أعرف أن الوقت يبدو غير مناسب لاهتمام المواطن بقضايا البيئة والمناخ. وأعرف أن كثيرين ما زالوا يعتقدون أن البيئة والحفاظ عليها مسائل تتعلق بالطبقات المخملية. لكن الحقيقة عكس ذلك. والاهتمام بالبيئة تحول فى الأشهر القليلة الماضية إلى إنقاذ ما يمكن إنقاذه من البيئة والمناخ اللذين كشرا عن أنيابهما بعد طول صبر وانتظار. ارتفاع فى درجات الحرارة، فيضانات، موجات جفاف، رياح عاصفة، ارتفاع فى مناسيب المحيطات ودرجة حرارة مياهها، انقراض أنواع من الكائنات الحية من حيوانات وطيور وغيرها، شح الطعام، مزيد من الفقر وموجات النزوح بحثًا عن الماء والطعام، أوبئة وأمراض وقائمة تغير المناخ تطول وتنتشر ولا تترك شعبًا أو فئة من فئات الشعوب إلا وتؤثر فيها سلبًا. بمعنى آخر، نتأثر جميعًا بمن فينا الذين مازالوا يعتبرون البيئة ملفًا مخمليًا. وبالإضافة إلى استضافة مصر قمة المناخ العالمى «كوب 27» فى شرم الشيخ بعد أقل من ثلاثة أسابيع، وهذا حدث كبير، فإننا نسمع عبارة «الهيدروجين الأخضر» تتكرر كثيرًا. وتكرارها لم يعد مرتبطًا بدول بعيدة عنا أو ملفات لا تمت لنا بصلة. بل بات «الهيدروجين الأخضر» ملفًا مصريًا.
نسمع بين الحين والآخر عن اتفاق بين مصر والهند، أو بين مصر والمغرب، أو حزمة من الدول العربية، بينها مصر، تشكل مستقبل إنتاج الهيدروجين الأخضر. وببساطة شديدة، يتم استخراج الهيدروجين من الوقود الأحفورى (مثل الفحم والغاز الطبيعى) أو المياه أو مزيج من كليهما. وأبرز مصدر له حاليًا هو الغاز الطبيعى. لماذا يتجه البعض الآن للهيدروجين الأخضر؟، السبب المباشر حرب روسيا فى أوكرانيا، وما نجم عنها من مشكلات فى نقل الوقود وتوفيره. والأسباب الأكثر استدامة هى أنه يحتوى على ثلاثة أضعاف الطاقة الموجودة فى الوقود الأحفورى ما يجعله أكثر كفاءة.
والأهم من ذلك أنه يمكن أن يكون مصدرًا نظيفًا للطاقة حال توافر بعض المقومات. أستاذ النقل والمرور الدكتور حامد مبارك أرسل رسالة كلمات مهمة عن مصر والهيدروجين الأخضر. يقول: «فى إطار السلسلة العالمية للطاقة الجديدة من الرياح والشمس وغيرهما، فى مقدور مصر أن تكون مصدرًا عالميًا لإنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا المستخدمة فى السماد والوقود الأخضر للسفن ووسائل النقل وغيرها كثير. المقومات موجود وبوفرة، ومنها: مركز جغرافى متميز، موانئ، واستضافتنا كوب 27. أعلم أنه يجرى حاليًا إعداد استراتيجية الهيدروجين مع البنك الأوروبى للتعمير، فحبذا لو تم إنشاء كيان فنى للتخطيط والتنفيذ والمتابعة لمشروعات الهيدروجين الأخضر بمقتضى قانون، ويحتوى هذا الملف محترفين ويقوده خبير، ويكون تابعًا لرئيس الجمهورية. هذا الكيان عليه أن يدير الملف مع وزارات البترول والكهرباء ومنطقة سيناء الاقتصادية والصندوق السيادى والإدارة المحلية وغيرها من الجهات، بالإضافة إلى القطاع الخاص والشركات العالمية المتخصصة مثل «توتال» و«مارسك». «ما لا يدرك كله لا يترك جله».