التماسك هو الترابط بين مجموعة من الدول علي نحو يسمح بتحقيق التجانس الحركي الذي يقتضية العمل المشترك فيما بينها لبلوغ عدد من الأهداف التي يتم الإتفاق عليها.
ولهذا لابد من أن يرتكز التماسك علي وضوح الرؤية حول الأهداف المتشودة .بحيث تتحدد مسارات العمل بشكل دقيق يحول دون ظهور أي تناقض بين الدول التي تجمع بينهما الأهداف .
ويبدو الترابط أكثر وضوحا ..أو هكذا ينبغي أن يكون .إذا كانت تربط بين مجموعة الدول التي تتحرك وفقا له رابطة قومية .لأنه يعني في هذه الحالة علاقة معينه بين أجزاء الجسد الواحد.
وتتضمن في طبيعة الحال حقوقا والتزامات محددة لكل جزء من الاجزاء الأخرى .
تبررها حركة ذلك الجسد ،سواء فيما يصدر عنه من أفعال او ما يعبر عنه من مواقف إزاء أفعال الآخرين .ولهذا يوصف هذا النوع من الترابط بأنه ترابط عضوي ..
والترابط العضوي يعبر عن وضع أقرب مايكون إلي الثبات والإستقرار في العلاقة بين عناصر الجسد واجزائه .
وهو بهذا المعني لا يسمح بوجود التقلب والتوتر في هذه العلاقة او ان تمثل هاتان الحالتان إتجاها سائدا ،لأنهما عندئذ تسيران بالمجتمع القومي في إتجاه يتناقص مع أمانيه وأهدافه ،وتجعلان من عملية التطور السياسي الوحدوى أمرا غير ممكن علي الإطلاق .
وللترابط مستويات عديدة كالتعاون والتنسيق والتضامن والتكتل ،تعبر كل منها عن حالة الترابط من حيث الضعف والقوة ،فالمستوي الأول هو أضعف هذه المستويات بينما المستوي الرابع أكثرها قوة ،
وهذا يعني ان العمل المتتابع وفقا لهذه المستويات يمثل تعميقا وتطويرا لحالة الترابط ذاتها.
فالتعاون يقوم علي تبادل الآراء ووجهات النظر بين دولتين أو أكثر حول قضايا معينه .وإذا كان إتفاق الآراء يساعد علي تطوير العلاقات بين الأطراف المعينه ،فأنه ليس لأختلافها آثار سلبية علي تلك العلاقات ،لأن معني التعاون لا يعني السير دائما في نفس الإتجاه ،كما انه لا يتضمن التزامات محددة إذ يكفي ان يعلم كل طرف بتصرفات الأطراف الاخرى علي المسرح الدولي .
والتنسيق يعني مستوي ارفع من التعاون .ومع ذلك فهو لا يبتعد كثيرا عنه حيث لا يقتصر الامر علي تبادل الآراء ووجهات النظر ،وإنما يتعداه إلي نوع من التخطيط لتحديد ابعاد الحركة علي المسرح الدولي ،وما يرتبط بذلك من تجانس حركي .
ولكن دون ان تقترن بذلك حتما إلتزامات معينه من جانب كل طرف إزاء الأطراف الأخرى في تحركه الفردى .
أما التضامن فأنه يعني حالة مختلفه ،إذ إنه يتعدي مايفرضه التعاون والتنسيق إلي ربط تحرك الأطراف علي المسرح الدولي بحقوق وإلتزامات محدودة وصريحة وفقا لمقررات صادرة عن القيادات السياسية ،او وفقا لمعاهدات معينه .وبدونها لا يمكن بطبيعة الحال بلوغ الأهداف المنشودة سواء أكانت تكتيكية أم إستيراتيجة .
والتكتل يمثل أقصي درجات التماسك .وهو ينشأ نتيجة لإبرام معاهدة بين طرفين او اكثر ،حيث تشير إليه صراحة وبكل وضوح ،وتحدد بالتالي الحقوق والإلتزامات المرتبطة به .والدول في ظله تتحرك كمجموعة وفقا لمبدأ واحد تلتزم به وتكون كل واحدة منها مسؤولة عن أية مخالفه له.
وقد يتجسد التكتكل في شخصية مستقلةعن شخصيات أعضائه.والاحلاف ،كحلفي وارسو والأطلسي ،أمثلة لما يمكن ان يكون علية هذا المستوي من الترابط .
ان تطبيق مبدأ التماسك القومي في سياق التطور السياسي العربي يعبر عن مرحلة معينه هي بمثابة مقدمة لوضع مختلف في هذا السياق يتم فيها تحديد العوامل والمتغيرات السلبية ،أي المعيقة لمجلة التطور والتخلص منها والعوامل الإيجابية التي تدفع بثبات تلك العجلة إلي الأمام وصولا إلي الوحدة النظامية .
وفي ظل التماسك القومي يتحقق التوازن بين عناصر النظام الإقليمي العربي علي أساس الترابط العضوي الذي يسمح بتحقيق التكامل الوظيفي بين هذه العناصر ، والذي يعني ان تعمل جميعها من خلال أدوار محددة تحفظ لكل واحد منها وضعه ومكانته كما يتحقق التجانس الحركي فيما بينها حيث يجرى تحديد الاغراض المشتركة والاهداف المتشوده .
ويتم الإلتزام بالعمل بالكفاءه اللازمة ،وفي جهد متناسق في إتجاه تلك الأغراض والاهداف .وغياب التماسك يعني غياب الترابط لتباين الاغراض وتناقص الاهداف بين عناصر النظام مما يعني تحركها في إتجاهات مختلفه ،ومن ثم يختل التوازن فيما بينها ،الأمر الذي يؤدي إلي إضعاف النظام العربي بصفة عامة والتأثير سلبيا في تطوره.
والتماسك القومي يساعد علي بلورة الإرادة العربية التي لا بد منها سواء في تحديد مسار التطور السياسي للمجتمع العربي ام في مواجهة المشكلات المختلفه التي يعاني منها هذا المجتمع .