مارجوانا.. قصة قصيرة بقلم أشرف ايوب معوض

مارجوانا.. قصة قصيرة بقلم أشرف ايوب معوض
مارجوانا.. قصة قصيرة بقلم أشرف ايوب معوض
كان ما تبقى من حياتي  يدفعني نحو اليافطة الكبيرة Emergency وحاول ال Security توجيهي الى الباب الآخر ،وان هذا الباب مخصص لسيارات الاسعاف فقط ، فدفعته من طريقى ، وتعلقت عيناى بالأسهم المسرعة على اللافتات الزرقاء الى حجرة Emergency ، وانا أعدو مسابقا اياها .
وبسرعة وضع الطبيب جهاز الأكسجين على فمى وأنفى ، وأجلسني ، وخفت الا يقفز من بين ضلوعى ، فوضعت يدى على قلبى ، وجاءت الممرضة  وخلعت ملابسى ، وألبستني قميصا ابيض فضفاض ، وأنامتني على السرير ، ووصلت جميع جسمى بأسلاك تتصل بأجهزة لا اعرفها .
اغمضت عينى فاجتاحتني الظلمة ، فكأنني محمول على نعش يطير ويندفع الى الامام ، الى اعماق العتمة ، اذلك هو الجحيم !؟
أصرخ فى وجه صديقى الذى يقود السيارة ...أسرع ...أسرع ، لا أريد ان اموت .
حاولت جاهدا ان تظل عيناى مفتوحتين طوال الوقت ، ولكن بين إغماءه واخرى ، رأيته يكاد ان يطبق علىَ ، فقلت له لا تأخذنى فى غربتى ، فان اردت فليكن بين اهلى مكان مولدى ، فهانا غريب هنا ، فهل تؤجل هذا لحين عودتى؟ 
قفزت رأسي ، وتحركتُ فزعا رافضا التسليم لهذه الهواجس ، فلن اموت ، وسأعود الى امى التى تنتظرنى ، وسأحضر لها الكثير من الشموع التى توقدها امام القديسين  كل صباح وهى تصلى من اجلى  ، فنذرت للعذراء مريم وقلت لها : ايتها القديسة الام الحنون خذى كل ما جمعته من اموال وأنقذى حياتى، ولكن ساورنى هاجس وخفتُ ان تنقذ العذراء حياتى وافقد أموالى فى لحظة ضعف ، فأقنعت نفسى وربما اقنعتها ، ألا أساوم على حياتى مقابل المال ، وقلت لها : أيتها القديسة مريم الغنية هل تطمعين فى حفنة من الدولارات وانتِ تملكين الكثير منها، فقط عليكِ ان تنقذينى وحسب.
افقت من غفلتى على صوت رجل يتألم ويتأوه ويلعن كل شئ .
كانت العتمة تبدأ من نقطة مركزية ثم تتوالد منها دوائر معتمة صغيرة ما تلبث ان تكبر وتكبر حتى تملأ فضائى تماما .
شاخصا كنت إلى الحوائط الباهتة والمعلق عليها صور لأشخاص قدامى لا اعرفهم ، وخيوط العنكبوت تملأ ركنا قريبا من السقف ، أشعلت سيجارة كان قد أعطاها لى مكسيكى يعمل معى ، تذكرت طرفة قديمة ، أخذت اضحك واضحك كثيرا ، لم يكن معى أحد بالمنزل ، راحت الحوائط تتمايل غير ثابتة فى مكانها ، وصارت الأريكة التى أرتاح عليها أرجوحة تتطاير بى لأعلى واسفل وانا اضحك حتى دمعت عيناى .
 مسحت بيدى على وجهى وأنا ممدد على السرير فى المستشفى فابتلت .
كان يجلس بجانبى الطبيب الذى يتابع حالتى ، مقطب الوجه ذو لحية مشذبه ، فامتعضت وتمنيت لو كان بدلا منه أخى الطبيب الذى اغتربتُ عنه ، لكانت حياتى مؤتمنة وسيفعل اقصى ما لديه لإنقاذي بجانب العذراء مريم بالطبع ، وبسرعة اقتحم ذاكرتى كالرصاص وتعالى ضباب دخان كثيف اختلط بعتمتى ، دخان يحيط بكنيستى التى احرقوها واهدموها ،
  وبسرعة فتحتُ عينى وكأنني اُنتشلت من الغرق ، كانت الكوابيس تجتاحنى غصبا وانا ممدد على السرير او على النعش بلا حراك ، لا أقوى على تحريك أصابع يدى وكأنه الشلل التام او الموت فى خطواته الأولى .
اقتحمت (آنى ) عتمتى وهى ترتدى hot short  وبلوزة تكشف عن نهدين متمردين وقدمت لى سيجارة بعد ان وضعتها على فمها وأشعلتها ، كان طلاء شفاها الأحمر قد أوقدنى ، فضحك أصدقائي وقالوا لها انه – وهم يعنونى  - بان ليس له فى المارجوانا ، فوضعت أناملها على خدى وقالت بغنج أليس لك فى أشياء اخرى ، صرخت فى وجهها no وفررت خارج المنزل لأتنفس هواءً نقيا.
كانت السيارة التى تحملنى الى مستشفى Queens - والتى توقفت حياتى وانقاذها على سرعتها – تسير ببطء اتخيله ، وعند توقفها فى كل إشارة مرور كنت العن قائدها ، لم يعرنى أدنى اهتمام وهو يقود سيارته فقد كان مشغولا، ماذا سيقول عنى ، وربما سيعرضه هذا الى (س ، ج ) ، وبينما كانت حبات ال snow  تتساقط على زجاج السيارة ، راحت اسراب النمل الفارسى تزحف تحت جلدى ، وحاولت التقاط أنفاسي بصعوبة ، واعتبرتُها أنفاسي الأخيرة .
عبرت أمامي فتاة جميلة ، وجاء مكانها بجانبى وارتدت نفس القميص الأبيض الذى ارتديه وعلى مسافة قريبة منى تمكننى من رؤية جسمها خلف قميصها المفتوح من الجانبين ، وبطرف عينى كنت اختلس النظر الى ساقيها المرمريتين اللتان انحسر عنهما قميصها ، فكدت المس نعومتهما ممليا عينى ببياضهما الذى يضوى تحت لمبات النيون الهادئة ، ونهداها اللذان يطلان من فتحة قميصها ، هكذا كانت جولى التى لا ترتدى (سوتيان )، وحينما طوقتنى بذراعيها سألتها ان تعلمنى كيف تُقبل المرأة رجلا ، وعندما أنهيت عملى كانت بصحبتى فىCentral parkهى يونانية الاصل تركها زوجها بعدما انجبت منه فتاة ، فهاجرت هى وابنتها الصغيرة الى امريكا ، حدثتها عن زوربا اليونانى فابتسمت ، تحدثنا عن الشر والخير فاتفقنا ، حدثتها عن الموت فصمتت ، صارت جولى صديقتى ، افترشتُ لها معطفى ومحبتى على الحشائش الرطبة ، وسألتها كيف تبدو لكِ الحياة هنا وانتِ مغتربة عن وطنكِ اليونان ، أجابتني بحزن قديم ، اغتربتُ عندما تركنى زوجى ، الغربة حالة وليست مكان .
صديقى الذى حملنى فى سيارته وانا أصارع الموت لم يدخل معى المستشفى بل لم يترجل من سيارته، حاولت أن أتذكره وسط هذه الكوابيس ، صار صديقى بلا ملامح .
عاد طيفها كشفق يتسلل الى عتمتى متسربلة بالنور، وهى تبتسم لى، ومدت يدها نحوى فأفقت من إغماءاتي ، كانت الممرضة الجميلة التى تشبهها مبتسمه وقالت لى فى المرة القادمة سوف لا تشعر بالموت عندما تتناول جرعة زائدة من المارجوانا .