أَوْحَشْتَنِيْ ... قَالَتْ : وَأَنْتَ ... أَمَا تَرَى؟!
مَا كَانَ مِنْ أَثَرِ الْفِرَاقِ وَمَا جَرَى؟!
آلَمْتَ زَهْرَ الْيَاسَمِيْنَ فَدَاوِهِ
لِيَعُوْدَ يَعْبِقُ بِالنَّسِيمِ مُعَطَّرَا ؟!
بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَلْفُ بَابٍ مُوصَدٍ
وَالدَّهْرُ يَأْبَى أَنْ نَعُوْدَ ، فَمَا تَرَى ؟1
كُوْنِي عَلَى عَهْدِ الْوَفَاءِ أَجَبْتُهَا
مَا كَانَ رَبُّكِ لِلْقُلُوبِ مُغَيِّرَا؟!
مَا بَيْنَنَا وَطَنٌ لِقَلْبَيْنَا مَعًا
هَلْ كَانَ ذَا مِمَّا يُبَاعَ وَيُشْتَرَى؟!
عُودِي كَمَا كُنَّا بِأَوَّلِ عَهْدِنَا
سَيَكُونُ مَا كَانَ الرَّحِيمُ مُقَدِّرَا
وَتَصَبَّرِي بِدَقَائِقٍ نَسْتَلُّهَا
فَأَنَا بِهَا لَمَّا أَزَلْ مُتَصَبِّرَا
قَالَتْ أَتَذْكُرُ عَهْدَنَا ؟ فَأَجَبْتُهَا
هَلْ كُنْتُ يَوْمًا نَاسِيًا كَيْ أَذْكُرَا؟!
إِنْ يَدَّعِ الشُّعَرَاءُ حُبًّا مُفْتَرًى
مَا كَانَ حُبُّكِ مُنْيَتِي أَنْ يُفْتَرَى
مُذْ أَنْ عَرَفْتُكِ لَمْ يغِبْ عَنْ خَافِقِي
وَبِنَاظِرَيَّ الْحُزْنُ يَسْكُنُ لَا الْكَرَى ؟!
مَا غَابَ طَيْفُكِ بُرْهَةً عَنْ نَاظِرِي
فَالْغَيْثُ أَنْتِ إِذَا تَعَانَقَ وَالثَّرَى
أَدْمَنْتُ خَمْرَكِ مُنْذُ أَوّلِ قُبْلَةٍ
وَأَنَا الَّذِي مَا ذُقْتُ يَوْمًا مُسْكِرَا؟!
أَوْفَيْتِ حَقَّ الْقَلْبِ مِنْ عِشْقٍ طَغَى
جَمَعَ الْغَرَامَ مُقَدَّمًا وَمُؤَخَّرَا
وَجَعَلْتِ مِنْ بَوْحِ الْقَصِيْدِ حِكَايَةً
عَلَتِ الْنَّسِيْمَ إِذَا دَنَا مُتَعَطِّرَا
وَأَهَجْتِ جُرْحًا بِالْفُؤَادِ مُخَبَّأً
وَأَبَنْتِ مَا سَتَرَ الزَّمَانُ وَأَضْمَرَا
هَلْ كَانَ حُبُّكِ خِنْجَرًا فِيْ أَضْلُعِي
أَحْنُو عَلَيْهِ وَأَسْتَجِيْرُ وَمَا دَرَى؟!
إِنْ تَطْلُبِي مِنِّيْ النُّجُوْمَ جَلَبْتُهَا
وَلِأَجْلِ أَمْرِكِ كُلُّ عُسْـرٍ يُسِّـرَا!
يَا مَنْ إذَا مَسَّ الْفُؤَادَ حَدِيْثُهَا
نَثَرَ الْجُمَانَ بِسَاحِهِ وَالْجَوْهَرَا!
يَامَنْ إِذَا مَرَّ الْنَّسِيْمُ بِطَيْفِهَا
فَاقَتْ رَوَائِحُهُ الْشَّذَى وَالْعَنْبَرَا !
تَتَفَاوَتُ الْأَزْهَارُ فِيْ بَوْحٍ لَهَا
لَكِنَّ عِطْرُكِ لَمْ يَزَلْ مُتَصَدِّرَا
إِنْ فَاحَ عِطْرُكِ فِى الْقَصِيْدِ تَسَامَقَتْ
مِنْ حُسْنِهَا سَمَتِ السَّحَائِبَ وَالذُّرَى
مَا بَالُهَا إِنْ بُحْتُ باسْمِكِ مُنْيَتِي
سَتَفِيْضُ عِطْرًا خَالِصًا وَمُكَرَّرَا!
يَتَحَدَّثُوْنَ عَنِ الْقَصِيْدِ وَحُسْنِهِ
وَالْحُسْنَ كُنْتِ لِمِا بِهِ وَالْمَصْدَرَا!
يَتَعَجَّبُونَ إِذَاْ أَطَلْتُ قَصَائِدِي
فِيْ وَصْفِ حُسْنِكِ مُمْعِنًا وَمُكَرِّرَا!
يَتَسَاءَلُوْنَ وَيُنْكِرُوْنَ أَجَبْتُهُمْ :
عَجَبًا لِمَنْ لَمْ يَلْقَهَا أَنْ يُنْكِرَا!
لَكِنَّنِي إِنْ جِئْتُ بَحْرَكِ صَادِيًا
لَا غَرْوَ أَنْ أَرْوِيْ الظَّمَا مُسْتَكْثِرَا!
كَانَتْ هَشِيْمًا لَا حَيَاةَ وَلَا نَدَى
فَغَدَتْ بِغَيْثِكِ كَالرَّبِيْعِ مُخَضَّـرَا!
قَدْ كُنْتُ قَبْلَ هَوَاكِ شِعْرًا بَاليًا
فَغَدَوْتُ مُسْتَبِقًا نِزَارَ وَأَشْهَرَا!
مِنْ قَبْلِ حُبِّكِ كُنْتُ صَوْتًا خَالِيًا
مِنْ كُلِّ أَلْوَانِ الْمَعَانِيْ مُقْفِرَا!
فسَـرَيْتِ بِيْ نَحْوَ ابْتِعَاثِ قَصَائِدِي
وَعَرَجْتِ بِيْ فَوْقَ الْنُّجُوْمِ لِأُسْفِرَا!
لَوْلَاكِ مَا كَانَ الْقَصِيْدُ وَلَا أَنَا
قَدْ كُنْتِ أَنْتِ لَهُ النَّدَىْ فَتَعَبْقَرَا!
مَنْ كَانَ صَوْتًا بَيْنَ جَمْعٍ لَا يُرَى
قَدْ صَارَ بَعْدَ هَوَاكِ بَدْرًا نَيِّرَا
مَا ضَلَّ حَرْفٌ أَنْتِ فِيْهِ وَمَا غَوَى
سَيَظَلُّ يَعْبِقُ فِيْ هَوَاكِ مُسَخَّرَا
مَا زَانَ شِعْرِيْ غَيْرَ فَيْضٍ مُزْهِرٍ
مَا عَاشَ يُزْهِرُ فِيْ رُبَاكِ مُصَوِّرَا
الْقَلْبُ يَنْدِبُ حَظَّهُ لِعِنَادِهَا
وَالْشِّعْرُ يَغْبِطُ نَفْسَهُ مُسْتَكْبِرَا!
مَا كُلُّ مَنْ نَظَمَ الْقَصِيْدَ بِشَاعِرٍ
مَا لَمْ يَكُنْ فِيْ حُبِّهِ مُتَحَيِّرَا!
إِنِّيْ لَأَسْتَسْقِيْ الْفُؤَادَ بِنَظْرَةٍ
مِنْ فَيْضِهَا يَغْدُوْ الهَشِيْمُ مُخَضَّـَرا
فَرُؤَاكِ سُقْيَا لِلْفُؤَادِ وَآيَةٌ
أَنِّيْ عَلَىْ قَيْدِ الْحَيَاةِ كَمَا الْوَرَى ؟!
إِنْ رَامَ طَيْفُكِ لَيْلَهُ نَسِـيَ الْكَرَى
وَسَرَى ليَصْدَحَ بِالْجَمَالِ مُبَشِّـرَا؟!
فَلْتَعْذُرِينِيْ إِنْ تَجَاوَزْتُ الْمَدَى
أَوْ كُنْتُ يَومًا عَاشِقًا مُتَهَوِّرَا
فَدَعِي الْعُيُونَ بِفَيضِ بَحْرِكِ تَلْتَقِي
لِأَفِيْضَ حُسْنَكِ بِالْقَصِيدِ وَأُمْطِرَا ؟!
وَبِحَقِّ مَا بَيْنِي وَبَيْنِكِ لَا يُرَى
لَا تَجْعَلِي دَوْمًا جَوَابَكِ : لَنْ تَرَى !