شيئاً بيننا أصبح لا يطيق الآخر بقلم مراد ناجح

شيئاً بيننا أصبح لا يطيق الآخر بقلم مراد ناجح
شيئاً بيننا أصبح لا يطيق الآخر بقلم مراد ناجح
مابين رفض وقبول , وأمام إلحاحي الشديد لاصطياد فريسة تحقق قدراً من الرضا والطمأنينة لصيّاد محترف , هدأ الليل الذي طالما عج بثرثرة الكثيرين وانفض سامر الأصدقاء , دارت في رأسي أفكار كثيرة للسيطرة علي وحشة الليل وهدأته , اذهب إلي احد الجيران أستأنِس به , الوقت متأخراً , وقد يكون نائماً فأوقظه وهذا غير مقبول ولا يحقق رغبتي في الخروج من هذه الدائرة , أدير مفتاح التلفاز وأشاهد أحد الأفلام , ولكنّها أيضاً قد تفتح عليّ أبواب مغلقه لحياة شاهدة علي حروب قديمة وخسارات مازالت تؤرّقني حتى اليوم , أتّصل بأحد الأصدقاء , نعم , لم تكن هذه عادتي , ولكنها كانت محاولة أشبه بالجري في سباق لم يحزنني خسارتي فيه , قررت أن أتّصل به في هذا الوقت المتأخر من الليل , لم أعرف السبب الحقيقي في اختياري له , ولكن يبدو أن أطماعي كانت تفوق مجرد مكالمة , هو الأخر لم يتعوّد منّي اتصال في مثل هذه الأوقات , استمع إليّ بفضول جعله لا ينطق بكلمة واحده حتى أُنهي مكالمتي , كنت أترنّح في حديثي بين موضوعات مختلفة كان يطغي علي أغلبها نبرة حزن وضيق من أشياء كثيرة , تارة عن العمل وتارة عن الملل والوحدة وأخري عن حالتي العاطفية واني قاربت علي الخامسة والثلاثين ولم يطرق باب قلبي أحد , قارب الصباح علي الدخول مصحوباً ببعض الصقيع , تنهنه صديقي عبر التليفون ولكني لم أمهله الحديث عن شئ , فقد كنت أريد الحديث بمفردي وكأني ممثل علي خشبة المسرح لا يروق له سِوا مشاهدة الجمهور مصفّقاً له في نهاية العرض , ظللت مسترسلا في الحديث أشعر بخفّة جسدي وقد ألقيت بعضاً مما كنت أحمله في صدري وكان يثقل خطواتي مابين طريق وأخري , قاطعني وقال : هوّن عليك يا صديقي , لم أمهله المزيد من الكلمات , وظننت أنه يريد إنهاء المكالمة , ولكني أخذته في مكان أخر من الحديث حيث ذكرياتنا الجميلة , كانت هذه حيلة منّي لاستدراجه للمزيد من الوقت , لكنه تنبّه إلي ذلك وأخبرني أنّه يريد أن يستريح ما تبقي من الليل , لكي يستيقظ مبكرًا لصرف معاش والدته , ضحكْت وضحك هو الآخر , لأنّنا فهمنا أن شيئاً بيننا أصبح لا يطيق الآخر , للوقت سمعت صوت زقزقة العصافير وكنت حينها وصلت إلي نهاية أوّل فصول القصّة .