المواقع الإلكترونية الظلامية بقلم: دكتور / جميل جورجى

المواقع الإلكترونية الظلامية بقلم: دكتور / جميل جورجى
المواقع الإلكترونية الظلامية بقلم:  دكتور / جميل جورجى
 
 لقد كانت تلك الواقعة الغريبة والمروعة التى حدثت بمثابة الصاعقة التى تسمرت معها العقول وتوقفت عن التفكير بفعل تلك الحالة من الهلع  والاستغراب، بحيث عقدت الألسنة عن التساؤل عن الأسباب التى دفعت إلى ارتكابها عبر الشبكة العنكبوتية ( الإنترنت ).. أن تلك الحادثة التى وقعت بأحد الأحياء الشعبية بمنطقة شبرا الخيمة من قبل شاب عشرينى قام باستدراج أحد الأطفال الذين تربطه به علاقة وطيدة إذ كان يعمل لدى والده بأحد المقاهى .. وقد تمت هذه "الجريمة الشنعاء" من خلال  الدخول إلى أحد المواقع  المعروفة  "بالويب المظلم" وهو المحتوى المظلم" للشبكة العالمية" التى هى عبارة عن مجموعة مخفية من الإنترنت بحيث يمكن استخدامها فى الأغراض القانونية المشروعة وأيضاً غير المشروعة.. وهى لاتعدو أن تكون سوى مجرد جزء صغير مما يعرف  "بالويب العميق" غير المرئى من "الإنترنت الذى يمكن فهرسته بسهولة بواسطة محركات البحث وفى بعض الأحيان يستخدم الأشخاص الويب العميق والويب المظلم بالتبادل .. بيد أن هذه المصطلحات تختلف عن بعضها البعض حيث تشير شبكة "الويب العميق" إلى تلك المعلومات  المتوفرة على الإنترنت والتى يمكن للمستخدمين الحصول والاطلاع عليها بسهولة.. من الخصائص الأخرى للويب أو "الشبكة العميقة" هى أنها علاقة مخفية ولا يمكن الإطلاع عليها بالنسبة لمستخدمى الإنترنت اليومى كما لا يمكن الوصول إليها من خلال استخدام محركات البحث العادية وتصل نسبة الوصول إليها إلى 0.3% من جميع المعلومات المتوفرة على الإنترنت.
  كما أن معظم بيانات هذه الشبكة العميقة قانونية وآمنة .. ودائماً ما يدق الخبراء ناقوس الخطر للتحذير من استخدام  "الويب المظلم" إذ أن العديد منها قد تم تصميمه ليس فقط بغرض سرقة المعلومات الشخصية للمستخدم بل وأمواله أيضاً وتعد بالنسبة للقتلة المحترفين وسيلة سهلة للاحتيال والسرقة والتربح من العملاء.. ويتم استخدام "الويب المظلم" فى العديد من الأنشطة المحرمة والمجرمة قانونياً مثل الاتجار بالبشر وتجارة الأسلحة التى تؤدى إلى انتشار الجريمة وتفشى الرزيلة والممارسات غير المشروعة ومع ذلك فهو له جانبه الإيجابى حيث أنه يوفر الخصوصية والأمان للمستخدم من خلال عدم  الكشف عن هوية المبلغين عن تلك المخالفات غير القانونية ونشر التقارير والمعلومات عبر "شبكة الإنترنت" عن الفساد فى مجال إدارة الشئون الصحية والموافقات والتصاريح التى تتعلق بصلاحية الأدوية من عدمها وهو ما يوفر الحماية لعمليات المراقبة.
ومن بين إيجابيات "الويب المظلم" هى إتاحة حرية التعبير عن العديد من المواقف سواء من جانب الصحفيين أو النشطاء والإدلاء بالمعلومات التى لايسمح أحياناً بتبادلها فى العلن.. من ناحية أخرى يمكن أن يساعد  الويب المظلم العديد من الباحثين على الوصول إلى مواضيع بحثية لا يمكن إتاحتها على "الويب المرئى" ومن ثم تصبح المقالات والمراجع المطلوبة من خلال "الويب المظلم" فى هذه الحالة على درجة كبيرة من الأهمية والإيجابية فى ذات الوقت.. أما فيما يتعلق بالسلبيات ومدى  الضرر البالغ الذى يمكن أن يحدثه الويب المظلم فى التأثير على "حياة الناس" إن لم يتم توخى الحذر فى اسنخدامه فحدث ولا حرج إذ هو فى النهاية عبارة عن مرتع للعديد من الأنشطة والممارسات غير القانونية، وقد أظهرت الإحصائيات أن حوالى 10% من عمليات زراعة الأعضاء للأشخاص الموجوديين على قائمة الانتظار يتوفون أو تتفاقم عليهم الأمراض حيث يغطى سوق العملات المشفرة ما بين 5-10% من زراعة الكلى إذ تضاعفت أسعار أدوية الزراعة على "شبكة النت" فى الفترة من 2008-2015.. لذلك لابد من التوعية بمخاطر استعمال "الشبكة المظلمة" والمخاطر المحتملة بالنسبة لأطباء زراعة الأعضاء من الهجمات عبر "شبكة الإنترنت" حيث تمت سرقة ما يقرب من  16 مليون جهاز طبى من قبل قراصنة مؤسسات الرعاية الصحية.. وقد تم التنبيه والتحذير من جانب العديد من المختصين من ذلك الخطر الذى يمكن أن يتعرض له الأطفال عند استخدام "الويب المظم" لما يحتوى عليه من محتوى غير مناسب وغير قانونى بالنسبة لهذه الفئة العمرية التى يتم استغلالها والاتجار بها  فى معظم الأحوال.. إذ يمكن استمالة هؤلاء الأطفال واستغلالهم من قبل المحتالين أو وصولهم إلى أسواق الاتجار بالمواد الممنوعة مثل "المخدرات" والأدوية والأسلحة.. لذلك لابد من توعية الأطفال بضرورة الحذر وتجنب تلك المواقع المشبوهة والمجهولة المصدر إلى جانب مراقبة الأنشطة التى يقومون بها من جانب الوالدين نتيجة تغلب نزعة الفضول عليهم وتوعيتهم بمدى خطورة تبادل المعلومات على الشبكة المظلمة .
 ومن ضمن وسائل الحماية التى يمكن استخدامها لحماية الأطفال من مخاطر "الويب المظلم" هى إعداد برنامج الأمان المناسب من خلال التطبيقات الحمائية التى يمكن أن تحميهم فى حالة وصولهم إلى الويب المظلم ومنع تلك "الكوارث الرقمية" المختلفة  والتى  يصبح معها تفعيل برنامج "مكافحة الفيروسات" أمر لابد منه لحظر الوصول إلى هذه المواقع الضارة .. لقد أطلق العديد من العلماء والباحثين على ذلك التطور الرهيب فى وسائل التواصل الاجتماعى على "المحتوى الرقمى" مسمى "الشيطان الرقمى" إذ من خلال مايعرف بثورة التعرف على "الوجه والصوت" أصبح هناك تواصل بين جميع السكان على سطح البسيطة من خلال "الاتصالات الرقمية" الهاتفية والتتبع من خلال "الإنترنت" وتخزين المعلومات الضخمة لأنظمة الكمبيوتر الفائقة السرعة.
ومن خلال التطور والابتكار يمكن أن تصل تلك التكنولوجيا إلى الجميع سواء "شاؤوا أم أبو" إذ أصبح بمقدور السلطات الفيدرالية بالولايات المتحدة سواء مكتب "التحقيق الفيدرالى" و"المخابرات المركزية" والشرطة من خلال إستخدام "التكنولوجيا البيومترية" مطابقة الأشخاص فى الشوارع  بقائمة الصور التى لديهم  والتعرف عليهم خلال 8 ثوان..  لقد رأى الكثير من الباحثين الذين يعكفون على دراسة واحد من أهم الأسفار النبوية فى الكتاب المقدس ألا وهو "سفر الرؤيا" إمكانية الربط بين أحداث نهاية العالم وذلك التقدم التكنولوجى الرهيب فى وسائل تكنولوجيا المعلومات على اعتبارها أداة للشيطان .. لقد أطلق عالم الإعلام  "رافى ذكريا "على  وسائل التواصل الاجتماعى "برج بابل الجديد" كناية عن الدور الذى  يمكن أن تلعبه التكنولوجيا فى الأحداث السابقة.. وإستطرد "رافى" قائلاً بينما كنت أعكف على تأليف روايتنا الأخيرة " علامة الشر" مع  شريكى "تيم لاهاى"  وهى أحد كتب "خيال المستقبل" دار بيننا جدل حول العلاقة ما بين "التكنولوجيا" وأحداث المستقبل ومدى تماشى تلك الابتكارات الحالية مع ذلك المشهد النبوى .
 وخلص "رافى" إلى أنه  بالرغم  مما زودتنا به التكنولوجيا خلال العقد ونصف الماضيين عن الكيفية التى يمكن بها تحقيق ذلك المخطط الأكثر شيطانية فى تاريخ البشرية إلا إنه لا ينبغى النظر إلى "التكنولوجيا" باعتبارها أداة للشيطان فقط إذ حيث يسود "الشيطان " فالله سبحانه وتعالى قادر على نقض خطته وحماية من لاينساقون ورائه.