د. سهام عبد الباقى تكتب : ثقافة الأعياد

د. سهام عبد الباقى تكتب : ثقافة الأعياد
د. سهام عبد الباقى تكتب : ثقافة الأعياد
شرع الله الأعياد من أجل إسعاد الإنسان والترويح عنه، وإحداث حالة من البهجة والتغيير فى حياته فى ظل ما يحياه الانسان من رتابة الأيام، وثقل الحياة، وأعبائها. ويٌعرف العيد بأنه "يوم الإحتفال  بذكرى حدث هام فى توقيت محدد وبطقوس ثابته" وغالبًا ما تكون الأعياد خاصة الدينية مٌصاحبة لطقوس تعبدية كصيام أو زكاة أو قٌربات معينة. بحيث يكون العيد هو النتيجة النهائية والجائزة الربانية بعد إتمام العبادة والتبتل الى الله. لذا فللأعياد فلسفتها الخاصة التى تعود على الفرد بالفائدة والنفع لأن التقرب الى الله بإحياء الشعائر يٌزود الإنسان بالطاقة الروحية اللازمة والتى يحتاج إليها للمٌضى قٌدٌمًا فى الحياة لمواجهة أعبائها وصعوباتها وتحدياتها المختلفة. فتكون الأعياد مٌناسَبة للتواصل مع الأقارب والأصدقاء والجيران والسفر إلى بعض المنتجعات طلبًا للاسترخاء والإستجمام ولتجديد النشاط والطاقة  اللازمين لأستئناف العمل بهمة أعلى فيما بعد. او السفر إلى البلد التى بها مسقط رأس الفرد حيث تلتقى العائلة، وتتعارف الأجيال التى فرقتها  ظٌروف العمل وإختلاف محل الإقامة، وظروف الحياة. كما أن لتلك الأعياد أثرها على المٌجتمع لأنها تٌحدث حالة من التواصل الإجتماعى بين أفراد المٌجتمع من خلال إقامة الشعائر الجماعية فى دور العبادة التى يتم تزينها وتجهيزها فى الأعياد مما يٌشيع حالة من البهجة والفرحة واليٌمن بين أفراد المجتمع ، وتتجلى فى الأعياد مظاهر الوحدة الوطنية حيث يتبادل أفراد المجتمع التهانى فيما بينهم على إختلافاتهم الدينية ويجتمعون على طعام واحد تاكيدا لروح المحبة والأخوة التى تسود فيما بينهم لذا فالعيد فرحة للفرد ووحدة وأتحاد فيما بين أفراد المجتمع. وحتى فى دول المهجر تحتفل الجالية العربية بأعيادها  وتحى شعائرها وعاداتها وتقاليدها، ويتلاقى أبناء الجالية على اختلافاتهم الدينية تجمعهم الوحدة الأجتماعية التى فرضتها الجالية كمظلة اجتماعية يستظلون بها فى دول المهجر. فضلا عن علاقاتهم الوطيدة بأبناء المجتمع الـأصليين اللذين يشاركونهم فى تجهيز الساحات لأقامة الشعائر الدينية وتأمينها بشكل رسمى وغير رسمى.ومن القيم الاجتماعية التى تٌحييها الأعياد قيمة التسامح والعفو فتكون الاعياد فرصة للتقارب بين المتشاحنين والمتخاصمين فمجرد تبادلهم للتهنأة تكون بمثابة إشارة لإنهاء الخلاف، والتواصل فيما بينهم. وقيمه" الاحسان" بتقديم المساعدات المادية والعينية للمحتاجين اليها لإغنائهم وإسعادهم  فى ايام العيد. وتكون الأعياد أيضًا فرصة لأحياء الطقوس والعادات والتقاليد فى مختلف المحافظات والاقاليم والبلدان بدء من أعداد اصناف الطعام، والمشروبات التقليدية المرتبطة بالأعياد، وارتداء الملابس الجديدة التى تكون بعضها تراثية أو مٌستوحى منها فى مزج فريد بين عناصر التراث والموضة ،وتمتد الموائد فى الاعياد ويفترش الأهل والاحبة فى جلسات تؤكد ان ثقافة الاعياد  ليست هى فقط  ولائم العيد، وملابسه  بل هى ثقافة المحبة والتواصل والعطاء والإخاء ، وأن تلك القيم هى التى أقرها الله تعالى لتحيا البشرية فى سعادة وإخاء ومحبة ليس فقط فى الأعياد وإنما طوال العام وعلى مر السنيين والايام . فالعيد فرحة للفرد والمجتمع.
 
* كاتبة المقال : باحثة فى الأنثروبولوجيا الثقافية -كلية الدراسات الافريقية العليا
جامعة القاهرة