هناك حكمة تقول : الناس يمسحون ماضيك الجميل مقابل آخر موقف سيء منك والله سبحانه يمحو ماضيك السيء مقابل توبة منك فأيهم أحق بطلب الرضا ؟
و قد يمسح الناس ماضيك الجميل عند أول خلاف بينك و بينهم دون أن تسيء لهم أو لغيرهم أو دون أن ترتكب معصية ! و تنقلب علاقة المحبة و الصداقة إلي كره و تربص ! و من يتابع المناقشات الدائرة علي السوشيال ميديا سوف يلاحظ ان هناك من ينصب نفسه حكم علي الناس و يصنفهم كما يريد فكريا و سياسيا و احيانا دينيا ! هذا وطني و هذا خائن ،، هذا مؤمن و هذا كافر ،، هذا جهبذ و هذا جاهل إلى اخره ! و قليل من الناس تجدهم يجادلون من يختلفون معهم بإحترام ! و هنا تظهر قوة كل طرف في طرح افكاره و مواقفه ،، فهناك من يعتمد علي الإقناع و هناك من يريدها حربا !
و من المعروف ان الاختلاف قد يخلق افكار جديدة بصرف النظر عن البعد المكاني ،، فتجد البعض يحكم علي افكارك لمجرد انك تعيش في بلد أخر و هذا اغرب ما شاهدته في بعض المناقشات التي تخص قضايا ارتبطت بالزمن الذي نعيش به و التي قد يكون فيها مصير مشترك للبشرية خصوصا في وقت الازمات و الاوبئة و الحروب ! هنا تكثر الحروب الكلامية و المعايرة
ان الافكار الإنسانية و الحضارية لا اقصاء فيها و لا انانية و الاختلاف في الاراء و المذاهب و مواطن الاقامة ليست سببا لانكار الغير ! فكلنا شركاء في الإنسانية و لا بأس ان يكون لدينا حمية و انتماء لكن بدون عصبية ،، لاننا جميعا معرضون لمواجهة مصير من نحكم عليهم بالصواب و الخطأ بل أحيانا لا نتصرف كيفما ننصح الناس ! و هذا قمة النفاق
الاختلاف ممتع و يزيد الذكاء و يكسر الملل و يعمق العلاقات و يجعلها أكثر ثراء و يجعلنا نتعلم اشياء جديدة بالنظر إلي الاشياء من وجهة نظر مختلفة و ينمي مهاراتنا في فن التعامل و التواصل مع الاخرين و ما أحلي من ان يكون الخلاف و الجدل مع من ذو فهم و رزانة و مزاج معتدل حلو اللسان متجرد للحق ،، بينما غياب الاختلاف علامة غير صحية و علامة على اللامبالاة
الحقيقة اننا نعاني من غياب التسامح و ثقافة الاختلاف في عالمنا العربي و بالتالي انتشار العنف و التنمر و إلقاء التهم الباطلة و تفصيلها علي البعض و شيطنة المخالف في الرأي و غياب فكرة التعلم من الأخر و من ثم تولدت النزاعات بين الناس علي اتفه القضايا و انقسم الناس بين مؤيد و معارض و احتكر كل طرف لنفسه الصواب و أصبح الخطأ من نصيب المخالف في الرأي علي طول الخط فازدادت الفرقة و القطيعة و تمزقت العلاقات علي مراي و مسمع من ابنائنا الذين فقدوا القدوة و اصبحوا عرضة للتشويش و الاستقطاب و التطرف ! يا سادة الاختلاف اساس التطور البشري و الحضاري رحمكم الله .