أحمد قطب زايد يكتب : حصائد اللِّسَان هَلَاك الإنسان

أحمد قطب زايد يكتب : حصائد اللِّسَان هَلَاك الإنسان
أحمد قطب زايد يكتب : حصائد اللِّسَان هَلَاك الإنسان
شَاعَ فِي كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ أَخْلَاق سَيِّئَة مِن حَصَائِد اللِّسَان ، فَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ لَا يُبَالُونَ بِالْكَذِب ، وَلَا يهتمون بِه ، وَلَم يَحْذَروا مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ : "إن الْكَذِبَ يَهْدِي إلَى الْفُجُورِ ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إلَى النَّارِ ، وَلَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كذاباً" . لَا تَطْلُقُ لِسَانَك بِالْقَوْل لِمُجَرَّد ظَنّ تَوَهَّمْته ، أَوْ خَبَرٌ سَمِعْتُه ، فَلَعَلَّكَ أَنْ يَكُونَ ظَنُّك كاذباً ، وَلَعَلّ الْخَبَرِ أَنَّ يَكُونَ كاذباً ، وَحِينَئِذٍ تَكُونُ خاسراً خائباً نادماً ! ! . إنَّ اللِّسَانَ حَبْل مرخي فِي يَدِ الشَّيْطَان ، يَصْرِفُ صَاحِبَهُ كَيْفَ يَشَاءُ أَنْ لَمْ يُلجمه بِلِجَام التَّقْوَى ، أَمَّا حِينَ يُطْلَق لِلِسَانِه الْعِنَان لِيَنْطِق بِكُلِّ مَا يَخْطُرُ لَهُ بِبَالٍ فَإِنَّه يُوقِعُهُ فِي كَبَائِرِ الإِثْمِ وَعَظِيم الْمُوبِقَات .
وَقَد دَعَا الْإِسْلَام الْمُؤْمِنِينَ إلَى حِفْظِ أَلْسِنَتُهُم ، وَصَوْنِهَا عَنْ الْكَلَامِ فِيمَا لَا يَجُوزُ أَوْ لَا يَصِحُّ أَوْ لَا يَلِيقُ ، قَالَ تَعَالَى : ﴿مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ [ق : 18] . وَاللِّسَان مِنْ أَهَمِّ الْجَوَارِح وَأَعْظَمُهَا خَطَرًا عَلَى الْإِنْسَانِ وَقَد قِيلَ فِي غَدْرَة « رَبّ كَلِمَة قَالَت لِصَاحِبِهَا دَعْنِي » ، وَقِيلَ فِي خِيَانَتُه « وَهَل يَجُرّ النَّاسُ فِي النَّارِ إلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ » ، وَقِيلَ فِي التَّعَامُلِ مَعَهُ « لِسَانَك حصانك أَن صُنْتُه صَانَك » ، وِزَلَّات اللِّسَان تُجْعَل سُلُوك الْإِنْسَان مُتَهَوِّر ؛ يَتَحَدَّث قَبْلَ الِاسْتِيعَابِ ، وَيرَّدّ قَبْل التَّفْكِير ، وَيغَضَب قَبْل التَّحْلِيل ؛ لِيُصْبِح سباقاً لِقَوْل الْقَبِيح ، وَمَا هِيَ سِوَى لَحَظَات لِتَرَى النَّدَم وَالْأَسَى بَعْدَ أَنْ اسْتَوْعَبَ الْعَقْلِ مَا جَرَى ، وتتمنى لَوْ اسْتَقْبَلْت مِنْ أَمْرِكَ مَا قُلْت لَمَّا كَانَ مَا نَطَقْتُ ؛ حَيْث الْكَلِمَةِ وَقَدْ مَلَّكْتُك ، وَحَدِيثَك وَقَد أدانك ، فَإِنَّ الْإِنْسَانَ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ يَمْلِك كَلَامِه ، لَكِنَّهُ إذَا تَكَلَّمَ مِلْكِه كَلَامِه عَزِيزِي القَارِئ : زَلَّات اللِّسَان أحياناً انْعِكَاس عَمِيق لِمَا يُكِنُّه صَدْرِك وَزَلَّات اللِّسَان أَدْهَى مِنْ زَلَّاتِ الاِقْدَام ، وَقَدْ قِيلَ : "كُلّ إناءٍ بِمَا فِيهِ يَنْضَحُ" . يَجِبُ عَلَيْك اخَى الْفَاضِل أَنْ تَكُونَ حذراً فِي اخْتِيَارِ كَلِمَاتِك ، فَلَيْسَ كُلُّ مَا يَخْطُرُ فِي بَالُك يُمكن التَّفَوُّهُ بِهِ ؛ إنَّ أَشَدَّ النَّاسِ بَلَاء وَأَكْثَرُهُم عَنَاءً مِنْ لَهُ لِسَانٌ مُطْلَق ، وَقَلْب مُطْبِق ، فَهُوَ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَسْكُتَ وَلَا يَحْسُنُ أَنْ يَتَكَلَّمَ .قَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ :
احفـظ لسانـك أَيُّهَا الإنـســــان ***لا يلـدغنك إنـه ثـعـبـــــــان
كَمْ فِي الْمَقَابِرِ مِنْ قَتِيلٍ لسانـه *** كَانَتْ تَهَابُ لِقَائِه الشُّجْعَان