ليل حالك السواد لا شعاع فيه لضوء القمر ضربات قلب متسارعة تُحدِّث نفسها
أشعر بشئ سئ سيحدث ضيق شديد بصدري شئ ما يُطبق على أنفاسي
ما هذه الصور والمشاهد التي تتراءى أمامي ؟
ينغلق رأسي على هذه الأفكار لا لن أستسلم إليها
سأنام قليلاً
ثم غَطَّت في نوم عميق بعد معاناة مع القلق والشعور المضطرب
تنبهت على صوت طرقات متتالية على باب المنزل وأحدهم لا يُنزل يده الضاغطة على زر الجرس
وأخذ يُردد عبارة "ألا يوجد أحد بالمنزل"
أسرعت مهرولة نحو الباب نبضات قلبها كل واحدة تُسابق الأخرى
تخذلها قدميها تتعثر بالسجادة تطرق رأسها بالجدار لتقع على الأرض وصوت صراخها يملأ المكان
وفجأة كُسر الباب واقتحم المنزل
يبدو عزيزي المتابع المسترسل بالقراءة أنك تنتظر بشغف أحداث القصة
تُرى ماذا حدث لبطلة القصة ومَنْ الشخص الذي اقتحم منزلها
بِقدر ما هي مشاهد من رواية أقصها إلا أنها مقدمة لطرح مختلف يُثير تساؤلات عديدة داخلنا
تجد في بعض الأحيان طفلك يقف فجأة وأنت تمسك بيده لتعبُر الطريق فتجده يقول لك
هذا الرجل ينظر إلي ويراقبني وتلتفت للخلف لترى ذلك الرجل فتجده يبتسم إلى طفلك بالرغم أن طفلك لم ينظر للخلف ولم يشاهد الرجل !! فتُصاب بحالة من الدهشة كيف لطفلك أن يعلم أن أن هذا الرجل كان ينظر إليه ويراقبه
وتجد ذلك الرجل يتقدم نحوك ويدعو لطفلك الصغير بالحفظ ويبارك الله لك فيه
إنه ما يطلق عليه الحدس نعم أنت نفسك يمكنك فجأة الشعور بنوع من المشاعر السلبية والحزن دون سبب وبعدها بلحظات أو ساعات قليلة تتلقى خبر وفاة أحد أقاربك أو أصدقائك أو رُبَّما حادث قد تعرَّض له أحد أفراد عائلتك
قد تشعر الأم أحياناً بالغبطة والسرور ويعيش أبناءها بعيداً عنها خارج محيط بلادها فتجد أبناءها يطرقون باب المنزل فجأة ومفاجاءتها بالزيارة أو قد يقومون بعمل مكالمة تليفونية يخبرها أحدهم بسعادته لحصوله على منحة دراسية بالخارج أو عمل يستطيع منه تأمين عيشه
هل تساءلت ما الذي يحدث بدماغك وما تفسير ذلك؟
إنه ما يطلق عليه الحدس ولكن ما السبب وراء هذا الحدس هل هي قوة خارقة واستبصار بالأشياء ؟
علمياً يوجد بدماغ الإنسان ما يطلق عليه "القشرة البصرية" ولها وظيفة بغاية الأهمية عند الإنسان
تتمثل وظيفتها في الإدراك اللاواعي للأشياء والأحداث بمعنى الطفل الصغير الذي تحدثت عنه بالسابق لم يلتفت وراءه ليرى الشخص الذي يراقبه ويبتسم ولكنه شعر به فالتفت خلفه ووجد الرجل يبتسم له وأخبر أباه
شعور لاواعي تكوَّن لدى الطفل ناتج عن عمل وأداء القشرة البصرية للدماغ ووظيفتها وتقع بالموقع الخلفي للرأس
وكذلك الأم التي شعرت بالسعادة لم يكن تنبؤ بالأحداث واستبصار ولكنه شعور لاواعي وحدس نبهت القشرة البصرية برأسها له وأنها ستسمع حدثاً سعيداً تعلق برؤية صورة لأبنائها بدماغها إنها نوع من الإشارات العصبية التي أرسلتها الدماغ للعقل الواعي للشعور بالأشياء والأحداث وبالفعل قام العلماء باستخدام هذه الخاصية لدى الإنسان لتفسير حالة نشاط الدماغ المفاجئة للإنسان وإجراء التجارب العلمية للإستفادة من تطوير هذه الوظيفة لدى الإنسان لزيادة مهاراته الإدراكية وما يطلق عليه بشكل غير علمي القوى الخارقة
وقد أظهرت الدراسات أيضاً بهذا المجال بعد الفحص بالأشعة واستخدام الرنين المغناطيسي
أن الدماغ قادر على أن يتفاعل مع ما لا يستطيع الإنسان إدراكه بعقله الواعي ويراه بعينه وتبين وجود ما يسمى
"اللوزة العصبية" التي يمكن أن تؤدي دور توصيل الإشارات العصبية للشعور والإدراك بالأشياء والأشخاص قبل رؤيتها الواقعية بأعيننا من هنا إذا حدثك شخص ما وقال لك أن هناك حدث سعيد وهو يشعر به سواء لك أو لنفسه
صدقه ولا تقم باتهامه بالشعوذة ومعرفة الغيب فالغيب علمه عند الله ولكن الله خلق الإنسان وأبدع في خلقه وما زال العلم يبحث ويجري التجارب لمعرفة خلايا وتركيب أجزاء جسم الإنسان ووظيفة كل منها للإستفادة القصوى بتطوير تلك الخصائص فيما يفيد البشرية وجدير بالذكر استخدام تلك الوظيفة في محاولة السيطرة على الشعور بالألم
أو التخفيف من حدة الأمراض التي يتعرض لها الإنسان وبشكل آخر كلنا نعلم تمرينات اليوجا والشهيق والزفير والتأمل التي يمكنها تهدئة أعصاب الإنسان من الضغوط اليومية التي يتعرض لها فيشعر بعد أدائها بالطاقة الإيجابية والقدرة على مواجهة الأعمال التي قد تصعب عليه وأيضاً ممارسة بعض التدريبات العقلية التي تجعلك تتغلب
على الشعور بالإكتئاب وقد أجريت دراسة عام 2005 على عينة من الأفراد للتحكم في آلامهم حيث قاموا بالإستلقاء والخضوع للفحص الضوئي بينما كانوا يتعرضون لمصدر حراري يستطيعون الشعور به ووضعوا أمامهم شاشة تصور نيران وانتقل هذا الشعور إلى القشرة الدماغية وتارة يقوم الباحثون بزيادة حدة الشعور بالألم الناجم عن المصدر الحراري وتارة يضعفون هذا الأثر مما ساعد على تغيير النشاط الكهربائي بالمخ وهنا استجاب الأشخاص
إلى التفاعل مع المؤثر واستطاع الدماغ إيجاد طريقة للسيطرة والتحكم بالألم وساهمت هذه الأبحاث
في استخدامات علاجية مثل التحكم في الشهية باستخدام نظارات الواقع الإفتراضي والسيطرة على السمنة
من خلال مشاهد يراها مرتدي النظارة للواقع الإفتراضي بأنه أصبح نحيفاً وبصحة جيدة عند اختياره الأغذية الصحية واستخدمت تلك التقنية أيضاً في الأطفال الذين يعانون من فرط الحركة واستطاعوا من خلال تدريبات معينة التحكم في الخلايا العصبية المسببة لهذا المرض النفسي وتقوية القشرة الأمام الجبهية لزيادة انتباههم والسيطرة
على مناطق التركيز والحركة لديهم بالدماغ وكان علاجاً ناجعاً لبعض الحالات كما أجريت دراسة من قبل العالم چيمس سولزر بجامعة تكساس في أوستن على عينة من الأفراد ومستويات إفراز مادة "الدوبامين" في الدماغ
والتي يمكنها التأثير على الشعور والسلوك لهؤلاء الأفراد واستطاعوا تطبيق ذلك على الأشخاص المصابين بداء "باركنسون" والمعروف بالشلل الرعاش واستطاعوا التحكم بمادة "الدوبامين" التي يفرزها الدماغ وعلاج هذه الحالات وما زالت الدراسات قائمة على النشاط الدماغي وخلايا المخ والقشرة الدماغية لإيجاد طرق علاجية يتغلب
بها الإنسان على الأمراض المختلفة كما يمكن الإستفادة من ذلك في تنمية المهارات الذهنية لدى الأفراد وتطوير
ما يطلق عليه القدرات العقلية الخارقة واستخدام تقنيات الإرتجاع العصبي وقياس موجات المخ وعرضها أمام الشخص المراد تنمية مهاراته ومحاولة التحكم فيها لكنها كلها ما زالت أبحاث وتجارب وعينات على بعض الأفراد تحت الدراسة وما زلنا ننتظر الكثير من العلم والتجارب ومن هنا أنصحك عزيزي القارئ لا تتهم أحداً بالسحر والشعوذة قبل القراءة والبحث فيما وصل إليه العلماء والإطلاع على تجاربهم الموثقة بالنتائج هذا هو غموض العقل البشري وإعجاز الله سبحانه وتعالى في خلقه .