رجل أو شاب في عقده الرابع ، من عامة الناس ليس ثري حتى تعده من الأغنياء، ولا يعاني الفقر حتى تهبط به لطبقة المهمشين، يصعب عليك تصنيفه في طبقة اجتماعية محددة، بين بين كما يقول "طه حسين" أو بالأحرى ، لا يكف عن التأرجح ما بين الصعود والهبوط" سبحان الرزاق" جملته أو حكمته المفضلة التي اشتهر بها: تتخلل أحاديثه مع الجميع، حينا بدون بمناسبة , وبغير داعي أحيانا أخرى" تقابلك من هذه الشخصية : أعداد غفيرة من البشر ، في أي وقت وأي مكان من أرض الله،فهم كما يقال عنهم: ملح الأرض" أى من يجعلون لها مذاق " هو لم ينل قسط وافر من التعليم ، وكذلك أيضاً بقية أفراد أسرته، لكنه يتمتع بدماثة خلق ونبل نفس وجمال روح،علاوة على حنكة ،ورجاحة عقل، فقد أثقلته التجربة العملية ، أسامة صاحب ورشة أثاث يديرها بنجاح.
على علاقة بمجموعة من الأصدقاء أو المقربين منه، أما إذا شئت الدقة: هم معارف أو جيران ،العلاقة بينهما غير واضحة المعالم ، فلم يستطيع أحد من الطرفين تحديد مكانته عند الآخر بصورة جيدة ،وخاصة طرف :معارفه فقد ابتعدوا عن عنه في الفترة الأخيرة : بصورة ملفتة تخضع لكثير من علامات الاستفهام ، و أصبحوا ينظرون له بعين الريبة منذ فترة؟ وسبب ذلك صفة أطلقت عليه ،وهو لا يدري عنها شيئا، ولا يعرف أيضاً من بالضبط وراءها: مفاد هذه التهمة أو الإشاعة: أنه من أصحاب "العين "أي الحسد وأن ذلك سبب ركود منتجاتهم وبفشل بعض مشاريعهم هذا ما أصبحوا على قناعة تامة به: عين أسامة هي التفسير الوحيد الذي يعزي إليه: وقف الحال وليس: كساد السوق المحلي الذي يؤثر عليه بالصمنية الكساد العالمي الذي خلفته جائحة كورونا، وهذه وحدها ليست الأسباب ،بل هناك أمور تعمل في الخفاء تحت السطح أكثر تعقيداً خبراء الاقتصاد هم من على دراية، تضافرت هذه الأسباب في وشيجة معقدة حتى وصلنا :لما إليه ويعاني منه الجميع بشدة.
أطلقت المجموعة على أسامة وهي مطمئنة: صفة الحسد علانية بلا مواربة ،بعد كانت نتحدث في هذا الأمر سرا وعلى استحياء، في جلساتهم الخاصة المغلفة، بعد أن تراجع بشكل ملحوظ الدخل الذي كانت تدره مصالحهم نسبياً ،فتلقفها أحد الأشخاص الذي نقل لأسامة كل شئ ولكن ليس حرفياً كما سمع بل زاد عليه ، كانت إجابة أسامة على من أخبره بذلك حزنا شديدا صامتاً خيم عليه فترة ليست قصيرة من الوقت ، فهم الأن أسامة وعثر على إجابات لأسئلة نفسه الكثيرة عن: سر تحول أصدقائه عنه ،لماذا كلما شاهدوه مقبل عليهم حاولوا بقدر المستطاع التهرب منه وتفادي لقائه .وإذا سلك طريق ساروا من الآخر، وغضب من نفسه أنه لم يفهم كل ذلك من: بداية التحول المفاجئ, ثم أخذ يلوم نفسه : بقسوة لتردده عليهم كثيراً من أجل الاطمئنان عليهم، وشعور شبه صامت فيما بينهم مسؤول عنهم، فكثيرا ما طلبوا منه الترويج لمنتجاتهم من الأثاث وتصريفها ،كان ذلك عن طيب خاطر فكيف يعتقدون أنه يأتي إليهم من أجل الوقوف على أسرار صناعتهم و كم ربحوا من منها وأن أن "عينه' نفذت فيها دون رحمة وأصابتها قبلهم :بالحسد كان السؤال عبارة سهم نفذ بقوة مستقرا في حشاه ينهش جسده:يقتله ويغتاله معنويا ،قبل أن يطوي وينهي علاقة طويلة كان يظنها حائط يستند عليه ويحتمي خلفه من ضربات الزمن.
أما زوجته المدرسة المثقفة التي تعرف قدر زوجها جيداً ونبل مقصده تجاه كل من يعرفه أو على علاقة به فأخذت: تسري عنه وتلاطفه وتصف من أطلقوا عليه هذه الإشاعة بالسفه العقلي والضحالة الفكرية فهي قارئة نهمة وتكتب في الفكر الأدب هواية منذ الصغر، وتتسرب حديثها: ثقافة رفيعة بسلاسة وأسلوب رشيق أثناء حديثها مع الجميع دون مفترضة فهم الطرف الآخر لما تقول، أو أنها تجرب كيف تصوغ ما قرأته كيف تعبر عنه مع الآخرين ومن ثم تختبر مدى نجاحها في ذلك، فأخذت تحثه على الخروج من المنزل الذي لم يغادره منذ أسبوع فقد أخبرها أن لم يعد له قدرة تحمل النظرات التي تصوب إليه و التي حاكمته وقالت كل شئء ثم أصدرت حكمها عليه بالإدانة، حتى أنه لا يحتمل حتى نظرات شفقة المتعاطفين معه.
وما فهمته الزوجة من حديث زوجها السابق الذي هو أقرب الشكوي المحملة حروفها بآلام :أنه تعرض لدعاية أو إشاعة والتي يتم تعرفيها بالأكثر تأثيرا وهي: التي يتحرك فيها الشخص المستهدف في الاتجاه الذي يريده من أطلق عليه هذه الإشاعة لأسباب يعتقد بعد بعدها من أطلقت ضده هذه الدعاية أنها: أسبابه هو فيعتقد أنه مدان بالفعل فيقد الثقة بنفسه، ويزرع بذلك الشك بداخله, فهي إشاعة شبيهة بإعلام بعض البلدان ذات الإعلان الموجه تجاه شعوبها لكي تعيد صوغ الحقائق وتشكيل العقول وتوجيه الرؤى، قالت له وهي تتمنى عليه يفهم فحوى حديثها، أو أن توفق هي في توصيل ما تريده لزوجها: إنهم صنعوك حسودي فوجود صاحب العين سواء أنت أو غيرك: يبرر فشلهم في الفترة الماضية وأيضا لكي يلقون تبعات عدم نجاحهم في أى عمل في الأيام القادمة ، فمن وجهة نظرهم أنهم.عثروا و على حل سحري وصك براءة لهم من كل فشل، كان أسامة يستمع لحديث زوجته والذي بدا من ملامح وجهه أنه لا يفهم أكثره، ولكنه متأكد أنه تقول الحقيقة ولكن هيهات فقد ألصقت به التهمة .
توفي أسامة يعدها بفترة قصيرة في حادث سيارة وتوفى معه أيضاً شخص آخر من الركاب ثم انتشرت بعدها مباشرةً اشاعه مفادها: أن المجموعة التي أطلقت على أسامة بأن حسودي هي من تحسد فلو أن أسامة من يحسد لما مات هو وظلوا هم على قيد الحياة، وبما أنه حدث العكس فهم من قصفوه بعيونهم الصفراء التي لا تصلي على النبي "صلى الله عليه وسلم" فقام العقل الجمعي للمنطقة بصوغ الحقائق وتشكيل العقول وتوجيه الرؤى وضبط المصطلحات من جديد وبناء علية أصبحت :المجموعة هي من تتصف بالحسد وتتمتع بقدرة غريبة على حرق الاخضر قبل اليابس، حتى أصبحت صفة الحسد مرادفة لذكر أي فرد منهم ،وبكل ما نعتوا به أسامة في السابق من صفات سلبية.
أغلب أفراد المجموعة هذه تلازم بيوتها ولا تخرج مه قليلا ، أما البقية إذا: أتخذ أحدهم طريقا، سار أهل المنطقة من الشارع المقابل مخافة عينهم الصفراء؟!