الرعاية الذاتية هي مصطلح يمتلك العديد من المحاور التي لا تعني نهائياً الإلتفات إلى الاهتمام بصحتنا الجسدية فقط ، وإنما تعني بشكلٍ مباشر الاهتمام بالجانب النفسي ، الذي يعني لنا النشاط والراحة والقبول والرضا والقناعة .
حيث أن الرعاية الذاتية هي مفهوم النشاط الذي نقوم به ، والذي من خلاله نلبي احتياجاتنا الأساسية الحياتية اليومية ، وإذا أحببنا أن نوضّح أكثر ، نقول على سبيل المثال : مثل ارتداء الملابس ، تناول الطعام ، غسل الأسنان ، الاستحمام ، والاعتناء بوضعنا الصحي والطبي ، وقضاء وقت ممتع ، والخروج من المنزل ، والذهاب في رحلة مع أصدقاء ، وبشكلٍ آخر نستطيع أن نقول أن الرعاية الذاتية هي أي نشاط الذي نشعر من خلاله بالانتعاش والتجديد والرضا ، وبكل تأكيد هذه الرعاية تختلف من شخصٍ لآخر ، وفق اهتماماته وميوله ، وذلك كي نستطيع التعامل بإيجابية مع ضغوطات الحياة .
فمن خلال الرعاية الذاتية نحظى بدورٍ فاعل في تحسين قدراتنا الحياتية ، و رفع مستوى التقدير الذاتي ، وزيادة الثقة بالنفس ، وتعزيز الوعي ، وتحقيق التوازن النفسي ، وتطوير الذات من كل جوانب الرعاية ، إن كانت عاطفية أو حسّية أو اجتماعية وروحانية ، و ممارسة الرياضة ، وأخذ قسطٍ من الاسترخاء وممارسة التأمل .
لم تأخذ الرعاية الذاتية شكلها الطبيعي لولا التطور الحياتي والحضاري المشهود على أرض المعمورة ، لذا التفت الناس إلى هذا المحور ، كي يتمكنوا من التواكب مع العصر ومجريات أموره ، التي تحتاج إلى كثير من التوازن والجهد والتماسك من أجل الحفاظ على استقرارهم ورفاهيتهم المعنوية والنفسية والجسدية والعملية ، بهدف التمكن من مواجهة أي مشاكل محتملة ، وعلى أي صعيدٍ كان ، لذا من الطبيعي أن يتجاوز المرء الآثار السلبية في حياته ، وأن يتمسّك ويُطوّر الآثار الإيجابية عبر مسيرته الحياتية ، والتي توصله حتماً إلى درب النجاح والسمو .ولعل من أهم الآثار السلبية وأشدها خطراً ، هو الشعور بالانفصال عن المجتمع ، والعزلة عن المحيط المُعاش ، فهذا الشعور إذا استمر يوصل صاحبه إلى كثير من المشاكل التي تتعلق بشكلٍ مباشر بالأمور الصحية وخاصة الصحة العقلية والجسدية ، وتدهور الجانب المعرفي ، وتدهور الذاكرة ، وقد تصل الأمور إلى الخرف المبكّر ، ومنه إلى احتمال تكرر النوبات القلبية .
أمّا الإنخراط في وسطٍ اجتماعي إيجابي فإنّه يدعم المعرفة والوعي والعطاء الإيجابي ، والشعور النفسي بالارتياح والرضا والقناعة .
وبنفس الوقت علينا أن لا نخشى المصائب والمحن ، أو التحديات ، بل علينا أن نتقبّلها ونواجهها بحكمةٍ وبشكلٍ إيجابي ، كي تستمر حياتنا كما نبتغي ونروم .
وهذا النشاط الاجتماعي هو ركيزة لحركة المنظمات التي تسعى وتعمل جاهدة لتشكيل المجتمع الدولي الذي نكافح من أجله ، نحن الكتّاب والمفكرين والمثقفين والأدباء في المقام الأول .
فحينما يتم تبنّي هكذا نشاطات حول الرعاية الذاتية والرعاية الجماعية ، بهدف التغيير الاجتماعي نحو الأفضل ، هذا يعني أن هناك أساس استراتيجي يبني القوة الفاعلة التي نحتاجها كي لا نفشل .
فمن خلال الرعاية الذاتية الفاعلة مع المجتمع ، والرعاية الجماعية ، يتم خلق فهمٍ مشترك ، من خلال تبادل الخبرات ، وكيفية معالجة المخاوف التي تواجهنا ، وهذا بالتالي يتيح للناس بشكلٍ عام الشعور بالراحة والرفاهية النفسية .
فنحن نستطيع أن ننجح من خلال الرعاية الذاتية ، وأن نجمع ما بين النشاط والتألق والسعادة ، وخاصة عندما نكون مرتبطين بكل صدقٍ وتفاعل مع إحساسنا ، والتزامنا بأهدافنا ورؤيتنا ، وقدرتنا على تحقيق مهامنا .
والحفاظ على تراثنا وهويتنا ، وقولاً واحداً ، إن هويتنا العربية ، ليست هي وسيلة للتواصل فقط ، بل تحمل بين طيّاتها تاريخاً غنيّاً ، وثقافة واسعة ، تشمل ثقافة كل شعوب المنطقة ، من أدبٍ وفن وعلوم وموسيقى وفن العمارة ، إضافة إلى الأزياء الشعبية والعادات والتقاليد .
ومن يتابع مجريات الأمور ، يدرك أن الهوية العربية تعرّضت إلى الكثير من التحديات ، فهناك عولمة ، وتغييرات اجتماعية ، وفنية ، وتكنولوجية ، وعلينا أمام كل هذه التحديات ، أن نتأ قلم مع الأوضاع على أساس الحفاظ على هويتنا في المقام الأول .
وللدقة في الطرح نستطيع أن نقول أن العرب بمجملهم يعيشون فعلاً أزمة حقيقية حول انتمائهم لهويةٍ مشتركة ، فليست هناك هوية واحدة تؤسّس لخطابٍ موحّد ، حيث كثرت التبعيّات ، وكثرت الانتماءات ، وتحوّلت إلى أداة للصراع ، و وصلت إلى درجة القتل .
والأسباب واضحة حيث أن الخطاب القومي تراجع وترك فراغاً واسعاً ، فقام الخطاب الديني واحتل هذا الفراغ ، وخاصّة الخطاب المتشدد والمتطرف بل والإرهابي .
وأيّاً كانت الأمور فإن الهوية العربية ستبقى شامخة ومصانة ، لكنها معرّضة للخطر ، وفي الدرجة الأولى الغزو الثقافي ، ويبقى الطرح القومي ، والانتصار لهوية جامعة هي الحل الأنجع للعرب ولأمّتهم .
ولأننا عرّجنا على الغزو الثقافي ، لذا ومن أجل الإهتمام بشخصيتنا ونموها ، لا بُدّ من الإعتماد على الثقافة ، نظراً لما لها من دورٍ فاعلٍ في تقدم وارتقاء الأفراد والمجتمعات .
فالثقافة حينما تطال المجالات المختلفة ، إن كانت إعلامية أو إجتماعية أو سياسية وبيئية وتربوية واقتصادية ، تُحقّق نمواً ملحوظاً بل كبيراً في بنية الأفراد والمجتمعات ، فيتحقق النجاح والارتقاء والتقدم الحضاري .
وقولاً واحداً إن الثقافة هي بمثابة العمود الفقري لبناء وتنمية المجتمعات بشكلٍ عام ، لما تحمله من قيم وأفكار وتقاليد وموروثات و واقعٍ مُعاش ، وبدون هذه الثقافة لا ولن تتم عملية بناء المجتمعات ، و سنجني الفشل في خطواتنا .
فعندما يكون المجتمع مُحاطاً بثقافة واسعة وراسخة ، بالتالي سيكون المواطن أو الفرد مثقفاً كالمجتمع ، لأن هذا الفرد هو أحد مُكونات المجتمع الذي يُولد فيه ، وينتمي إليه ، فثقافة المجتمع هي التي تقوم بتأطير ثقافة الفرد ، فتتشكّل شخصية هذا الإنسان من خلال البيئة والوسط الذي ينمو فيه ، إن كان من الناحية الجسميه أو النفسية أو الصحية ، أو حتّى المزاجية والقدرات العقلية ، لأن كلّ ثقافة لديها تيّار أخلاقي خاص بها ، لذا ينساق الفرد متأثّراً بالمعطيات والأسس الأخلاقية السائدة في هذا المجتمع أو ذاك .
ومن خلال هكذا ثقافة نستطيع أن نقيّم علاقاتنا مع الآخرين ، بشكلٍ طبيعي ومن خلال التفاهم والتوافق ، والمهم أن نتوافق ثقافياً ، حتّى لو كان هناك إختلاف فكري ، نتيجة للمعتقدات بين الطرفين . وعندما نكون في هكذا مستوى من الثقافة والوعي ، حينها سيكون بمقدورنا التحكّم ومن خلال التفكير الإبداعي لدينا أن نتحكّم بإدارة الصعوبات أو المطبات التي تتعرض لها مسيرتنا ، وبالتالي نحقق أهدافنا من خلال ما نتمتّع به من قدرةٍ على التكيّف والثقة بالنفس ، والفكر الحكيم الذي نلجأ إليه ، إضافة إلى مزاجنا السليم من خلال علاقاتنا الحسنة مع الآخرين ، وصحتنا النفسية التي تسيطر على مجريات أمورنا الحياتية ، من خلال توازننا ، والبيئة الإيجابية التي نتمتع بها ، والسعي المتواصل لتوحيد الذات .