سوف يشهد التاريخ بأن الرئيس عبدالفتاح السيسى أسقط مشروع الإخوان فى الشرق الأوسط كله وليس فى مصر وحدها، وأن «دولة الخلافة المزعومة» لم يعد لها منصات سياسية فى الوطن العربى.. وأن «الأذرع العسكرية» للإخوان لم ولن تصمد فى مواجهة الجيش المصرى، وسواء تمركزت إعلامياً وسياسياً وعسكرياً أو تفرقت وتخفت فمصر لهم بالمرصاد.
حين قال السيد الرئيس «مصر تحارب الإرهاب نيابة عن العالم» كان صادقاً، وعندما تحدّث أكثر من مرة عن إنهاء «الحروب والنزاعات المسلحة» فى المنطقة لبدء الإعمار والاستقرار، كان يستكمل دوره السياسى فى تصفية تلك النزاعات بطرق سلمية.. الحرب لم تنتهِ، والرئيس لم يغمض جفونه ليستريح حتى الآن.
فالمعركة الفكرية مع «الإسلام السياسى» ربما لم تبدأ حتى الآن، وتجفيف منابع الإرهاب لم يتم. «السيسى هو الرقم الصعب» إقليمياً ودولياً، والعالم كله يدرك ذلك، حتى الدول التى توفر الملاذات الآمنة لفلول الإخوان وتتركهم يشعلون نيران الشائعات والتحريض والاغتيالات (على اليوتيوب والسوشيال ميديا).. كأن لسان حالهم يقول: ليبقَ «السيسى» ولكن مهموماً بالغلاء والشائعات.. لتبقَ مصر ولكن محنية ضعيفة مديونة تفكر فى خدمة الدين ولا تفكر فى تسليح جيشها.. لكن للأسف هذه المصطلحات لم يعد لها وجود الآن لأن «السيسى مختلف».
بصراحة أكثر، تذكّروا القاعدة الانتخابية التى انقسمت وجاءت بالإخوان للحكم، والمعارك الفقهية ليل نهار، وأبواق التكفير التى تحاول جاهدة نشر الفتنة الطائفية.. لكن هؤلاء ليسوا كل «الشعب المصرى»، فقط هم منظمون للغاية وصوتهم عالٍ، الشعب المصرى هو الذى اتفق -دون أن يلتقى- على «كلمة السر» وراهن على «المشير» -آنذاك- وعلق الثورة فى رقبته.. وكلكم تذكرون عبارة «انزل يا سيسى».. كلكم تذكرون «وردة الرئيس» لمن تعرضت للتحرش عشية تنصيبه رئيساً للبلاد، وصرخة أى مواطن هتف باسمه ليناديه فى أبسط احتياجاته، وتابعتم كم مرة لبى الرئيس.. هذه هى العلاقة الحقيقية بين الرئيس وشعبه وبلده.. وهى علاقة عصية على التخريب.
هذا الشعب العريق حين أراد أن يبرهن ثقته فى الرئيس الذى اختاره، لم يستمع لدعاوى الإخوان بـ«تحريم شهادات قناة السويس الجديدة»، كان المشروع يتطلب 68 مليار جنيه، وحدث فيه اكتتاب للمصريين تمت تغطيته بشكل كامل خلال 10 أيام فقط لجمع تمويل اللازم للمشروع.
أنا شخصياً اشتبكت مع أحد المعارضين المشككين فى الجدوى الاقتصادية للقناة الجديدة، على «تويتر» وفى مداخلات تليفزيونية، يقول الرئيس السيسى: «كانت هناك حالة من التشكيك والإساءة للدولة المصرية وخفض لمعنويات الشعب المصرى فى ذلك الوقت»، مؤكداً أن القناة الجديدة حققت إيرادات كبيرة أكبر من الرقم الذى تم جمعه من المصريين، مبيناً أن دخل القناة كان يتراوح ما بين 4.8 مليار دولار و5 مليارات دولار، وزاد حالياً ليصل إلى 5.5 مليار دولار و6 و7 مليارات دولار.
هل بيننا من لم يدرك بعد أن القوة الحقيقية لمصر لا بد أن تكون «اقتصادية»، وأن المكانة السياسية والسمعة الدولية لا مصداقية لها إن كانت الدولة عاجزة.. حين يقول الرئيس للأشقاء فى الخليج «مسافة السكة» إذا أصابهم مكروه لا بد أن تكون لدينا الجاهزية لذلك.
عندما قال القائد الأعلى للقوات المسلحة: «إن عدد شهدائنا الذين سقطوا خلال المواجهات من 2013 حتى الآن 3288 شهيداً، و12280 مصاباً، وهو المصاب الذى أصيب إصابة تعيقه عن العمل».. كان لا بد أن ننتبه إلى دلالة هذه الأرقام فى المعركة التى خاضها جنودنا البواسل.
الآن يتساءل الرئيس «نرجّعهم؟» مشيراً للإخوان، كل هذه الوساطات التى رفضها الرئيس، ومشاريع المصالحة المتكررة من أطراف عدة كانت تجنبه بسهولة الشائعات والتشكيك فى إنجازات الدولة، «المصالحة» تعطيهم جزءاً محسوباً من شرعية الوجود السياسى، لا تخصم من نظام الحكم ولكن تجنبه «سلبية المواطن» فى التعامل مع الأكاذيب والشائعات.
عندما يلوح الرئيس بسهولة المصالحة فهو يعلم تماماً الرفض الشعبى لها.. لكن حتى لا نخذله فى «معركة الوعى».. يفتش الرئيس بيننا عن «المواطن الإيجابى» عن روح 30 يونيو، وربما يذكّرنا بكلفة الثورة وطبيعة العدو.
نحن من خلفكم -فخامة الرئيس- جبهة شعبية صامدة فخورة بإنجازاتها: «لا تصالح».