د. إبراهيم محمود هارون يكتب : المتعطش المشتاق

د. إبراهيم محمود هارون يكتب : المتعطش المشتاق
د. إبراهيم محمود هارون يكتب : المتعطش المشتاق
 
 
 
جاءت بهم الصدفة ليلتقوا في محراب العلم و الثقافة و صحبتهم لم تكن مجرد صحبة بل كان يحيط بهم رباط روحي مقدس متزين بالأخلاق و الأدب و المحبة لم يكن هنالك اي فارق بينهم ألبتة بل كانوا متشابهين في الأفكار و الافعال لم يختلفوا و لم يتنازعوا لأنهم يرون أن الاختلاف و النزاع أمر محرم في مذهبهم بل كانوا دائما يدًا واحدة إذا ظلم أحدهم أستنصره الآخر و إذا مرض أحدهم كان طبيبة الآخر  دائما كانوا يتبادلون الأفكار و يتشاورون في كل أمورهم كانوا كمثل التؤم  الشيء الذي يحظي به أحدهم يُشرك الآخر فيه ليتفوق معه و يعاونه على امره  ، أحدهم كان رقيق المشاعر لا يحتمل شيء و الآخر كان قويًا لل تهزة عواصف الرياح فإذا رأي القوي صاحبة الرقيق كاد أن يقع سارع على إنقاذه قبل أن يقع على الأرض ففي قانونهم لا يصح أحدهم يقع فكلاهما سندًا لبعض و بعد سنوات من صحبتهم مليئة بالنجاح و التفوق و الود و الحب و الاخوة حدث ما لم يكن بالحسبان و تصادما فزل لسان أحدهم ليقول للآخر " يا تلميذي " من باب التفاخر بصاحبة و التباهي به لا ان يعلو عليه و يستخف من قدرة فلم يرضي الآخر بكلمة تلميذي ليقول له أتخذ تلميذًا غيري ليرد عليه الثاني قائلا له أتنكر بأنك تلميذي فرد عليه الآخر أنا متعجب من أسلوب تعبيرك و ثقتك الهوجاء اولم تعلم يا عزيزي بقول من طلب الإمامة فأخره  ، فتعجب الآخر من قوله قائلا له أتدري ما معني قول من طلب الإمامة فأخره  . فقال له أنت أستاذ و أستنبط بنفسك لعلك أن تفهم مرادي فقال الآخر له و هل الاستاذ يؤتي كل المعارف فقال له الآخر اذًا هل يصح أن يُعلم التلميذ أستاذه ليرد عليه الثاني بكل وقار و حكمة  رُب تلميذ فاق أستاذه و لم أرى يومًا تلميذًا يتعالى على معلمه فرد الآخر غاضبًا قائلا له أرى أنك متعطش ليكون لك تلميذ و لو أنك أرتويت من العلم لنبذت أن يكون لك تلميذًا  ، فتمالك الآخر نفسه لينسحب من الحديث بكل هدوء قائلا له {سلاما} و بعد ثواني يستعطف الآخر حال رفيقة و يقول له أرى في أحرفك حزن يا صديقي المفضال حينئذًا لم يكن رفيقة الآخر يمتلك الرغبة في الرد عليه فكرر قول {سلاما} مرة اخري و أنتهي حديثهم و تفارقا و كل واحدًا منهما ذهب في حال سبيلة في طرقات الليل المظلم الذي أنطفى فيه نور رفقتهم يلومون أنفسهم عما حدث فيما بينهم فالمتعطش زعِل زعل شديد و لم يكن لقول صاحبة من المصدقين و إنزعج كثيرًا و ظل طوال الليل يستمع لاغاني ام كلثوم متأثرًا بجراحه التي سببها له رفيق عمرة الذي تعلقت قلوبهم ببعض و قال ليت لم يحدث هذه الأمر و ظل حزينًا في كل يوم يمر و هو لا يلتقي و لا يتحدث بصاحبة و لم تطاوعة نفسة للمجيئ الى رفيقة ليقول له ارجع فقد أشتقت إليك حتى أطلق على نفسة لقب المتعطش المشتاق.