تفخر الأمم اليوم بمن لديها من علماء وادباء وفنانين، وكتاب ومفكرين وباحثين، في جميع فروع المعرفة.
ونحن نتناول في هذه المقالة، الحديث عن باحث متميز ومبدع في الأدب والتاريخ والحضارات والثقافات، هو الباحث الموسوعي (محمد قجة). الذي يعتبر منارة ثقافية في مدينة حلب العريقة. وهو يتمتع على الصعيد الشخصي، بالطيبة والتواضع، والالتزام بالقيم الأخلاقية والوطنية والانسانية.
بطاقة تعريف
-محمد قجة... علم من أعلام الفكر والثقافة في سوريا والبلدان العربية.
-ولد الباحث والأديب والمربي (محمد قجة) في مدينة حلب في (27 كانون الأول/ديسمبر من عام 1939م.
-يحمل إجازة في الأدب العربي، ومؤهل تربوي من جامعة دمشق، ودراسات عليا في تاريخ الأندلس وبلاد الشام (جامعة الجزائر).
-باحث في الأدب والتاريخ والحضارات، والتراث العربي والاسلامي.
-رئيس مجلس إدارة (جمعية العاديات) منذ عام (1994). وهو اليوم رئيسها الفخري.
-الأمين العام لحلب، عاصمة الثقافة الاسلامية عام (2006).
-مستشار منظمة (اليونسكو Unesco) في سوريا، لشؤون التراث غير المادي (2010).
-المدير المسؤول، ورئيس تحرير (مجلة العاديات) الفصلية للتراث والآثار.
-عضو (اتحاد الكتاب العرب).
أعماله وإنجازاته
إن اعمال وانجازات الباحث (محمد قجة) يصعب حصرها، وهي راسخة في اذهان وقلوب أهالي مدينة حلب العريقة، التي حملت إرثاً حضارياً، لامثيل له على مر العصور. وقد ذكرها (شكسبير) مرتين في مسرحياته.
والباحث (محمد قجة) باحث متمكن، وقد جعل من نفسه نموذجاً للباحث المتخصص في كتاباته وأبحاثه الأدبية والتاريخية. وهو اليوم أحد رموز الطموح العلمي والمعرفي، الذين أسهموا في رفع الفكر إلى مستويات إنسانية رفيعة.
قدم الباحث (محمد قجة) ونشر مئات المقالات والدراسات والأبحاث في مختلف القضايا الفكرية والتاريخية والأدبية. كما شارك في العديد من المؤتمرات العربية والعالمية.
وللباحث (محمد قجة) مؤلفات عديدة مطبوعة منها (شجرة الدر- عبد الملك بن مروان- صلاح الدين- القدس في عيون الشعراء- حلب في مطلع القرن العشرين- دمشق في عيون الشعراء- محطات اندلسية) وغيرها.. وفي مجال الكتابات المسرحية، له مسرحيات عديدة منها (حلب على صفحات التاريخ- الملكة ضيفة خاتون- بيت الحكمة- زرياب).
كما كتب حول الموشحات الحلبية والأندلسية. وقدم حولها دراسات ومعلومات هامة. كما أن له أبحاث ودراسات حول (لسان الدين بن الخطيب ومحيي الدين بن عربي والمعري).
ومن أعماله المتميزة اكتشاف موقع منزل الشاعر (المتنبي) في حلب. وكان له دور كبير في نجاح احتفالية (حلب.. عاصمة الثقافة الاسلامية) في عام (2006) التي شارك فيها عدد كبير من المفكرين والباحثين العرب والأجانب.
زار الباحث (محمد قجة) أثكر من خمسين بلداً وشارك في أكثر من (100) ندوة فكرية وثقافية.
لديه مكتبة منزلية تضم نحو (13) الف عنوان ومخطوطات ومطبوعات قديمة، منها نسخة من القرآن عمرها نحو (700) عام وديوان المتنبي بخط اليد.
جمعية العاديات
-هي جمعية تاريخية ثقافية، تأسست في مدينة حلب (2 آب/ أوغسطس 1924) وهي بذلك أقدم جمعية في العالم العربي، تهتم بالتاريخ والآثار. وهي لاتتدخل بالشأن السياسي أو الديني. وتقوم على أسس الديمقراطية. ولها اليوم فروع في عدد من المدن السورية.
-كان أول رئيس لها هو المؤرخ (الشيخ كامل الغزي) ومن رؤسائها السابقين (الأب جبرائيل رباط) و (الشيخ راغب الطباخ) و (الدكتور عبد الرحمن كيالي) و (الدكتور أدولف بوخه).
-يبلغ عدد اعضائها اليوم اكثر من خمسة آلاف عضو.
-تقوم هذه الجمعية بنشاطات عديدة ومتنوعة منها محاضرات أسبوعية متخصصة في مجال الحضارة والثقافة والتراث.
-تصدر مجلة فصلية، بدأت منذ عام (1930).
-تنظم الجمعية زيارات للأماكن الأثرية والتاريخية، داخل سوريا وخارجها.
-اعضاؤها جميعاً يحملون شهادات جامعية، ويستثنى من ذلك فنانون ومشاهير.
-تصدر الجمعية بالتعاون مع جامعة حلب، كتابها السنوي بعنوان (عاديات حلب) يتضمن نتائج التنقيبات الأثرية في سوريا خلال عام وبأكثر من لغة.
-ارتبط اسم (جمعية العاديات) بإسم الباحث (محمد قجة) الذي رأس مجلس إدارتها منذ عام (1994) ومنذ بضع سنوات أصبح رئيسها الفخري.
ملامح من شعره
(الشعر ملك الكلام) كما قال أرسطو، والشعر أفضل تعبير عن الأدب.
وللشعر نصيب في اعمال الباحث (محمد قجة) وقد خص مدينته (حلب) بالوافر من شعره ومن جميل شعره في حلب:
قد تلومين... أستحق العتابا
إنّما لست أهجر الأحبابا
وأنا في الهوى قتيلك يا شـهباء
أهوى العيون والأهدابا.
يا ابنة الدهر... أنت للدهر فجر
وضحى ظل يملأ الأحقابا
ومن قصيدته (حبيبتي حلب "22 حزيران 2022")
أهواك يا حلب الشـهباء فــاقتربي
وعانقيني لأرقـــى فيــك للشـــــــهبِ
شممت عطــرك فواحـــاً يغـــازلني
فغاب روعي ، وعبق العطر لم يغــبِ
شهباء يــا مولد التـــاريخ منتشــياً
بما منحت هـــوىً في سائر الحقــــبِ
شهباءُ ...نحن بنوك الغـــرُّ مـهجتنا
عشق ، ومقلتنا ترنــــو إلـى حلــــبِ
تكريم الباحث محمد قجة
تم تكريم الباحث محمد قجة، من أكثر من خمسين جهة رسمية وثقافية، ومنظمات عربية. وقد حصل على جائزة الدولة التقديرية في عام (2016) تبعها نشر كتاب بعنوان (محمد قجة.. الباحث المبدع)
وسبق أن وزارة الثقافة السورية قد أقامت حفلة تكريمية له. وكانت الأديبة والشاعرة (عائشة الدباغ) قد كرمته بقصيدة نظمتها في تلك المناسبة، وتم نشرها في كتاب التكريم:
(أيا حسن) سما في العلم نجماً
محمد في الورى اسماً مسمى
اذا ذكر الرجال يقال توا
بأنه فاقهم عقلاً وعزما
وسلطان المنابر لو علاها
لدانت طوعه حكماً وحتما
فصاحته بيان لايضاهى
ويدرك حسنه من رام فهما
من أقواله وآرائه
للباحث (محمد قجة) أقوال وآراء وتحليلات عديدة للواقع الاجتماعي والسياسي، الذي تعيشه البلدان العربية يمكن تصنيفها في إطار (التنوير العربي) ومنها قوله: " إننا نعيش زمناً عربياً، لم نشهد له مثيلاً في رداءته وانهياره!...
ومن أقواله: "إننا لانقرأ التاريخ لنعيش فيه، ونعود إليه انما لنستفيد من تجاربه، في تفسير الحاضر، ونرى آفاق المستقبل".
وكان (ابن خلدون) قد نوه إلى ذلك، وقال بضرورة أخذ العبر من التاريخ، من أجل الحاضر والمستقبل.
إن التاريخ بمعناه الواسع، هو قصة الانسان في الكون، وتفاعله مع الطبيعة. وهو يحمل كل تفاصيل رحلة الانسان، على مر الأزمان.
لقد ساعد التاريخ الأمم على وعي ذاتها. وإنتشرت المعارف التاريخية بين الجماهير انتشاراً واسعاً، وأخذت المواضيع التاريخية تشد الآدباء والشعراء والفنانين وغيرهم.
إن طبيعة حركة التاريخ، أن تنمو المجتمعات وتتطور، حتى في لحظات السكونية، بصورة مباشرة أو غير مباشرة وعلى كل المستويات.
إن علم التاريخ يدرس تطور المجتمع البشري، ومعرفة الماضي صارت ضرورية، لأنها تسمح بفهم أوسع للأوضاع الراهنة، وتساعد على تحقيق الأفق الصحيح لمسار الحضارة الإنسانية.