حمادة عبد الونيس يكتب : المقامة العيدية !

حمادة عبد الونيس يكتب : المقامة العيدية !
حمادة عبد الونيس يكتب : المقامة العيدية !
حدثنا ابن عبد الونيس ، خير أنيس وجليس، قال :
شرع الله للمسلمين عيدين  ،ولحكمة بالغة جعلهما عقب عبادتين والله يريد عبدا مخلصا لا يعرف المن ولا المين ،يعبده مخلصا حتي يوافيه الحين !
يقول ابن عبد الونيس فلما كان عيد الأضحى ،قصدت القرية ضحى فوجدت أطفالا لا تفارقهم البسمة  ،زغب الحواصل أرق من النسمة وقد قصدوا إلى اللعب، لا يشعرون بفتور أو تعب !!
قلوبهم كأفئدة الطير ،يقتسمون التمرة ،يشاركون الكبار في عمل الخير !
فسرني أمرهم وسألت الله أن يبارك أعمارهم !
وشد ما راعني هذا الأبكم الناطق في يد الصبية !
غزو ممنهج، طوفان جارف ،لا تقتأ الناس بذكر محاسنه ومساوئه تلهج !
الكبار يسيرون في الطريق وفي صدورهم رغم العيد ألف حريق!
غلاء ووباء ،عداء وجفاء ،خيانة وقلة وفاء !
ألف دار وجار لا يذبح منهم رغم السعة إلا عشرة يا للعار!
تحلق الأطفال حول الذبيحة ،يمنون أنفسهم ببعض لحم وحدث هرج ومرج وفضيحة !
إذ انبعث أشقى القوم كالحمار كأنه محموم في أمعائه نار، يسب الأطفال ،نوالكم اللحم الآن شيء محال !
اذهبوا لبيوتكم وسوف نأتي عندكم !
فلما ذبح الجزار وشفى قطع عرق الفيلتو وقال إنه شفاء،يشد الأعصاب ويقاوم الداء !
ثم نظر إلى صاحبها انظر إلى المذبح ،نعم اللحم وأنا لك أنصح وعليك بالموز وبيت اللوح والكوز ،الأيام كثيرة، وهذي الأيام شداد صعاب عسيرة !
ثم دخل رجل من علية القوم فوضع رجلا فوق رجل وأخذ يبدي العتاب واللوم !
أين نصيبي ؟!
نصيببك محفوظ يا حاج فأنت حبيبي !
أقطع له يا بني نصف الفخذة وأعطه الكوارع فمرقتها ساحرة لا تضارع !
ونادي على الحاج ضلالي فجاء منتشيا في مشية الهلالي !
قال نصيبي الموزة الأمامية إنها سهلة لذيذة محببة إلى نفسي عزيزة !
يقول ابن عبد الونيس فنظرت فإذا بالذبيحة آضت بعض عظام والصبية المساكين يبكون من شدة الزحام!
فعمد الجزار إلى الورق الأحمر فلف خمسين لفة من العظام والكرشة وكتب عليها هذه لمبروكة في الخص  وتلك لذكية في العشة !
وثالثة لأمونة في الغبشة والرابعة لمسكينة بنت منسي إنها تحب الفشة!
يقول ابن عبد الونيس  فلما قام السوق وانفض فيه من ربح وفيه من للفوز رفض !
آويت إلى المسجد وأخذت أصلي وأركع وأسجد فدعوت الله وكان من دعائي:
اللهم ،رب جبريل وميكائيل يا من عليه المعتمد والمقصد 
أعط منفقا خلفا وأعط ممسكا تلفا ولا تحوج أحدا إلى أحد يا من لا يتشابه عليه ربع أو بلد  ولم يكن له صاحبة ولا ولد !
اللهم كن للبائسين والمهمشين والمحرومين وعليك بالمنافقين الممسكين الذين يظنون أنهم في هذي الدنيا خالدون !
يقول فظللت أدعو وألح في الدعاء حتي أخذتني سنة من النوم !
فوجدتني وكأن القيامة قد قامت وفصل الله بين العباد ففريق في الجنة وفريق في السعير!
فوجدت الجزار يصطرخ في النار ربي أخرجني فإني لا أعود يا صاحب المن والجود !
ووجدت أمونة وبعض الفقيرات في الجنة دار الكرامة والمنة ممتعات منعمات ومعهن أزواجهن يأكلون فواكة مما يتخيرون ولحم طير مما يشتهون ويطوف عليهم ولدان مخلدون بأكواب وأباريق وكأس من معين !
يقول ابن عبد الونيس فبكيت شوقا فجاءني رجل شديد البياض المشرب بحمرة يقول لي: أبشر 
فقد جعلت مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا !
فقلت يا سعدي يا سعدي !
قال يا ابن عبد الونيس  قلت لبيك !
قال لم تنل ولم تصل إلى ما وصلت إليه بكثرة صلاة أو إخراج زكاة !
وإنما برحمة الله أولا!
ولأنك كنت للحق مناصرا لم تكن ماسح جوخ أو حامل مباخر !
فقلت الحمد لربي فهو وكيلي وحسبي !
تمت والحمد لله في بدء ومختتم 
هو أولى بي من أبي وأمي !