اليومية بالشكل الكافي من هذا الفيتامين شديد الأهمية للجهاز المناعي بخصائصه المضادة للأكسدة ودوره في امتصاص الحديد وتخزينه ومن ثم الوقاية من فقر الدم ..الأمر نفسه يحدث مع فيتامين D -( مصادره: الأسماك الدهنية كالسلمون والماكريل والسردين - زيت كبد الحوت - صفار البيض - المكسرات - الفطر المتعرض للأشعة فوق البنفسجية، سواء من ضوء الشمس أو من مصباح الأشعة فوق البنفسجية، كما ينتجه الجسم بشكل طبيعي عند التعرض لضوءُ الشمس المباشر) - ومن ثم الكالسيوم حيث أن الإكثار في السكر يقلل من امتصاص فيتامين D بخصائصه المضادة للأكسدة والالتهابات والواقية للأعصاب وخلايا الدماغ والجهاز المناعي والعضلات وبهذا النقص يقل تبعا امتصاص الجسم للكالسيوم -(مصادره: فول الصويا -الطحينة المصنوعة من السمسم الكامل -بذور الكتان-الخضروات الخضراء كالبروكلي والملفوف والفاصوليا-البطاطا الحلوة -بذور دوار الشمس-اللوز-البقوليات والحبوب كالفاصوليا البيضاء)- المكون الرئيسي للعظام والأسنان المعتمد على فيتامين D مما يؤدي في المحصلة إلى الإصابة بالالتهابات وبعض أنواع السرطانات ومشاكل العظام والأسنان ..عنصري الكروميوم- ( مصادره : البروكلي-صفار البيض-المحار-الطماطم- المكسرات البرازيلية-اللحوم-الحبوب الكاملة - منتجات الحليب ) - المهم في التحكم في معدلات السكر بالدم عبر تعزيز عمل الإنسولين والماغنسيوم -( مصادره: الشيكولاتة الداكنة-الكينوا-الموز-الخضروات الورقية الداكنة مثل السبانخ-اللوز-الأفوكادو- الكاجو-الفول السوداني-العدس-البازلاء - الفاصوليا السوداء ) - المهم في تنظيم وظائف العضلات والأعصاب..العنصران يهدران ويقلل امتصاصهما بسبب الإكثار في السكر حيث يؤدي لزيادة إفراز الكروم والماغنسيوم وطرحهما في البول دون أن يستفيد منهما الجسم بالكميات المطلوبة ..
وحول كميات السكر المصرح تناولها يوميا عبر الأعمار المختلفة فبحسب موقع "ويب طب" : البالغين: لا تتعدى 30 غرامًا من السكر - الأطفال بين 7و10سنوات: لا تتعدى 24 غرامًا -الأطفال بين 4 و6 سنوات:
لا تتعدى 19 غرامًا .
ينبغي الإنتباه أن المحليات الصناعية ليست بديلا آمنا للسكر فهي إن أردت الحقيقة أوخم مردا من السكر ذاته فهي تتسبب في الإصابة ببعض أنواع السرطان .
الإقلاع عن العادات الغذائية المتأصلة بلا شك أمر صعب ولكني دائما ما أضع نصائحي للمرضي الذين أولوني ثقتهم في النصح في قالب قصصي موجه ليكون على مقربة من ذاكرتهم وأقول لهم: حينما يستعصي عليك الاستغناء في شىء تذكر الحمار "ديزل" المملوك للسيد "دروري" قرب بحيرة "كلير ليك " في كاليفورنيا والذي قرر أن يتمرد على حياة مفروضة عليه وينطلق في أثر حياة اختارها بنفسه ولم يبال فغادر مالكه عام 2019م وعاش وسط الغزلان خمس سنوات كواحد منهم فتأقلم معهم وتأقلموا معهم ..بالتأكيد نستطيع دوما نحن البشر- ونحن أولى من الحمار في هذا المنحى -أن نعيش حياة صحية بإرادتنا الكاملة والواعية فنستبدل حياة فيها هلاكنا بحياة تجمعنا مع الأصحاء .