عبد الواسع الفاتكي يكتب : الحركة الحوثية والمجتمع الدولي بين التناغم والتماهي

عبد الواسع الفاتكي يكتب : الحركة الحوثية والمجتمع الدولي بين التناغم والتماهي
عبد الواسع الفاتكي يكتب : الحركة الحوثية والمجتمع الدولي بين التناغم والتماهي
 
تتناغم الحركة الحوثية ، وتستفيد من استراتيجية المجتمع الدولي الداعمة للأقليات ، وعدم تصنيفه لها جماعة إرهابية ، مع كل ما ترتكبه من جرائم وعنف ، كما تتميز الحركة الحوثية بأنها حركة متغيرة ومتناقضة في مواقفها، وهذا ليس بالمستغرب ، فهي حركة متعددة المرجعيات ، فإيران مرجعيتها السياسية الدولية ، وحزب الله مرجعيتها العسكرية الإقليمية ، وعبدالملك الحوثي مرجعيتها المحلية الدينية ، وهذا ما جعل الحركة تتدرج ، وتبدل من تكتيكاتها وتحالفاتها ؛ من أجل الوصول لغاياتها ، وتضع نفسها أداة سياسية وعسكرية لجهات إقليمية ودولية ؛ فبمجرد أن انقلبت على الدولة اليمنية ، قدمت نفسها للمجتمع الدولي في بداية الأمر ، كحركة محاربة للإرهاب والتطرف ، ثم ما لبثت أن أفصحت عن كونها الذراع الإيراني في جنوب الجزيرة العربية .
رغم ما صنعته الحركة الحوثية المليشياوية  في الجسد اليمني ، من تجريف للبنى السياسية والاجتماعية والاقتصادية ، إلا أن هناك توجها وإصرارا كبيرا من المجتمع الدولي ، على إعادة تدوير وتأهيل الحركة الحوثية ؛ لتنتقل من المسرح العسكري للمسرح السياسي ، غير أن هذا التوجه يصطدم بالبناء الفكري والأيدلوجي للحركة القائم على القوة ً، فالحوثيون يعتقدون أن ما سيكسبونه عبر السياسة وأدواتها ، أقل بكثير مما سيحققونه عبر السلاح والعنف ، ومن ثم فموقفهم المتصلب والرافض لأي حلول ؛ لإنهاء الحرب عبر التفاوض سيستمر ، ولن يتعاطوا معها بإيجابية إلا  إذا ضمنوا أن  الترتيبات القادمة ، ستمكنهم من ترتيب أوراقهم داخل الدولة بشكل شرعي وقانوني ، ولو بصورة بطيئة ، بما يجعلهم يبتلعون ما تبقى من أجهزة  الدولة الشرعية .
مازال التدخل الإقليمي والدولي هو العامل الرئيس في الحرب الجارية في اليمن ، وفي تحديد أهدافها ورهاناتها ، والمخرج منها ، إلى جانب أن السلطة الشرعية ، لا تملك الاستقلالية التامة في اتخاذ قرار الحسم العسكري مع المليشيات الحوثية ، والتي صارت مكبلة باتفاقيات دولية ، كاتفاق استكهولم ، واتفاق الهدنة الأخير مع المليشيات الحوثية ، كما أن عدم توصل الأطراف ذات العلاقة بالحرب ، لاتفاق شامل فيما بينها على تقاسم المصالح والنفوذ، كل ذلك أطال أمد الحرب ، وزاد من آثارها المأساوية على مختلف شرائح المجتمع اليمني .
لا نحتاج لجهد كبير ؛ للبحث عن أدلة دامغة لدعم المجتمع الدولي للمليشيات الانقالفاتكي لحوثية ، وليس أدل على ذلك من امتناع المجتمع الدولي من اتخاذ إجراءات رادعة في حقها ؛ جراء تنصل المليشيات الحوثية من تنفيذ بنود الهدنة الأخيرة ، التي رعتها الأمم المتحدة ، وحرص المجتمع الدولي على عدم حسم المعركة مع الانقلابيين الحوثيين ، وقطع الطريق أمام الفوضى،  وحضور الحركات المتطرفة والانقسام المناطقي ، وسعيه الدائم لصياغة حلول وتسويات ، تمنح إيران وذراعها المليشياوي في اليمن انتصارا ثمينا ، ومكاسبا على طبق من ذهب .