ليست العبرة في كثرة القراءة وأنما أن نتعلم كيف نكون قراء ؟ أنقذوا القراءة .. إعداد ناديا سليمان يوسف

ليست العبرة في كثرة القراءة وأنما أن نتعلم كيف نكون قراء ؟ أنقذوا القراءة .. إعداد ناديا سليمان يوسف
ليست العبرة في كثرة القراءة وأنما أن نتعلم كيف نكون قراء ؟ أنقذوا القراءة  .. إعداد ناديا سليمان  يوسف

تعد القراءة من أهم  العادات والاحتياجات التي تنمي العقل والروح والتي يمكن أن تكسب الإنسان العديد من المهارات العقلية والعملية التي تساعده في معترك  الحياة ، و يعتقد البعض أن  جيل اليوم لا يقرأ ولا يهتم بالكتاب حيث تراجعت درجات القراءة في المجتمعات العربية ، فقد  أثبتت دراسات كثيرة قام بها باحثون ان النسب تختلف بين دولة وأخرى وحسب اهتمام الأهل والمجتمع المحيط ومن خلال هذا يمكن استشراف نوعية النخب التي تتشكل، والنمط الإنساني في المجتمع ونظرته إلى الحياة .

 وقديماً قالوا : إذا اردت أن تدمر شعب فعليك بمحاربة الفكر ، والمتتبع لنهج الاستعمار والاحتلال وحركات الإرهاب في العالم يجد أن أول مايقومون به هو  تدمير المعالم الثقافية والفكرية و الأوابد التاريخية وطمس كل ماهو متعلق بحضارة تلك الشعوب  

ومع كل هذا التطور التكنولوجي والعلمي والسباق في عالم الذكاء الصناعي نجد أن مازال للقراءة روادها رغم التراجع الكبير في أعداد المهتمين بها 

ونلاحظ ان المجتمعات العربية ركزت في الآونة الأخيرة على أهمية القراءة وأقامت العديد من الأنشطة الثقافية والاجتماعية والمسابقات للتحفيز عليها ولو أنها كانت محاولات خجولة إلى حدٍ ما .

ولتسليط الضوء على هذا الموضوع ، و هل نحن في أزمة كتاب أم أزمة قراء في العالم العربي؟

و لماذا تم غرس فكرة أن الشعوب العربية لا تقرأ وإن قرأت لا تفهم ؟ في خضم كل هذا كيف يمكن التشجيع على القراءة وأن نتحول من شخص لا يقرأ إلى قارئ جيد ؟ 

وهل لمسابقات القراءة سواء المحلية أو  العربية  دور في عودة الحب والشغف لها بين الناس  ؟ للوقوف على هذه النقاط كانت لنا  بعض الحوارات مع نخبة من ذوي الاختصاص في هذا المجال 

 

 

_حاتم عبد الحكيم عبد الحميد 

كاتب وصحفي مصري ..

-- القراءة نبض وإدراك ما نقرأ هو الحياة ، فالثقافة مفهوم كبير يجمع بين القيم والمعارف ، والثقافة شعلة المجتمعات للمعرفة والتنوير وتقبل الآخر والسعي للرخاء المتجدد .. وتوجد الثقافة الأدبية التي تتضمن الشعر والنثر والجغرافيا والتاريخ والفلسفة وآداب اللغات ، وتختلف عن الثقافة العلمية التي تتضمن الطبيعة والكيمياء والرياضة والجيولوجيا .

* نحن بحاجة إلى الثقافة الجماعية وتفعيل عقولنا ، ومزيد من التعرف على هويتنا ومعتقداتنا بتعقل وبحث وتفتيش . (فإننا على أمل بأن نجد):

_ منابر الخطباء والوعظ ووسائل النشر والإعلام ، تزدهر بمواد لتروِية عَطَش المعرفة والفهم وتساعد على تداول مفاهيم الحكمة والفطرة بين الناس ، وذلك (بطرق متعددة) :

_ تقديم مفاتيح كيفية الابتداء والاطلاع بمعرفة المجالات الحياتية والفكرية المختلفة ، على أن يكون بأسلوب مبسط ومختصر وخطاب يفهمه الجميع بلا استخدام للعبارات غير المهضومة  .

_  يمكن لوزارات الثقافة بالدول العربية إنشاء صفحات بالتواصل الاجتماعي تناسب أعمار مختلفة وتقديم خدمة معرفية وأفلام قصيرة ؛ تساعد على نضج الأسرة العربية مع العرض بالتلفاز .

 _  مراعاة إدراج مواد بالمدارس والجامعات تساعد على التفكير المنتج وكيفية التدبر .

_ مكتبة عامة لكل مسجد وكنيسة ، خدمة لرواد أماكن العبادة لشفاء الروح وتنشيط العقل معاً .

_ اهتمام الدولة بتوزيع الكتب على الناس بالمحافظات والمناطق السكنية بأسعار رمزية  ؛ تشجيعاً وزيادة فرص ظهور مثقفين جدد طوال الوقت، كل ذلك وغيره يعمل على تغذية عقولنا بما لا يسع لنا جهله ، ويعمل على بناء الإنسان العربي رشيق الفكر .

* "نحن أمة اقرأ " جملة تاريخية بداخنا ، وحتى إن كانت الأرقام حاليا تعكس غير ذلك فلا ينبغي جلد الذات بأفكار بخسة كالتي تقول أننا لا ندرك ما نقرأ ! فمثل ذلك لا يبعث على الأمل .. يسعدني للغاية أن تكون إتاحة مواد القراءة في العصر الحالي هي الأقوى والأضخم وهناك مواقع عربية تخصص مواد معرفية ودورات تدريبية على القراءة ومعرفة مجالات كثيرة عبر التعلم ، كما يسعدني وجود  برنامج في شاشة مصرية اسمه العباقرة يقوم بعمل مسابقات بين طلاب الجامعة حول العلم والمعرفة والثقافة مما يحرض المجتمع والجمهور المستهدف على البحث والنور ، ويسعدني وجود مسابقات القراءة التي تتم في الإمارات ومنح الجوائز وأيضا توفير مميزات لبعض الكُتَّاب للإبداع والابتكار  .

* وعلى الجانب الآخر هناك مشكلة في توجيه الناس عبر الجزء الأكبر من الإعلام والمواد الرقمية المتعددة التى أخذت نصيب الأسد من عقولنا عبر منصات ومواقع أثرت في تربية الأجيال على المطالعة وحرفتهم نحو الانشغال بأخبار متجددة حول من ذبح فلان في الشارع ، وفلان قتل زوجته في العلن ، وشاب قتل طالبة في النهار وأمام الناس ، ومن تعمد إصابة وقتل أشخاص لهويتهم الدينية ، وفيديوهات تتبع خصوصيات وفضائح وقضايا تحارب الفطرة السوية ،كما يتم رصد موضوعات تفكك أسري وتبادل صراع عبر وسائل التواصل ، وتناطح في الاختلاف حول موضوعات متعددة تعمل على الكراهية والبغضاء والمشاحنات ، بالإضافة لفتاوى كل عام المثيرة للفتنة بقصد أو بغير دراية للواقع ، كما الانشغال الغريب بكل كبيرة وصغيرة بمجال كرة القدم ، و  هناك ظاهرة الترند وأي موقف لأشخاص نكرة مريضة بالظهور تريد بأي وسيلة أن تطفو على الشاشة لأغراض الشهرة أو الكسب عبر الإثارة الجنسية أو التسلية أو خلق صراعات لأغراض إبعاد المجتمع عن قضايا محددة  .. ففي أيامنا المعاصرة ، انتشرت وتنتشر الأخبار التي يريدون لها أن تروق لنفوس الناس بدافع اكتساب الأموال عبر المشاهدات والشهرة وزيادة المتابعات ، كما يتم تخصيص مساحة كبيرة للدراما والسينما التي تصفق للبلطجة وهدم القيم وغرس القبح ، أين السهرات الدرامية التي كانت تجمع بين الفيلم والمسلسل في التوقيت وكانت دراما بموضوعات متميزة تستطيع الأسرة أن تتجمع وتلهمهم تغذية العقل والأخلاق ، على سبيل المثال ، دراما مصرية : الليل وآخره ولن أعيش في جلباب أبي وذئاب الجبل والمال والبنون ويوميات ونيس وليالي الحلمية وعائلة الأستاذ شلش وهند والدكتور نعمان ... 

ولم يكن وجود للإعلانات المملة وحتى البرامج وخصوصا المقالب والضحك كان فيها من الترفيه الجيد ، منها : اديني عقلك والكاميرا الخفية ، بينما نشاهد اليوم أمراضاً نفسية وصوتاً عالياً وفراغاً .

 ولا سبيل لموضوعات السلام والمعرفة والذوق الرفيع إلا في حدود ضيقة تكاد تكون خافتة في مجتمع يقومون بتدريبه على الهرج والمرج والشكوك وانعدام القدوة الحسنة .

* كلمة السر في عمق حلول الأزمات المجتمعية التي تتضمن ضعف القراءة والعلم وانتشار عنف وبلطجة وإرهاب وفساد ، هناك حلول تأثيرها ممتد بامتداد الأيام ، ومنها : اهتمام الدول (بالتعليم) فهو أقوى أسلحة الخير ببناء مدارس مجهزة ودعم متجدد للتدريس والمعلم الذي يؤدي دور من أدوار النبوة ، والتركيز على بناء ( الأسرة) ومنها بناء الإنسان بشكل متكامل ؛ توفير استقرار اقتصادي بجعل حياة كريمة لكل مواطن قبل وجود الترفيهات بالدول ، ومخاطبة ( الشارع ) عبر «الفن بأنواعه» بما يلهمهم الشخصية السوية وتشجيعهم على البحث عن الخير والنفع والعطاء ، وعبر «الدين» بالخطاب الوسطي السمح وتحقيق السلام الداخلي ، وعبر «الإذاعة والتلفزيون» بالوعي والإرشاد والترفيه لما لا يسع المواطن جهله بحياته وطرح قضايا وفتح المنبر للناس لتنمية قدرة النقد  ، وعبر «الصحف» بنقل واقع الناس والمساعدة بوجود حلول ،وعبر «الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي» بتغذية الجانب المعرفي والثقافي والإضاءات على نماذج متميزة وموضوعات مثمرة  ، وعبر «الأبنية والمساحات » نشر الحكمة والمختصرات النبيلة والرسوم المنعشة للروح على الشوارع الرئيسة والطرق والمنشآت الحيوية والمكتبات والمباني الحكومية .

 

 

_الدكتورة هناء علي اسماعيل أديبة و استاذة لغة عربية في جامعة طرطوس

أن نقرأ يعني أن نتغيّر ،أن نجعل شيئاً ما جديداً ،سواء أكان هذا النص أو القارئ أو القراءة نفسها.   

 لا أزمة للكتاب أبداً رغم التطور التقني الفذ والقراءة الإلكترونية إلا أن للكتاب ألقاً خاصاً لا ينافسه فيه شيء ومشكلة القراءة لدينا نحن العرب ليست جديدة وبالفعل هي أزمة قراء لا قراءة

2-للأسف هناك أسباب كثيرة منها الظروف المعيشية القاسية والسياسية وجملة الضغوط التي يعانيها الإنسان العربي بشكل عام خاصة وإننا على الأغلب لم ننتهِ بعد من الاعتداءات المتكررة على بلادنا أضف لذلك غياب المنهجية الصحيحة في التعامل مع الكتاب وللأسف غياب الجدية والميل الواضح إلى الثقافة الاستهلاكية

3 - تحفيز الشباب على القراءة مهمة مؤسسات مثل المدارس والجامعات وقد يكون من خلال برامج هادفة وجذابة في الوقت نفسه  مشكلة الشباب اليوم أنه يتخبط ولا يعلم ما يريد وللأسف الإعلام الاستهلاكي سبب في ذلك

4-  يمكن للمسابقات ان تؤدي دوراً جيداً في تحفيز الشباب نحو القراءة لكن هذه وسيلة تحتاج إلى إمكانات ضخمة ولا تكون متوفرة بشكل دائم

ختاماً ،  نتمنى أن نرتقي بشبابنا نحو ثقافة أفضل لصالحهم ولصالح الوطن فهم السواعد التي ستبنى بها البلاد 

 

 

الأديب بركات عزيز يونس شاعر من سورية وله عدة دوواين وأبحاث فكرية : 

حين تبدأ أمة بالتفكير فليس في وسع أيّ قوة أن تقف في وجه تحريرها  فالإنسان لا يستطيع أن يعتمد على الآخر قبل أن يعتمد على نفسه.

إنّ الناظر في أحوال حياتنا المعاصرة يتلمّس حجم التغيرات التي حدثت في حياة الناس وأنماط سلوكيّاتهم فيها، فبعد أن كان الكتاب صديق الكبير والصغير سواء المتعلم أو غير المتعلم فقد تغيرت النظرة باتجاه هذا الأمر  ويمكن القول عموماً إن مجتمعنا من أفقر المجتمعات في القراءة

فنحن أميون تقريباً في هذا المجال والأسباب الحقيقية تكمن في تقديس الموروث النقلي والاكتفاء به في جو مشحون من الانقسامات والخلافات المستمرة التي لا حل لها لاعتمادها على تاريخ مختلق ونصوص مختلقة

و الأمر الثاني أن الثقافة الحديثة لا تطبيق لها في بلادنا ولا استثمار مثلنا مثل الكثير من الدول النامية والمجتمعات الشرقية فالجامعات تقوم بتدريس مختلف العلوم الحديثة ولكن الخريجين بمعظمهم لا يطبقون ما تعلموه في الحياة العملية ولا يتابعون تحصيل مستجدات ما درسوه على الصعيد العالمي أسلوب وطريقة توظيف الخريجين في بلادنا مدمر للحياة العلمية والثقافية والمثال على ذلك

 لدينا مثلاً يوجد مئات المهندسين ولا يوجد بينهم من يمارس اختصاصه في العمل إلا قلة قليلة جداً وبدون كفاءة ... وواقع هؤلاء المهندسين سينعكس على حياتهم الأسرية وتربية أبنائهم .. إذ أن كل ما قرؤوه في حياتهم الدراسية رموه وراء ظهورهم وصارت غايته أن يتسلموا منصباً يمكّنهم من قبض الأموال بطريقة غير شرعية ولا تعتمد على خبراتهم ... وبالتالي فإن توجيه أبنائهم سيكون بما يخدم هذه الغاية

وبالمحصلة فإن قلة قليلة جدا في المجتمع تهتم بالتحصيل العلمي والمعرفي عن طريق القراءة ومتابعة مستجدات العلوم والثقافة والآداب...

وفي ظل غياب مؤسسات حاضنة وراعية للمواهب فإن هذا الميدان يعاني من تدمير ممنهج ينتهي فيه الموهوبون إلى اليأس و الإحباط 

والنقطة الثالثة نرى نحن البالغين أحياناً أننا لا نملك الوقت الكافي للقراءة لدينا الكثير من الالتزامات في العمل والحياة وهذا ما ينعكس سلباً على سلوكياتنا تجاه أطفالنا الذين يعتبروننا  القدوة الأولى في تعليمهم كل شيء وبقدر ما أكون مهتم بالمواضيع أنقل هذا إلى أولادي ومن ثم يأتي دور الروضة والمدرسة كونهما النواة الأولى في التعليم وقبل كل شيء يجب غرس حب القراءة في نفوس النشء واختيار ما يناسب عقله واهتماماته وليس ما يرغب الأهل وبقدر ما تكون البداية صحيحة تكون النتائج المرجوة صحيحة 

 

 

—المهندسة ميرفت عثمان أديبة وباحثة في الأدب العربي والتاريخ 

بدأت  الأزمة بملامح أزمة قراء حيث فعلت الثورة التقنية و وسائل التواصل الإلكترونية فعلها لجهة اسنسهال الوصول للمعلومة و القراءة على اختلاف الاوقات إذ أصبح من الممكن لأي شخص أن يصل للمعلومات عبر الزمان و المكان و بأقل التكاليف و الاجراءات

و تحولت الذاكرة الجمعية إلى حالة مختصرة بما يحدده هذا الغزو الثقافي عبر تقنياته و هكذا  بدأت تتحول الأزمة إلى أزمة مضمون اي إلى أزمة كتاب فلم يعد الثمين هو الذي يمثل النسبة الأكبر من المتوفر بين يدي القارئ بل سيطر الرث و أصبح الحصول على كتاب مقنع أمراً صعباً

فكرة الشعب العربي لا يقرأ لم تغرس بل تم الشغل على تجسيدها و جعلها واقعاً من خلال عوامل عدة أبرزها تحويل المجتمع العربي إلى مجتمع استهلاكي و إلهاء الإنسان العربي بأبسط احتياجاته و تفقير هذا المجتمع لتصبح القراءة حالة من الترف النخبوي

و هذا أمر أرادوا إيصال المجتمع العربي إليه لجعله فارغاً من الداخل و لا ننسى أن من قاد المجتمع العربي إلى وعيه في كل المراحل الصعبة هم المثقفون الذين نال منهم السفاحون و الأعداء

و بإبعاد المجتمع العربي عن القراءة و الثقافة يكون النيل منه بأكمله أسهل

أما حب القراءة فهو مرتبط بعوامل عدة منها التشجيع و التحفيز منذ الطفولة ومن هم الذين يشجعون؟ الأهل الذين أصبحت ترتبط كل مخططاتهم لأولادهم بما ستعود عليهم من فوائد سريعة ملموسة؟ أم ألمدرسة التي أصبح الكتاب فيها هماً بنظر المعلمة تريد إنهاءه كمنهاج مما يجعل التلميذ ينظر إليه كبعبع و لا يصدق متى ينتهي الامتحان حتى يتخلص منه و ربما يرميه

أما جيل الشباب تحول إلى النمط البصري المرتبط بالصورة و كذلك بالحياة السريعة التي أصبحت متطلباتها كثيرة فأصبح الوقت موزعاً عليها بشكل لا يتناسب مع منح الكثير من الوقت لقراءة كتاب بل يميل الشباب للحصول على المعلومة باختزال و بأقصر وقت ممكن

لتشجيع المجتمع على القراءة لا بد من تلافي أسباب العزوف و من المفيد تسخير وسائل التكنولوجيا للترغيب و لبناء علاقة ودية بين الطفل و الشاب من جهة و الكتاب من جهة أخرى من خلال وسائل وأساليب عديدة أولها الاهتمام بميولهم وما يرغبون بقراءته والذي يتوافق مع قدراتهم والتأكيد على دور القراءة الجماعية وترك هامش للمناقشة والحوار في ما يتم قراءته.

 

 

 

-المخبري  وسام وجيه تفاحة أديب وله العديد من التجارب في تقديم المهرجانات وحفل التأبين للشهداء 

موضوع يستحق بجدارة تسليط الضوء عليه لأن تشخيص أية مشكلة يساهم في إيجاد الحلول 

للعزوف عن القراءة أسباب كثيرة

  1 - تغير اهتمامات المجتمع   فدائماً نسمع عبارة(الثقافة ما بتطعمي خبز)  

لإنشغال الناس بالمقتنيات المادية  والبحث عن الكماليات والملذات المادية فأثر ذلك على نهم النفس للعلم والمعرفة

2 - وجود طبقة من أنصاف المثقفين  فرضت سلوكاً أو أسلوبا ً منفراً أثناء تقديم المادة الثقافية  مما جعل الناس تنفر منهم لبعدهم عن ثقافة الوعي في اختيار الزمان والمكان لفتح أي موضوع ثقافي

3 - وجود  الكتاب الإلكتروني  ووسائط التواصل  الاجتماعي ساهم إلى حد كبير  في قطع الحبل السري بين الإنسان والكتاب

4 -  وجود الأتاري  وصالات الألعاب  في البيت وفي الحي وعلى الجوال  ساهم كثيرا بملء فراغ الطفل بشكل سلبي  وهنا الخطأ تربوي

5 الجمهور الثقافي  المتبصر ممتلئ حد التخمة بالنقد السلبي  فهو دائماً يبث انتقاده للظروف والأحوال والأوضاع  دون امتلاك إمكانيات للحلول  فهربت الناس (ما حدا ناقصو شحنات سالبة)

6 - انفتاح العالم  على مراحل سريعة أكبر من قدرة المؤسسات على المواكبة ورغبة الجيل الجديد بمواكبة التقنيات  بدأت من خلال :

1 -- الستلايت والكم الهائل من المحطات

2 -- في كل بيت كمبيوتر يتم استخدامه كوسيلة عرض ل فيلم او ألعاب أو لسماع الأغاني

3 -- الجوال  والألعاب التي تم إدراجها على الأجهزة  

4 -- الإنترنت المفتوح وقنوات اليوتيوب المكتظة بكل شي تم تسويقه لجذب كل الشرائح وكل الاهتمامات 

وهناك أيضا ً ثقافة مجتمعية  بأنه لاقيمة لمن يبذل الجهد في تبوّئه للمناصب والمراكز الاجتماعية لأن الاصطفاء ليس مبنياً على الثقافة والاجتهاد بسبب وجود (التزكية_ الواسطة)

حلم الشباب بالسفر  دفعهم لتعلم لغات جديدة والبحث عن ثقافة جديدة تفيدهم في غربتهم  فعزفوا عن ثقافة تراثهم وتاريخ بلادهم وكتاب مفكريهم

الإيقاع السريع للحياة  جعل الناس تتحرك بما يشبه الضجيج الاجتماعية فلم يعد هناك وقت للخلوة أو لتفقد نواقص النفس وحاجاتها الثقافية فبحثوا عن منصات تقدم المعلومة بسرعة وبشكل مختصر(اليوتيوب)

ميل المجتمع للاختصاص في كل شيء  فصار معروفاً

أن  الأسر مفروزة :

1 -- بيت سياسي_ بيت ثقافي_بيت ديني _  بيت طبي(الأسرة أو العائلة كلهم أطباء)   

فحصر أنواع الثقافات ومنع  تنوعها

ولا ننسى البيت الموسيقي أيضاً 

تشجيع الأهل على القراءة محدود  الكل يرغب بدرجة عالية بامتحان الشهادة الثانوية  والجامعة من أجل دخول سوق العمل(طموح مادي)

2 -- تشجيع المؤسسات الثقافية محدود  ومرتبط بطبقة لها صلة بهم 

3 -- تشجيع المجتمع المثقف معدوم

موضوع يستحق بجدارة تسليط الضوء عليه لأن تشخيص أية مشكلة يساهم في إيجاد الحلول 

 

 

 

الشابة ريم علي دلا طالبة جامعية وأديبة واعدة 

إذا ألقينا نظرة على هرم الاحتياجات الإنسانية فإن أهم حاجتين هما الحاجات الفزيولوجية تليها الحاجة للأمان في حين تأتي الحاجة لتحقيق الذات و الأنشطة الإبداعية و التي تندرج تحتها القراءة آخر الهرم وفي أغلب الدول العربية ساهمت الحروب و الأزمات الاقتصادية في جعل الإنسان العربي دائماً يجري خلف لقمة العيش و بحثاً عن الأمان مما زعزع الاستقرار النفسي له و بالتالي تراجعت الثقافة ونتج عن تراجع الثقافة تراجع الكتاب 

ولذلك تم غرس فكرة أننا الشعب العربي لا يقرأ وهي من الأفكار الانهزامية الداخلية و التي غرست في اللاوعي الجماعي العربي و هذه الفكرة و غيرها زادت المسافة بين الإنسان العربي و الكتاب فزرع هذه الفكرة جعلها واقعاً معاشاً صحيح أن معدلات القراءة في الوطن العربي متدنية و لكن في أغلب الأحيان الفرق لا يكمن في كون الإنسان عربياً أو غربياً بل في الظروف

 فالإنسان الغربي يعيش غالباً في حالة من الأمان و الرفاهية الاقتصادية تتيح له استقراراً نفسياً و مستوى أعلى من الثقافة و التعليم بالتالي علينا زرع فكرة مغايرة و لاسيما في الأجيال الصاعدة "الشعوب العربية تقرأ و تفهم ما تقرأ "

فهنا علينا البحث في الطفولة و المراهقة عن السبب فالمعتقدات المغروسة في عقل الطفل تؤثر فيه طيلة حياته أما المراهقة فهي سن تكوين الشخصية و عدم حب القراءة إن كان سببه معتقداً ما أو تجربة فاشلة في انتقاء كتاب مناسب فغالباً ما نسمع إحدى الأفكار النمطية السلبية الراسخة حول كون القراءة فعلاً مملاً

و لأساليب التعليم المعتمدة على التلقين و الحفظ دور سلبي بالإضافة إلى الدور السلبي لوسائل التواصل الاجتماعي و التي تؤدي إلى إدمان الدوبامين الذي يحفز مركز المتعة في الدماغ دون بذل جهد في حين تتطلب القراءة بذل جهد عقلي كبير للحصول على هذه المتعة

أولاً يجب البدء بالأطفال فمثلاً يجب توفير مكتبة و لو صغيرة في المنزل للمدرسة دور كبير إذ يجب توفير مكتبة غنية و متنوعة و توعية الطلاب حول الاعتقادات الخاطئة المنتشرة فيما يتعلق بالقراءة و حثهم عليها يجب أن يقوم الكاتب العربي بدور فعال في الترويج للثقافة باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي في الجامعة يجب زيادة الأنشطة الثقافية و لاسيما الأدبية و جعل الكتب التخصصية و غير التخصصية في متناول أيديهم يجب استغلال الإعلام بالشكل الأمثل للترويج للقراءة

زيادة المسابقات المتعلقة بالقراءة و معارض الكتب وتقدير وتكريم الأدباء و القراء و المؤلفين و المترجمين و إعطائهم مكانة مرتفعة ليصبحوا قدوة الأجيال الصاعدة 

لحسن الحظ وفرت مواقع التواصل الاجتماعي عدداً هائلاً من الكتب المجانية و التي صارت في متناول الجميع و لإحداث هذا التحول يجب أولاً تحويل القراءة إلى عادة بالتدريج و ذلك بتخصيص وقت معين من اليوم للقراءة

 

ثانياً - تكوين العادات الجيدة قد يكون صعبا بلا شك و لكن ترك العادات أكثر صعوبة و من هنا تبرز أهمية جعل القراءة عادة 

اختيار الكتاب المناسب حسب اهتمام الفرد و عندما تصبح القراءة عادة يجب التوجه للقراءة بكافة المجالات

أما عن تجربتي الشخصية كقارئ ومشروع كاتب ومشاركة في مسابقات ماراثون 

شاركت عندما كنت في الصف العاشر لأول مرة في مسابقة ماراثون القراءة حيث حللت في المركز الأول على محافظة طرطوس و تأهلت إلى المرحلة النهائية على مستوى سورية حيث لم أستطع الفوز و لكن بسبب غنى هذه التجربة و تأثيرها الكبير في نفسي

شاركت مرة أخرى و تمكنت من الحصول على المركز الأول على مستوى سورية كما أتاحت لي ثقافتي و موهبتي في الأدب الفوز في الصف السابع بالمركز الأول على مستوى محافظة طرطوس بكتابة المسرحية و في الصف العاشر حللت في المركز الأول على مستوى سورية بكتابة القصة القصيرة

الثقافة تنعكس إيجابياً على كل مناحي حياتنا فهي تشبع العقل و الروح و تعطينا قدرة خارقة على التحليل و الفهم بوضوح و هي طريق الإنسان إلى فهم نفسه لأنه إذا فهمها فهم العالم ففي داخل الإنسان انطوى العالم الأكبر .

 

وفي الختام لا بد من القول والاعتراف  بالمشكلة والتي تعاني منها كل الشعوب  حتى أن الدول التي كانت شعوبها مدمنة على القراءة مثل الشعب الإنجليزي والشعب الفرنسي والأمريكي تعاني اليوم من هذه المشكلة. وقد نشرت مجلة (لوبوان) وهي من أشهر المجلات الفرنسية تحقيقاً موسعاً عن القراءة تحت عنوان "أنقذوا القراءة" 

وبما أن القراءة تعتبر من أعظم وسائل المعرفة وقد كانت الكتب  الملجأ الوحيد لكثير من المتعلمين لتمضية أوقات الفراغ بما هو مفيد ومن المعروف أنه لا يبقى شيء على حاله 

ومع التطور تعددت أساليب التسلية ولعل الآن أبرزها الإنترنيت ومواقع التواصل الاجتماعي والسوشيل ميديا و نجد القراءة الإلكترونية هي السائدة والطاغية في هذا الفضاء الرحب من المعلومات  ولذلك لابد من مواكبة هذ التغيير و توفير كثير من الكتب الإلكترونية ذات القيمة العالية والمتنوعة والتي يبحث عنها أفراد المجتمع ككل وأن نقدمها بطريقة مختلفة عما عهدناه فنحن نعلم أن الصورة والإعلان يلعبان دوراً كبيراً في هذا المجال ولا ضير في أن تكون بعض الكتب صوتية  وملونة ومقدمة بطريقة مغرية للناظر والباحث عنها وتولد الفضول لديه للولوج فيها ولايمكن إغفال دور الإعلام والفن في تقديم أي معلومة أو فكرة لتعزيزها لدى المجتمع .