حسين الذكر يكتب : شاي وشناشيل .. مع السياب والسندباد ومطر !

حسين الذكر يكتب : شاي وشناشيل .. مع السياب والسندباد ومطر !
حسين الذكر يكتب : شاي وشناشيل .. مع السياب والسندباد  ومطر  !
مع انه ليس شخصية اسطورية .. الا ان ما حيك عنه وتناقل حوله من مغامرات يصل بعض ظاهرها للمعجزات والمؤثرات الاجتماعية والسياسية .. وقد ظل السندباد رمزا للتنقل والتحري والسفر والبحث والاستقصاء الميداني واحدث المعلومات وابعدها مما جعل العرب عامة واهل المشرق الاسلامي خاصة يرمزوه ويقتدون بسيرته ومنجزاته كدافع وحافز لاهمية الاستقصاء الاستكشافي ان جازت التسمية..
لم تكن تلك المصادفة الوحيدة التي اخذني بها الزميل الاعلامي علي الظالمي بعد ان قضينا معا ساعة اعلامية جميلة في اذاعة البصرة تحدثنا بها عن خليجي البصرة وما تعنيه واثارها والكثير من الملفات المتعلقة بها .  بعد ذاك اصطحبني بكرم بصراوي عراقي لا يظاهى ..برحلة جميلة لمدينة كانت وما زالت منذ فجر التاريخ وعبق الحضارة منبتا للخير ومخزن لاسرار النعم التي حباها الله واختصها بما تحتوي وتملك .. برغم مواجع الاجندات والاحتلاليين الذين دمروا ( كل اشياء حبيباتي ) .. الا ان البصري ظل  عاضا على ذلك العنصر الحضاري السومري والاكدي الظارب باطناب الارض رسخا وقدما يحمل معاناته بعنوان فيض كرمه واخلاقه وابداعه .  
وقفنا بسوق الفراهيدي تلك التحفة الجميلة وسط المدينة بفكرة رائعة لمكتبات زينة الشارع وانارة خضم الحدث واسعدت الزائر واملت اهل الدار بان العالم اصغر من ان ينال منهم .. وهم حبات مسبحة خير لم تنقطع يوم بتراتيل وتسابيح الحسن البصري وها هي شناشيلها وسيابها ومطرها ومقامها وقاماتها ...تزهو القا من جديد بعد ان اجدبت في الحصار واثكلت بالحروب وخربت بالفساد .. الا ان السماء كتبت لها ان تنهض وتظل عصية على الاخرين .. هنا تحديدا التقطنا صور تذكارية جنب السندباد تلك التميمة والشعار الذي ملا شوارع البصرة وازدانت بصوره كل ساحاتها ومعالمها وبقية مدن ورمزيات العراق جنبا الى جنب البصرة في صناعة مجد جديد يليق باهل المجد ..
لم يكتف الظالمي بذلك .. بل كان ترجمان اهله وناسه بفيض كرمه وطيب معشره وانزلني منحدرا من شوارع تشم بها ماض معتق وتقرا صفحات سفر غير محدود  من زوايا وازقة ومكتبات ومحلات ودكاكين وجمالات لا تحصى للمتذوقين حتى استقرينا بكازينو الادباء .. التي كانت هادئة ترتدي حلة الوقار برغم المواجع لكنها ما زالت تفتخر بوشم تاريخ وبصم ضمير ووعي شاعر لم يقف عند حدود فقيدها السياب الذي ما زال يشدو مرتلا على شط العرب ( عيناك غابة نخيل ساعة السحر ).. فيما ردد صداه على شفتي احمد مطر  ذلك الثائر الشاعر والفيلسوف المتمرد .. ( خيروني ان ارقص فوق الحبل او فوق الحبل فاخترت البقاء )..
على الكورنيش وقفنا نحتسي الشاي .. كان يبيعه غلام تانق بزي الحداثة لم تعبث به مواقع التواصل .. حتى بدا اصيلا  كل شيء فيه متقد حتى وجنتاه وعيناه بل اجمل ما فيه جذوة البقاء .. بعد ان اعطيناه فتافيت اجرة الشاي .. سالنا عن عملنا .. وحينما استعلم اني ضيف  .. اعاد الفلوس قائلا ( انتم ضيوفنا .. معيب ان اخذ منكم اجرة شربت شاي .. تشرفوني في بيتي وسيفرح بكم اهلي ويحتفون بكم اقاربي .. فسفرتنا ممدودة كل حين منذ الخليقة وما حبتنا السماء .. وستبقى معطاء ابدا .. برغم كل البلاء ..حتى القيامة وما تعني كربلاء ..) ..
 
في الليل كانت فرحتي اكبر  ولم تسعن الارض وانا اتمشى بشوارع بصرتنا حينما اتسعت حدقاتي جمالا يغطي مشاهد اخوتي وزملائي  العرب وهم يتمشون  بمنتصف الليل حتى مطلع الفجر يلتقطون الصور ويعيشون بهجة لقاء طال انتظاره منذ عقود تشكو ضمأ الحب والحنان والاخوة والوصال بعد  ان حاول الاخر تقطيع الاوصال .. هنا تكمن فلسفة خليجي البصرة التي ننتظرها ملجا وامل بالتغيير وفرصة للبناء والتعبير ومنهج مشاعر وتقرير  .. قبل ان تكون مجرد .. مباريات كرة وحدوتات اسرار  او تشفير ..