د. إبراهيم خليل إبراهيم يكتب : أنا وليلى

د. إبراهيم خليل إبراهيم يكتب : أنا وليلى
د. إبراهيم خليل إبراهيم يكتب : أنا وليلى
 
عندما قرأ الفنان كاظم قصيدة أنا وليلى بحث على مدار 5 سنوات عن الشاعر الذي كتبها ثم نشر نداءً وإعلاناً لمعرفة مؤلف تلك القصيدة وبالفعل توصل له فوجده رجل فقير ويدرس اللغة العربية في إحدى المناطق النائية ببغداد ووهو الأستاذ حسن المرواني عندما تقابل مع الفنان كاظم قدم له القصيدة كاملة وهى مكونة من 355 بيت شعر. 
في الاستديو بدأ الفنان كاظم الساعر في تلحين قصيدة أنا وليلى وإذ بالشاعر حسن المرواني يبكي وقال : أنه ليس بشاعر وقد كتب القصيدة تعبيراً عن حالة إنسانية مر بها أيام الدراسة الجامعية .
حسن المرواني من مدينة ميسان العراقية وينتمي لأسرة فقيرة وكان يعمل ويدرس في نفس الوقت ومرت الأيام وأصبح من الطلاب المجتهدين في كلية الآداب جامعة بغداد ووقع نظره على فتاة تسمى ليلى فأحبها وأحبته واتفقوا على الزواج بعد التخرج وفي آخر سنة من العام الدراسي أتت ليلى ومعها خطيبها فصُدم حسن المرواني وبعدها ترك الدراسة لفترة ثم عاد وفي يوم التخرج دخل يرتدي بدلة لوها أسود وسلّم على الأصدقاء وجلس معهم قليلاً من الوقت وهو يحبس دموعه .
كان قبل ذلك بيومين قد قال حسن المرواني لصديقه أشرف الكاظمي أنه كتب قصيدة لكن ليس بوسعه أن يقرأه 
فقال له أشرف : ارجو أن تقرأ القصيدة وبعد نصف ساعة من جلوس حسن المرواني مع أصدقاءه إذ بصوت ينادي : 
ستسمعون الآن يا إخوان قصيدة من حسن المرواني 
فوقف حسن مندهشاً والأنظار تتلفت إليه وأجبرته تلك الأنظار على النهوض فأمسك الميكروفون وقال : سألقي عليكم قصيدتي الأخيرة ثم التفت ونظر إلى محبوبته بنظراتٍ كلها حزن وخطيبها واقف بجانبها وقال : 
ماتت بمحرابِ عينيكِ ابتهالاتي 
 واستسلمت لرياح اليأسِ راياتي 
جفّت على بابكِ الموصودِ أزمنتي 
 ليلى وما أثمرتْ شيئاً نداءاتي
فبكت ليلى وذهبت وجلست في المقعد الأخير ودموعها تحرق وجنتيها فنظر إليها من جديد ثم نظرة سريعة منه إلى خطيبها وقال : 
عامانِ ما رفّ لي لحنٌ على وترٍ 
 ولا أستفاقت على نورٍ سماواتي 
أُعتّقُ الحبَ في قلبي وأعصرهُ 
 فأرشفُ الهمَّ في مغبرِ كاساتي
ثم ترك حسن المرواني الميكرفون لكن صديقه أشرف صرخ : أكمل .. هطلت دمعات حسن المرواني وقال : 
ممزق أنا لا جاه ولا ترف  
يغريكِ فيّ فخلّيني لآهاتي
لو تعصرين سنين العمرِ أكملها 
 لسال منها نزيفٌ من جراحاتي
ثم أشار إلى حبيبته بإصبع السبابة وبكل حرارةٍ قال : 
لو كنتُ ذا ترفٍ ما كنتِ رافضةً .. حبي 
 ولكن عسرَ الحالِ فقرَ الحالِ ضعف الحالِ مأساتي 
عانيتُ ..عانيتُ..لا حزني أبوحُ بهِ
 ولستِ تدرينَ شيئاً عن معاناتي 
أمشي وأضحكُ يا ليلى مكابرةً ..
علّي أُخبي عن الناس أحتضاراتي 
لا الناسُ تعرفُ ما أمري فتعذرهُ ..
 ولا سبيلَ لديهم في مواساتي 
يرسو بجفنيَّ حرمانٌ يمص دمي .. 
ويستبيحُ إذا شاء ابتساماتي 
معذورةٌ ليلى .. إن أجهضتِ لي أملي ..
لا الذنب ذنبكِ . . بل كانت حماقاتي 
أضعتُ في عربِ الصحرٍاءِ قافلتي 
وجئتُ أبحثُ في عينيكِ عن ذاتي 
وجئتُ أحضانكِ الخضراء ممتشياً ..
كالطفلِ أحملُ أحلامي البريئاتي 
غرستِ كفكِ تجتثين أوردتي .. 
وتسحقين بلا رفقٍ بلا رفقٍ مسراتي
بكى أشرف وقبل حسن وقال : أكمل فقآل :
واا غربتاه مضاعٌ هاجرت سفني عني ..
 وما أبحرت منها شراعاتي 
ثم صرخ وقال : 
نُفيت واستوطن الأغرابُ في بلدي .. 
ودمرو كلَ أشيائي الحبيباتي 
تأثر الجميع إلى حد البكاء ثم التفت حسن إلى حبيبته وقال : 
خانتكِ عيناكِ في زيفٍ وفي كذبٍ 
ثم التفت إلى خطيبها وقال : 
أم غركِ البُهرج الخدّاع 
مولاتي .. 
فراشةٌ جئتُ أُلقي كحلَ أجنحتي ..
 لديكِ فاحترقت ظلماً جناحاتي 
أُصيحُ والسيفُ مزروعٌ بخاصرتي ..
 والغدرُ حطّم آمالي العريضاتي
قالت حبيبته ليلى وعيناها تفيضُ بالدموع : يكفي أرجوك حسن أرغموني أهلي على ذلك لأنهُ ابن عمي فصرخ : 
وأنتِ أيضاً ألا تبتْ يداكِ ..
إذا آثرتِ قتلي .. واستعذبتِ أنّاتي 
من لي بحذف اسمكِ الشفافِ من لغتي .. 
إذن ستُمسي بلا ليلى 
ليلى حكاياتي   
ترك حسن الميكرفون واحتضنه أشرف واختلط الأنين بالبكاء 
وخرج حسن وبعد خمس دقآئق أغمى على ليلى 
ونقلوها للمشفى  ورجعت بحالة جيدة وذهب ابن عمها إلى حسن المرواني وهو يبكي وقال : 
أنا آسف ماكنتُ أعرف بهذا والله 
جرت هذه الأحداث في  عام 1970 
ورحل حسن المرواني نظرا للحصار الجائر على العراق من الامم المتحدة حيث هاجر إلى ليبيا عام1994وبقى هناك فترة من الزمن ثم عاد إلى العراق وهو مصاب بشلل نصفي وفاقد الذاكرة وعاش طريح الفراش والقصيدة خُطّت على جدار جامعة بغداد وموجودة إلى الآن تخليداً لذلك الحب الرائع المحزن.
حصلت أغنية أنا وليلى على المركز السادس عالميًا .