فى الذكرى 51 لملحمة أكتوبر العظيمة تتداعى إلى الذهن كلمات الرئيس السادات «إن التاريخ العسكرى سوف يتوقف طويلاً بالفحص والدرس أمام عملية يوم السادس من أكتوبر حين تمكنت القوات المسلحة المصرية من اقتحام مانع قناة السويس الصعب واجتياح «خط» بارليف المنيع فى 6ساعات».. وقد رأينا الخوف والرعب فى تلك العيون الوقحة التى طالما تغنت بانتصاراتها وأن الجيش المصرى لن تقوم له قائمة اعتماداً على الدعم الأمريكى وأوروبا وإذ بهم فى يوم «عيد الغفران» تتزلزل الأرض تحت أقدامهم مع زئير خير أجناد الأرض.. على «نتنياهو» واليمين المتطرف الذى يؤازره أن يفيئوا إلى رشدهم وأن يصحوا ويتعقلوا ولاينجرفوا وراء ذلك الحلم الكاذب وقبل أن ينقلب إلى كابوس ليلى طويل كما حدث فى هجوم السابع من أكتوبر الذى اقتلع أوهامهم من الجذور مخلفاً تلك الحالة من الرعب التى أصابت المستوطنين.. لقد ترك هجوم 7 أكتوبر خبرة نفسية مريرة لدى المستوطنين اليهود مما دفع البعض إلى إلقاء اللوم على «هنرى كيسنجر» الذى أشار «مارتن أنديك» فى كتابه «سيد اللعبة» إلى الدور الذى لعبه فى الفترة التى سبقت حرب 73 وأثناء القتال وكان صاحب الدور الأكبر فى توقيع «إتفاقيات فك الإشتباك» بين إسرائيل ومصر وسوريا.. وقد ألقى «أنديك» باللوم على «كيسنجر» وحمله تبعة ما جرى فى 7 أكتوبر عندما استبدل شعار الأرض مقابل السلام بالأرض مقابل الوقت وهو ما أتاح لإسرائيل الفرصة لبناء جيشها ودعم وتقوية اقتصادها واستيعاب وتوطين موجات الهجرة الكبيرة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي.. لقد شاء القدر أن يرى «كيسنجر» قبل وفاته بـ52 يوماً هجوم 7 أكتوبر ويرى انهيار تلك الاتفاقيات التى لعب فيها دوراً كبيراً بين مصر وإسرائيل وسوريا وأدت إلى استقرار الحدود على مدار 50 عاماً.. لقد كان هجوم 7 أكتوبر نتاج تشيع «كيسنجر» إلى الإسرائيليين إذ لم يكن يسعى إلى تحقيق سلام حقيقى بل إلى تحقبق ما هو ممكن شريطة أن يصب لصالح إسرائيل على حساب الفلسطينيين واستقرار المنطقة.. ولعله قد أدرك خطأه وهو يرى بعين رأسه «طوفان الأقصي» وأدرك حجم الخطأ الجسيم الذى إرتكبه وهو يسعى إلى تحقيق الأهداف الصهيونية التى يؤمن بها وقد راعه ما رآه وسمعه من المستوطنين اليهود عن ذلك الكابوس الذى جثم على صدروهم ألا وهو أن «حماس» خلف الأبواب.. لقد رأى «كيسنجر» الذى شهد عقوداً طويلة من جولات الإحتلال الإسرائيلى والتوسع الإستيطانى واشتعال الغضب الفلسطينى وأكثر الأيام دموية بالنسبة لليهود على يد مقاتلى «حماس» منذ «محرقة الهولوكست».. ومازالت خطايا «كيسنجر» تعمل حتى الآن فى زيادة اشتعال المنطقة مع تهجير الفلسطينيين من «غزة» وتوسيع نطاق الاحتلال فى الضفة الغربية وتنفيذ أبشع مذبحة فى التاربخ الحديث بإبادة «الشعب الفلسطيني» وانتفاض الرأى العام العالمي.. مازالت أخطاء «كيسنجر» تعمل حتى اليوم مع تلك «الاغتيالات» وعمليات التصفية لقيادات حماس وعلى رأسها عملية تصفية «إسماعيل هنية» و«حسن نصر الله» قائد حزب الله مما سيؤدى إلى اتساع دائرة الصراع فى المنطقة وترقب العالم معركة النهاية «هرمجدون» التى باتت تدق الأبواب بقوة بفعل أوهام «نتنياهو» وأخطاء «كيسنجر».. على قادة الشعب الإسرائيلى فى ذكرى «حرب السادس من أكتوبر» والتى يصاحبها ذكرى «طوفان الأقصي» أن يفيئوا إلى رشدهم قبل أن يدفع بهم اليمين المتطرف إلى أتون حرب النهاية «هرمجدون» التى بات يترقبها العالم ويدق تاقوس الخطر باقتراب أحداث نهاية الزمان.