وكأن روح المغدورة «نيرة أشرف» فجرت الأضواء الكاشفة لنرى مكامن الخطورة التى تتربص بوطننا، تلك التى تشبه ماكينات شحن مستمر وتجييشاً للبشر على السوشيال ميديا لهدم «دولة القانون» وإحلال «شريعة الغاب» وأحكام القبائل وعادات البدو «تحت لافتة الشرع».. ولا أحد منهم يطبق الشرع فقط، هم يطبقون «أجندة إخوانية» معادية لنظام 30 يونيو.. وهم ليسوا فوق مستوى الشبهات.
«البسى قفة» كانت بداية تعرية الخطاب الدينى الكاره للنساء، المحرض على التمييز ضد «غير المحجبات» وإرهابهن وإخضاع النساء لبلطجة المتحرشين والهمج والقتلة: فتش أنت بنفسك عن ترابط هذا الحلقات وميكانزم «توزيع الأدوار» بينها وتطابق الأيديولوجيا ومنهج العمل.
ما إن نطق الداعية شبه المعتزل «مبروك عطية» بكلمة «قفة» حتى انتفضت عدوة المرأة «منى أبوشنب» لتأييده واقترحت دفع «الدية» لأهل «نيرة» ليخرج القاتل «محمد عادل» معلناً انتصار دولتهم.. وتسلم منها الفكرة (إن لم يكن هناك تنسيق مسبق بينهما) المحامى الإخوانى «أحمد مهران»، الذى صاغ المشهد فى شكل قانونى، متجاهلاً أن «القانون لا يعرف الدية»، داعياً إلى حملة لجمع تبرعات مليون جنيه.. ثم ظهرت الجدة الشرسة «نينى المغربى» مستغلة حملتها القديمة - المتواصلة لهدم قانون «الأحوال الشخصية» والتى دشنت خلالها جمهوراً واسعاً كارهاً لمكتسبات المرأة المصرية.. وخلف تلك الأضلاع الأربعة تتمترس كتائب من اللجان الإلكترونية للإخوان والسلفيين معظمها «حسابات وهمية».
«المحامى الإخوانى» ،الذى كشفه الدكتور «محمد الباز» فى برنامجه «آخر النهار» وعرض له فيديو وهو يتظاهر مع الإخوان ضد ثورة 30 يونيو، لم يكف عن الصراخ والندب بزعم أنه سوف يتدخل فى إجراءات نقض الحكم، رغم ما تردد عن تولى المحامى «فريد الديب» للقضية سواء صحت الأنباء أم كذبت.. لكن «التشكيك فى القضاء» وفى صحة التحقيق هو المنهج الذى اتبعته أيضاً «أبوشنب».
أما «نينى» فهى حالة خاصة جداً من كراهية النساء، فالجدة المحترمة تزعم أنها حُرمت من رؤية أحفادها بسبب «القانون» رغم أن فى القانون «حق الرؤية».. وحتى تكتشف زيف ادعائها ومدى تجنيها على مطلقة ابنها، فهى تقول بلسانها على قناتها باليوتيوب إن ابنها أنجب من زوجته السابقة «توأم» ومن زوجته الحالية ثلاثة أطفال (!!) أى إنه لم يترهبن حزناً على خسارة أولاده.. بل ترهبت مطلقته لأنه فى حال زواجها تسقط عنها حضانة الأطفال بنفس القانون الظالم.. ولا أدرى هل حاول «الأب المزعوم» رؤية أطفاله بـ«القانون» أم لا؟.. لكن الواضح أمامى أنه تجنى على الأم المطلقة.
الجدة «نينى» متحاملة أيضاً على «مادة الخلع» فى القانون، وتنشر فيديو لأحد المشايخ يحلل «الاغتصاب الزوجى».. وسبق لها محاولة اقتحام «المجلس القومى للمرأة»، هذا إلى جانب سعيها لهدم مؤسسات.. هذا كله منشور على صفحاتها!.
نعود إلى «الدية» التى تدور تحت اسمها المؤامرة على مصر، والادعاء بأننا دولة لا تطبق الشريعة.. فلدينا عقوبات دنيوية بديلة للحدود الثابتة: حماية المال الخاص «حد السرقة»، حرمة الدم «حد القتل»، الأمن الاجتماعى «حد الحرابة» وهكذا.. وبينما تستند العقوبات لدينا إلى مرجعية دينية فإن كل دول العالم لديها عقوبات مماثلة لحماية الإنسان.. فهل هناك «دية» بديلة للعقوبات القانونية حتى فى قضايا «القتل الخطأ»؟.
كلمة «دية» غير موجودة على الإطلاق فى قاموس المحكمة، كل ما يحدث فى قضايا «القتل الخطأ»، كالدهس بسيارة مسرعة، أن «الجانى» يتصالح مع أهل «المجنى عليه»، أى «أهل الدم»، ويدفع لهم تعويضاً مالياً «سمه دية أو تعويضاً لا فرق»، وبموجبه يتنازل صاحب الحق، وهذا فى القانون يسمى «تصالح» ويترتب عليه انقضاء الدعوى الجنائية أو وقف تنفيذ الحكم، المادة «18 مكرراً الفقرة أ» من قانون الإجراءات الجنائية.
الفلوس لا تشترى البراءة.. لكن التمويل الإخوانى هدم دولاً من الداخل بإفشالها، ولا يُستبعد أن يكون القاتل «محمد عادل» نفسه خلية إخوانية نائمة أو أحد «الذئاب المنفردة».
ختاماً: كانت الحملة الممنهجة لهدم القانون متلازمة مع حملة «اغتيال شخصية» لأهل «نيرة» والتشهير بالضحية التى كان كل ذنبها أنها «جميلة» تتعلم وتعمل بالإعلانات.. القاتل لن يُعدم، فالقتلة طلقاء يأكلون لحم الضحية بالشائعات والنميمة على السوشيال ميديا: المؤامرة مستمرة.