عندما لا يجرؤ أحد على قول الحقيقة يصبح المناخ مناسب لكل وقح تهيأ له نفسه أنه مشروع بطل ! اما اذا اختلطت الحقيقة بالكذب يصبح الارتباك هو السمة الغالبة و يظهر المزيد من مدعي البطولة ! و المزيد من المطبلاتية و المؤيدين لأي قرارات حكومية و المزيد من اصحاب الاجندات و الوكلاء لجهات خارجية و العملاء ،،
اصبح هؤلاء الأبطال الجدد ممن لا يعنيهم الوطن و يصنفون علي انهم مؤيدين او معارضين يخلطون الأوراق و يتهمون أصحاب المباديء و المدافعين عن الحق و المهمومين بالصالح العام بأنهم أعداء الوطن و قائمة الاتهامات طويلة ! مما ادي الي غياب تام للعقلاء و الراشدين و أصبحت الساحة السياسية كحلبة مصارعة اختلط فيها السياسة و الامن و الاقتصاد و جمهور الغالبية من الطيبين لا يسمع الا الضجيج و جميع المصارعين يأملون في استقطاب هذا الجمهور الحائر الذي لا يعرف من هم أهل الشر و من هم أهل الخير !
و ما زاد الأمر تعقيدا ما يبث في البرامج التلفزيونية من تشكيك في كل شيء بإعتباره عمل وطني بالرغم ان معظم مشاهير الإعلاميين وكلاء لرجال أعمال و أصحاب قنوات او للسلطة أو لمن يدفع أكثر و كذلك الحال لإعلاميين الصف الثاني و الثالث حتي اليوتيوبرز و البلوجرز أو صناع المحتوي و نشطاء منصات التواصل الاجتماعي الا من رحم ربي ممن يساهمون في زيادة الوعي و برغم عددهم القليل إلا أنهم استطاعوا وسط هذا الضجيج ان يصلوا إلي الجماهير بالمصداقية رغم ضعف الإمكانيات ،،
كان مصطلح أهل الشر قد أرتبط لعدة سنوات بالجماعات الارهابية و الدول التي تمول الارهابيين الذين يفجرون و يقتلون ! الان اتسعت رقعة هذا المصطلح ليشمل من يتحدث بالشأن العام او له رأي مخالف في بعض القضايا مثل التنازل عن جزيرتي تيران و صنافير او ازمة سد النهضة او بيع اصول الدولة و ارتفاع الاسعار و اللجوء إلي الاستدانة من البنك الدولي و الفراغ و الجمود السياسي و غيرها من الأمور المحرمة في ظل أزمات متتالية و حسابات متناقضة و أولويات معطلة و إنشغال بالخارج إقليميًا و دوليا علي حساب الداخل و القاعدة العريضة من المطحونين ! علي حساب الظهير الشعبي الذي يتآكل ،،
ان الواقع مرشح لمزيد من التجاذبات نتيجة للأزمات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ! هذه المشكلة قد تعرقل اي عمل من شأنه اعادة الهدوء و الاستقرار الى الشارع المصري الا اذا اتبعت الدولة سياسة هادئة اكثر مرونة بعيدا عن التجاذبات و سياسات العند و تخليص الحسابات ،، هذه العملية تحتم علي الرئيس ان ينأى بنفسه ان يكون طرفا في هذه التجاذبات فهو رئيس لجمهورية مصر و ليس رئيسا للجمهورية الجديدة او شعب 30 يوليو ! رئيسا للشعب المصري العظيم بما فيهم اهل الشر من المعارضين و اهل الخير من المؤيدين علي حسب التصنيف الجديد أو ما يروج له الإعلاميين و كهنة المعبد و المنافقين ! و قد يري البعض ان لا أمل في مسألة الحوار الوطني الذي بدأت جلساته التحضرية و لا يعولون عليه كثيرا نتيجة لعدم قدرة الدولة علي كسب ثقة اي طرف خلاف مؤيدي النظام في دخول هذه المناقشات و الاعلان المستمر عن عدم التزام الدولة باي من النتائج او التوصيات لهذا الحوار بالاضافة لرفض الدولة طلبات من استدعتهم من النخب السياسية و اعتبرتها شروط و طلبات لا يحق لهم الحديث عنها ! و البعض متفائل جدا و يعول كثيرا علي هذا الحوار الوطني و يري أنها خطوة ايجابية تقودنا نحو الجمهورية الجديدة و أن هناك بعض القضايا تحتاج الدولة للاستماع لرأي الجمهور العام حولها لكنهم يتكلمون عن القضايا الاجتماعية و الاقتصادية فقط و يجرمون الحوار في القضايا السياسية و يعتبرونها وقاحة ! و علي الجهة الاخري الاطراف المستبعدة من الدخول في الحوار منذ البداية و التي تمنت ان تدخل في الحوار و تم رفضها رأت ان الرئيس يحتاج إلي الظهور علي رأس نظام تشاركي لتحسين صورته و الإدعاء بما يسمى الإصلاحات و أن المعارضة وافقت علي التقشف و علي خطة صندوق النقد الدولي و يرون ان هذه المعارضة صورية و سوف تعود الي الظل قريبا بعد انتهاء مهمتها ،، المؤلم ان كل طرف يطلق علي الطرف الاخر مصطلح أهل الشر حتي فقدت الجملة معناها عند الجمهور العريض و اصبح الجمهور يري ان جميع من في حلبة المصارعة هذه هم أهل شر لذلك توقف عن تشجيع اي طرف و لكن الانتظار في رايي لن يطول فالطوفان الذي لا يفرق بين اهل الخير و اهل الشر قادم لا محالة ،، اللهم احفظ مصر و أهلها اللهم امين ،،