الجيش المصرى فى معظم فترات التاريخ، هو الأقوى والأعرق بين جيوش جنوب البحر المتوسط، ومنذ بدايات الحضارة المصرية، وجيشنا يلعب دوراً كبيراً فى الدفاع عن حضارته ضد الغزاة على مر العصور، كما قدم الفكر العسكرى المصرى أرقى مفاهيم و تقاليد المقاتل الشريف الذي يتجنب المساس بـ: كبار السن، النساء، الأطفال، دور العبادة، أماكن العلم، المستشفيات، كما خاض جيشنا الباسل، معارك كبيرة ضد جيوش ضخمة، هاجمت الإمبراطورية المصرية أو جهزت لمهاجمتها، وانتصر في أكثرها انتصارا نظيفا.
من هذه المعارك الخالدة، كانت معركة البطل أحمس الأول – مؤسس الأسرة 18 - ضد الهكسوس، فقد أبادهم جميعا وعن بكرة أبيهم، ثم معركة "قادش" فى عهد الملك رمسيس الثانى ضد الحيثيين، ومعركة "مجيدو" فى عهد تحتمس الثالث، و فى العصور الوسطى، كانت معارك: "حطين" و "عين جالوت" و "المنصورة" و "فتح عكا" و "مرج الصفر" و غيرها من المعارك ضد: المغول والصليبيين، وانتصر فيها جميعاً الجيش المصري نصراً عظيماً، ولا يجب أن ننسى، أنه فى العصر البطلمى كان الجيش المصرى وسيظل بإذن الله تعالي من أقوى جيوش العالم، والأسطول البحرى المصرى، كان وسيظل أيضاً سيد البحر المتوسط من غير منازع.
ويكفي ما كشفه إعلام المحتل الإسرائيلي عن حالة الهلع والتخوف والجبن التى اعترت جنوده، خصوصاُ الاحتياط الذين تم استدعائهم لخوض حرب اكتوبر المجيدة عا 1973.
وعلى سبيل المثال لا الحصر، عقيد إسرائيلي يُدعى أمير رؤوبني - قائد الكتيبة 68 - التي كان يتشكل معظم مقاتليها من قوات الاحتياط التابعة للواء "جولاني" بالمنطقة الشمالية في هضبة الجولان المحتلة، كشف عن حالة السخط التى انتابت قواته ضد قيادتهم بسبب مارأوه من بسالة المقاتل المصرى وشراسته، موضحاً أن"سيناريو الحرب بهذه الضراوة لم يكن متوقعا بالمرة".
فى شهادة أخرى داخل كتاب بعنوان "حياتى" - لرئيسة وزراء اسرائيل جولدمائير - قالت فيه:
- " لن أكتب عن الحرب - من الناحية العسكرية - فهذا أمر أتركه للآخرين.. ولكنني سأكتب عنها ككارثة ساحقة وكابوس عشته بنفسي، وسيظل معي باقيًا علي الدوام".
أما موشئ ديان - وزير الدفاع الاسرائيلى - فقال:
- "إن الحرب قد اظهرت أننا لسنا اقوي من المصريين، وأن هالة التفوق والمبدأ السياسي والعسكري القائل بأن اسرائيل اقوي من العرب، وأن الهزيمة ستلحق بهم اذا اجترأوا علي بدء الحرب، هذا المبدأ لم يثبت".. شهادات كثيرة اعترف بها هؤلاء المجرمون تؤكد جميعهاعظمة وبسالة وشجاعة المقاتل المصرى.
وبهذه المناسبة، فقد وقعت عيني على بعض المأثورات الخالدة بحق أبطال جيشنا العظيم، والتي صاغها ونشرها على صفحته اللواء أركان حرب صاعقة أحمد رجائي، أحد رجالات قواتنا المسلحة البواسل، ومؤسس وحدة القوات الخاصة 777، وأحد أبطال المجموعة 39 قتال ( رحمه الله وغفر له وأسكنه وجميع شهداءنا الأبرار الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ).
مع العلم، تربطني باللواء أحمد علاقة راقية منذ 2009، حيث كتب معي عدة مقالات بجريدة الدستور، كما أنه كان أحد مصادري الخاصة في العديد من: الندوات والتحقيقات والحوارات والمقالات التي أنجزتها على مدار 10 أعوام مضت عن بطولات قواتنا المسلحة في السلم والحرب.
اللواء "رجائي" له تاريخ عسكري عريق، وله أيضاً بصمته الخاصة في: حرب الاستنزاف وحرب اكتوبر المجيدة، كما أنه كان أحد الأبطال العِظام الذين رافقوا سيد الشهداء العميد إبراهيم الرفاعي في مُعظم عملياته الانتحارية الناجحة ضد العدو وحتى لحظة استشهاده، ومما يجب ذكره أيضاً، أن اللواء "رجائي" كتب لي مقدمة رائعة لأحد كُتبي الذي أعتز به.
وها هي بعض المأثورات التي قِيلت بحق أبطالنا، وسأبدأها بقول الحبيب المصطفي – صلى الله عليه وسلم: "إن جند مصر من خير أجناد الأرض لأنهم وأهلهم في رباط إلى يوم القيامة".
وقال نابيليون بونابرت: "لو كان عندى نصف هذا الجيش المصرى لغزوت العالم".
وقال نابليون الثالث بعد حرب المكسيك قبل أن تصل الكتيبة المصرية إلى المكسيك: "لم نحظ بأنتصار واحد، وبعد أن وصلت لم نمن بهزيمة واحدة".
وقال مارشال فورية - القائد العام للحملة الفرنسية فى المكسيك: "إنى لم أر فى حياتى مطلقاً قتالاً نُشب بين سكون عميق، وفى حماسة تضارع حماستهم، فقد كانت أعينهم وحدها هى التى تتكلم، وكانت جرأتهم تذهل العقول، وتحير الألباب حتى لكأنهم ما كانوا جنوداً بل أسوداً".
وقال البارون بوالكونت بعدما أذهلته معارك الجيش المصرى فى سوريا 1832: "إن المصريين هم خير من رأيت من جنود".
وقال كلوت بك - الطبيب الفرنسى: "ربما يعد المصريين أصلح الأمم، لأن يكونوا من خيرة الجنود، ومن صفاتهم العسكرية الامتثال للأوامر، والشجاعة والثبات عند الخطر، والتذرع بالصبر فى مواجهه الخطوب، والمحن، والاقدام على المخاطرة والاتجاه إلى خط النار، وتوسط ميادين القتال بلا وجل ولا تردد".
وقال المارشال الفرنسى مارمون عندما تولى قيادة الحلفاء فى حرب القرم: "لا ترسلوا لى فرقة تركية، ولكن ارسلوا لى كتيبة مصرية".
وقال لورد كتشنر بعد انتصاره فى جنوب إفريقيا: "ما أكثر المآزق الحرجة التى وجدت فيها نفسى فى القتال، ولكننى كثيراً ما فكرت وانا بأي مأزق فى شجعانى، المصريين وتمنيت ان يكونوا فى جانبى".
وقال المارشال سيمور - قائد البحرية الأنجليزية - اثناء حرب الاسكندرية، تعقيبا على سرعة المدفعية المصرية فى الرد من الفتحات التى تم تدميرها": "رائع أيها المصرى المقاتل".
ويقول رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية الفرنسية: "يوم السبت السادس من أكتوبر 1973م اتصلوا بى وطلبوا منى التوجه لقيادة شبيبة الطلائع المحاربة، ففوجئت خاصة أنه تم تسريحى قبل أسبوع فقط، وفى المرحلة الأولى ساعدت المجندين ، وعندما أدركوا أن هناك ضحايا ومئات المفقودين، وأننا لا نسيطر على الأمور عينونى ضابط تتبع للمفقودين بالقيادة ، وعملت لمدة أسبوع فى ذلك وكان أصعب أسبوع فى حياتى ، وكان أصعب شئ عندما وجدت فى موقع تجميع القتلى زميلى بالدراسة قتيلاً فعدت إلى القياد.
وقال الإسرائيلى "يهودا شيجف - رئيس عرفاء وضابط تتبع للمفقودين: "عندما بدأت الحرب كنت فى إيلات ثم انتقلت إلى منطقة مضايق الجدى و متلا ووسط سيناء ، وبعد 24 ساعة من القتال اتضح لمتخذى القرار أن هناك خسائر فادحة ومعظم الضحايا من الضباط".
ويقول عاموس ملخا "- مساعد إسرائيلى: "عندما خرجت من الخندق بعد ظهر يوم الأحد السابع من أكتوبر 1973م وجدت طابور من جثث القتلى فسارعت للدخول وورائى قائد الكتيبة – لفيدوت – وعندما كنت فى جبل جنيفة تم قتل ضابط الإنذار الذى كان يعمل معى وإصابة شولومو بنائى".
ويقول المارشال الفرنسى مارمون عندما تولى قيادة الحلفاء فى حرب القرم: "لا ترسلوا لى فرقة تركية.. ولكن ارسلوا لى كتيبة مصرية".
وقال شلومو بنائى: "قائد سرية مدرعات فى اللواء الذى كنا تحت قيادته قتل أكثر من 120 شخصا فضلا عن إصابة أكثر من 300 فقد تفوق الجيش المصرى فى الروح القتالية ، فقد رأيت جنود مصريين قفزت علينا من كل مكان فأصبت بالخوف الشديد وهرب الكثير من الجنود والقادة الإسرائيليين من أول أيام الحرب ".
- وقال العميد نتكا نير - قائد كتيبة إسرائيلية: "انتقلت مع قواتى إلى منطقة المزرعة الصينية فوجدت الكثير من الجرحى ويجب إخلائهم ، كان المنظر فى غاية البشاعة وعندما تقدمنا وجدنا أنفسنا فى مواجهة مئات الجنود المصريين الذين دمروا جميع الدبابات فى إحدى الفصائل التابعة لى وأشعلت فيها النيران ، وأذكر أن ملازماً معى تلقى دانة وطار من الدبابة ، وتم إصابة جميع دبابات السرية ، كان الشعور الذى يساورنا مريراً للغاية حيث كنت فى عمق المنطقة ولا توجد إلا دبابتى ، ونفذت الذخيرة ونجحت فى التقهقر والهروب".
ويوضح موشيه عيفرى سوكفيك - قائد سرية إسرائيلية:
- "إن إسرائيل تخوض الآن حرباً لم تحارب مثلها من قبل ، وهى حرب صعبة ومعارك المدرعات فيها قاسية ، والمعارك الجوية مريرة وهى حرب ثقيلة بأيامها وثقيلة بدمائها
ويعترف"موشى ديان - وزير الدفاع الإسرائلي:
- "إن حرب الشرق الأوسط حطمت أسطورة أن الجيش الإسرائيلى لا يمكن مقاومته ، وأن الأرض التى احتلتها إسرائيل عام 1967م تشكل ضماناً لأمنها" .
في جريدة " الديلى تلجراف " 14/10/1973م، يكشف إرييل شارون:
- "أخذ المصريون زمام المبادرة واستطاعوا أن يلحقوا أفدح الخسائر بالجيش الإسرائيلى ، وكان القتال يمكن أن يتوقف فى أية لحظة وموقفنا فى غاية السوء ، وهذا سيكون كارثة بالنسبة لإسرائيل وسمعتها ، ومن أجل ذلك كان لابد من عمل شئ فألححت على القيادة لتوافق على تنفيذ خطتى بالعبور إلى الغرب فى الدفرسوار ، وساعدتنا أمريكا فأخبرتنا أن هناك فراغاً بين الجيشين الثانى والثالث المصريين ، وشارت علينا بالعبور إلى الغرب ، ولكننى شعرت فى الأيام الأولى لهذه العملية إن إقامة الجسور إلى الغرب كان خطئاً عسكرياً فقد كان القصف المصرى بالغ العنف ، وفشلنا تماماً فى حصار الجيش الثالث المصرى ، وانتهزنا أقرب فرصة لتعود أدراجنا إلى الشرق".
وكتبت جريدة " التايمز " البريطانية 16بتاريخ /10/1973م تقول:
- "إن نفقات الحرب فى ثلاثين يوماً تعادل فى المتوسط ميزانية إسرائيل خلال سنة ."
ومن رسالة للضابط الإسرائيلى " أموس "سطرها لزوجته بتاريخ 18/10/1973 يقول فيها:
- "إن عملية العبور التى قامت بها القوات المصرية فى قناة السويس ، ومواجهة القوات الجوية الإسرائيلية عالية التفوق والتطور وعلامة مميزة فى الحرب الحديثة وستغير من الاستراتيجية العسكرية .. ما رأيت بعينى وبحق شئ مذهل قام به الجنود المصريين ".
ونشرت جريدة " واشنجتون نيو ستار " الأمريكية بتاريخ 19/10/1973 تقول:
- "إن إسرائيل لا تستطيع من الناحية الاقتصادية أن تشترك فى حرب على المستوى الحالى لأكثر من ثلاثين يوماً ".
ويشرح إفرهام برن - مسئول بالجيش الإسرائيلي:
- "كتيبتى حاربت 19 يوما متتالية بدأتها فى شمال سيناء من الجانب الشرقى للقناة حتى وصلت إلى الجانب الغربى ، وهناك تلقت ضربة قاسمة على أيدى الجنود المصريين".
ويضيف إيرن كرن - قائد كتيبة إسرائيلية:
- "ازداد التفوق المصرى بشكل كبير حتى شعرنا أن الجيش المصرى سيهضمنا ، وفى الرابع والعشرين من أكتوبر أمرنى – برن – بضرب حقول البترول فى مدينة السويس ولكن تصدى لنا الجيش المصرى ولم يدعنا نحقق ما نريد ".
ويؤكد موشيه يعالون - رقيب احتياط بلواء مظلات إسرائيلى:
- "كانت الصورة التى ترسم أمام عينى أن دولة إسرائيل سوف تدمر وكان الوضع سيئ جداً ، وفقدت أصدقاء فى الحرب" .
أما جابى إشكينازى - أحد أفراد سرية إسرائيلية فيقول:
- "كان الخوف الكبير الذى يراودنى هو أن يحولونى إلى ضابط مدرعات بعد الحرب لأن المدرعات التى خسرناها كانت فادحة وفوق التصور.
ويلقي دور ميدلتون - خبير أمريكى فى شئون الشرق الأوسط – الضوء على أمر مهم، فيقول:
- "أشارت جميع التقارير التى وصلت إلى المصادر الغربية أن الجيش المصرى قاتل بعناد وحماسة ، وكانت القيادة على مستوى كتائب المشاة ، والدبابات على مستوى مرتفع كما كانت القيادة العربية العامة تتسم بالفطنة والذكاء ، وكان أهم تطور تكنولوجى على المستوى المصرى والعربى هو الأسلحة الخفيفة التى استخدمت بفاعلية وكفاءة لحماية المواقع المتقدمة وحشود القوات ضد الهجمات الجوية والمدرعة المضادة الإسرائيلية ، لقد أكدت عملية العبور للقناة أن تلك القوات قد تطورت تكنولوجياً ، وأثبتت تلك العمليات الجريئة أن المصريين قادرون على تحقيق النجاح والتصرف بانضباط ".
ويسترسل ريمون آرون - عالم الاجتماع الصهيونى الفرنسى:
- "لقد خرج العرب بعد أكتوبر وللمرة الأولى وهم صناع التاريخ ، وأصبح العالم العربى عاملاً مهماً فى تحقيق التوازن السياسى فى المنطقة ، وبذلك تم تصحيح ميزان القوى الذى كان قد اختل بوضوح قبل أكتوبر".
وقال إلبر يجاديركينيت هانت - نائب مدير المعهد الدولى للدراسات الاستراتيجية:
- "إن حرب الشرق الأوسط قد غيرت بالفعل أفكاراً عديدة عن التوازن بين الطائرات المقاتلة والدفاع الجوى ، وبين الدبابات ووسائل المدفعية المضادة لها ، لقد واجهت السيطرة التى تمتع بها السلاح الجوى الإسرائيلى تحدياً خطيراً من جانب الصواريخ العربية ، كما أصبح تفوق الدبابات الإسرائيلية فى المعركة موضع شك كبير" .
ويقول الجنرال أندريه بوفر - مدير المعهد الاستراتيجى الفرنسى – في محاضرة له بأكاديمية ناصر العسكرية العليا بتاريخ 15/11/1973:
- "أريد أن أبدى إعجابى الشديد بالعمل الذى أنجزته القوات المسلحة المصرية مشفوعة بإعجابى بذلك التقدم الذى أظهرته هذه القوات فى الميدان ، فقد حاربت على أعلى مستوى عرفه العصر" .
ويكتب يعقوب إيفين -كاتب إسرائيلى- قائلاً:
- "لقد عشنا ست سنوات من عام 1967م حتى عام 1973 فى جنة الحمقى أو جنة الأغبياء ، والآن تقدمنا فى العمر وما تزال لدينا آلام من يوم الغفران ، وتثار مخاوفنا بسرعة .. ماذا عن المستقبل؟ إننا نصلى من أجل مزيد من الشجاعة وكثير من الحكمة"
ويخطب الرئيس " محمد أنور السادات - صاحب قرار العبور، فيقول:
- "لقد كان الليل طويلاً وثقيلاً ، ولكن الأمة لم تفقد إيمانها أبداً بطلوع الفجر، إن القوات المسلحة المصرية قامت بمعجزة على أى مقياس عسكرى ، ويستطيع هذا الوطن أن يطمئن أنه أصبح له درع وسيف، كما إن الواجب يقتضينا أن نسجل من هنا وباسم هذا الشعب ، وباسم هذه الأمة ثقتنا المطلقة فى قواتنا المسلحة، إن التاريخ العسكرى سوف يتوقف طويلاً بالفحص والدرس أمام عملية السادس من أكتوبر 1973 حين تمكنت القوات المسلحة المصرية من اقتحام مانع قناة السويس الصعب ، واجتياح خط بارليف المنيع ، وإقامة رؤوس جسور لها على الضفة الشرقية من القناة بعد أن أفقدت العدو توازنه فى ست ساعات ، وسوف نسلم أعلامنا مرتفعة هامتها ، عزيزة صواريها.