البحث عن مكانٍ أمن
كلنا منا يبحث عن المعرفة و المعرفة هي الكنز الثمين في كل مناحي و مجالات الحياة من خلال تحسين الثقة بالنفس و زيادة وعيه ليعيش حياة سوية لينمو في بيئة تناسب قدراته العقلية و الجسمية و النفسية لتلبية احتياجاته التي ترضى طموحه ليكون إنسانًا منتجًا و متفاعلًا مع البيئة و المحيط الذي يعيش فيه لتتم تبادل المنفعة بينه و بين الوطن الذي يعيش فيه , و لأجل هذا يسعى الفرد جاهدًا إلى اختيار طريقه الذي يناسبه ليفي بحاجته و عندها يسأل الإنسان نفسه عن ماذا ربح ؟ .
بدون ثقافة و إطلاع نحن جهلاء و موتى
و هنا هل يجد الإنسان نفسه عندما يحقق أحلامه في الوصول للمبتغاة؟, و ماذا لو جد نفسه في مكان هو لم يرجوه ؟ و لكن وضعته الظروف في هذا المكان . القراءة و الإطلاع , البحث و التبحر في فحص و اختبار الأشياء من حولنا , تنمي روح الابتكار لتجعل من الإنسان قادر على تحليل كل ظاهرة من حوله , حتى لا يعود إلى العصور البدائية , قديمًا كان الإنسان يفسر الظواهر الطبيعة بطرق مختلفة , على مستوي ثقافته و تفكيره .
يتلخص هذا التحليل في أربعة أنواع من التفكير , هم تفكير بدائي (خرافي ) و تفكير ديني , تفكير علمي , تفكير فلسفي منطقي .
و بدون شك التفكير البدائي أو الخرافي , هو من يجعل صاحبة في مناص المتخلفين لأن الإنسان البدائي محاطا بظواهر طبيعية عديدة . وكان يحاول إيجاد الأسباب لتفسير حدوثها والوسائل اللازمة لحماية نفسه من شرورها. وقد أهداه تفكيره آنذاك إلى وضع تفسيرات خرافية لأسباب الظواهر الطبيعية والكوارث والإمراض وجميع مظاهر حركة الكون ، يكون إرجاعها إلى الإلهة المتعددة أو الأرواح الشريرة ، أو إلى الجن وهو يقصد من وراء ذلك إن يصل إلى الحقائق الكامنة وراء تلك الإحداث. وقد قاده تفكيره الخرافي إلى عبادة تلك القوى الخفية لتفادي شرورها الخاسرين, حيث كان يظن الإنسان البدائي من الغيبيات و أنها غضب من الجن و الإلهة هي التي تتحكم فيها و هو على النقيض من التفكير العلمي , الذي أهتم بتفسير الظاهرة و أخضعها للبحث العلمي , تأكد من صحة قوله بالتجربة . و مع حلول الألفية الثالثة , و لأسف لازال في الكثير من المجتمعات تفكر في هذا الفكر الخرافي , وهو المضاد من التفكير العلمي الذي يخضع كل شيء للتجربة و الاستنتاج , نعم هذا التفكير الخرافي مثل الطاعون يستشري في الكيان و يجعله جسد ميت لا حياة فيه , يكون فريسة لكل طامع من حوله . خير دليل على ذلك القبائل البدائية , التي لم تنل قسطًا من التعليم أو المعرفة أو الثقافة , ماذا حدث لها من قبل دول الاستعمار , فعندما استعبد الإنسان الأبيض أخيه الأسود , صنع به كل الجرائم البشعة في حق الإنسانية , فعندما جلب المستعمر , بعض من الزنوج ليعرضهم في حديقة الحيوان في بلادهم على أنهم حيوانات , أي جرم أعظم من هذا ؟ ماذا فعلوا أيضا عندما يقومون بتجاربهم العلمية كانوا يستخدمونهم كفئران تجارب , وكم من مآسي فعلها الإنسان الذي يمتلك المعرفة بأخيها الجاهل الذي لم يمتلك المعرفة , فإذ أردنا الحقيقة المطلقة , أن المعرفة و الثقافة والتي تهدف إلى جمع أقصى حد من المعلومات هو من يمتلك القوة الحقيقية التي تسيطر على جميع مجريات الحياة , هما الكنز الحقيقي ,و مع التقدم العلمي و التكنولوجي و الذكاء الاصطناعي المتوصل بسرعة رهيبة , بين الدول و الأمم , سوف يبقي الاستعباد , تزداد الهوة بينهم , و تكون قصة المليار الذهبي حقيقة لا مجرد تكهنات و افتراضات , كما يزعم البعض أو يتاجرون بها , و أنا لا مع و لا ضد وجود ماسو نية عالمية , لكن أعرف أنه قانون الغابة , مزاحمة الإنسان لأخيه الإنسان , هي قصة قايين و هابيل , تتكرر كل يوم , عبر عصور التاريخ القوة و الغلبة في هذا العصر كما في العصور السابقة مع اختلاف الأدوات و الأساليب , قديمًا كانت بالسيف و الرمح و الخطة الحربية ؛ التي كانت تعتمد على المعرفة و جمع المعلومات عن الخصم و رسم الخطط الحربية بالعلم و الثقافة و المعرفة , لم تكن بالبنية الجسمية فقط و لكن قبلها كان يسبقها التفكير و المعرفة كيف فكر الإنسان في صنع السيف , ثم البارود و انتصار مكتشف البارود و صناع المدفع على السيف و الرمح , ثم الطائرات و الصواريخ و غيرها .
لا مفر من المعرفة و مصدر المعرفة هو البحث و الإطلاع و القراءة التي تثري ثقافة المجتمع تجعلهم أحياء يفكرون يتأملون يرسمون خططهم للحياة الأفضل .