أكبر دليل على أن الكثير من عاداتنا وقيمنا تغير ما نراه جميعًا عند وقوع حادث مفاجئ أيًا كان نوعه.. حادث مرورى أو حريق أو حتى جريمة قتل أو حتى انتحار.. نجد من يتسابقون للتصوير وأخذ اللقطة تمهيدًا لتشييرها بدلًا من محاولة إنقاذ من يتعرضون للحادث أو إخماد نيران الحريق أو اللحاق بمن يحاول الانتحار ومنعه من ارتكاب هذه الخطيئة.. اختفت المشاعر الإنسانية لدى الكثيرين وأصبحت اللقطة هى الشغل الشاغل.. وتوارت الشهامة وتراجعت المروءة وأصبحنا فى حاجة لبحث وتحليل نفسى لمعرفة أسباب هذا الزلزال الأخلاقى الذى يهدد بانهيارات رهيبة فى جوانب ونواحى إنسانية كثيرة..
وقد كشفت بعض حوادث العنف والقتل فى الأونة الأخيرة عن خلل تربوى وأخلاقى وسلوكى واضح، خاصة على مواقع التواصل الاجتماعى التى أصبح استخدامها سيئًا بدرجة تفوق الحدود فى ظل التركيز على الخوض فى الأعراض والخصوصيات وإساءة السمعة والتشهير واختلاق الشائعات..
إعادة صياغة طريقة التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعى أصبح ضرورة ملحة حتى لا تتراجع القيم والأخلاقيات أكثر من ذلك.. وحتى لا تختفى الصور الجميلة التى توارت أكثر من ذلك..
أصبح التركيز كله على الأخبار الكاذبة والفيديوهات المفبركة ونشر الأكاذيب بمنتهى البجاحة واللامبالاة، ودون أن يضعوا فى الاعتبار مدى التأثير النفسى والضرر البالغ الذى يقع على ضحايا هذه الأفعال العجيبة.. حتى التحليلات التى نراها بعد وقوع أى جريمة تؤكد أن هناك شططًا رهيبًا وأفكارًا غريبة بعيدة عن الإنسانية هدفها الإثارة وإشعال الفتنة.. وتسبب ذلك كله فى فوضى بلا حدود ومشكلات وأزمات تحتاج إلى وقفة حقيقية من المجتمع كله حتى لا نتراجع على المستوى الإنسانى أكثر من ذلك..
استعادة المروءة والشهامة أمر أصبح فى غاية الأهمية لإنقاذ المجتمع كله من حالة اللامبالاة التى يعيشها قطاع كبير من المجتمع الذى أصبح يهتم باللقطة والترند أهم من أى أخلاقيات أو قيم أو مبادئ مما تربينا عليها ونحاول أن نربى أبناءنا عليها لأنها بالفعل المنقذ من كل السلبيات التى يعانى منها مجتمعنا فى الوقت الحالى.