سحر الجعارة تكتب : إلا التراث يا «مودى»

سحر الجعارة تكتب : إلا التراث يا «مودى»
سحر الجعارة تكتب : إلا التراث يا «مودى»
«إلا رسول الله يا مودى».. هذا الهاشتاج الذى تصدر «تويتر» مساء السبت، كان معبراً عن غضبة المسلمين، أو ما يسمى «الغيرة على الإسلام»، وهى غيرة محمودة أحياناً.
وكان المتحدث الرسمى باسم حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم فى الهند، الذى يتزعمه رئيس الوزراء ناريندرا مودى، قد نشر تغريدة تساءل فيها عن سبب زواج النبى محمد من السيدة عائشة وهى لم تبلغ حينها عشر سنوات؟ ما أثار غضباً واسعاً بين رواد التواصل فى العالم العربى.
الآن أطرح السؤال الأهم: من الذى أساء للسيدة «عائشة»؛ السياسى الهندى أم نحن المسلمون؟.. من الذى شوه سيرة نبى الرحمة؟ «الهندى» أم «البخارى»؟
الرواية ذائعة الصيت التى يكاد يعرفها كل مسلم، والتى جاءت فى «البخارى ومسلم»، أن النبى (صلى الله عليه وسلم)، وهو صاحب الخمسين عاماً، قد تزوج أم المؤمنين (عائشة) وهى فى سن السادسة، وبنى بها -دخل بها- وهى تكاد تكون طفلة بلغت التاسعة، وهى الرواية التى حازت ختم الحصانة الشهير لمجرد ذكرها فى البخارى ومسلم، رغم أنها تخالف كل ما يمكن مخالفته، فهى تخالف القرآن والسنة الصحيحة وتخالف العقل والمنطق!!.
هذه ليست التهمة الوحيدة التى تُنسب لرسولنا الكريم من كهنة «البخارى»، فالمعركة الحقيقية ليست حول سن السيدة عائشة، إنها معركة على «السلطة الدينية»، فإذا سمح وكلاء الله على الأرض بفتح باب الاجتهاد والتشكيك فى «البخارى ومسلم» وفى صحة رواياتهما المنقولة عن الرسول، سوف تسقط دولتهم وهيمنتهم على البشر وتسقط معها مؤسسات محلية وأخرى عابرة للقارات مثل منظمة «الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين»، لصاحبها «القرضاوى»، الذى سبق أن اتفقت مصر والسعودية والإمارات والبحرين على تصنيفه «كياناً إرهابياً»!.
الفرق بين العمل لخدمة الإنسانية والدين أو للانتفاع وتحقيق الثروات والنفوذ لدرجة «الإرهاب» شعرة رفيعة، فتظاهرة «إلا رسول الله يا مودى» لم تكن إلا تظاهرة إلكترونية لمن يجرؤ أن ينفى أن الرسول الكريم قد سُحر أو حاول أن ينتحر.. ومن يقترب من أحاديث الآحاد، تلك التى توشك السعودية على حذفها من السنة تحديداً، فأنت تهدد نفوذهم وتنزع أهم آليات حكمهم الدينى حين تجردهم من «التراث»، الذى يراه شيخ الأزهر ثلاثة أرباع الدين.. بينما تخضعه هيئة علماء السعودية للتدقيق لحذف الأحاديث الضعيفة والمنسوبة زوراً إلى رسولنا الكريم.
نصل إلى هذا الدين الذى يرونه «هشاً» قابلاً للكسر من أى مناقشة فكرية أو اجتهاد، الدين الحساس الذى تغضب وتزمجر من أجل حمايته العمائم الكبيرة وتطالب بإعلان الحرب وتفعيل المقاطع لأن «ثوابته» تهتز باللمس أو الإيحاء ويجب أن تطير الأعناق لحفظ ثباتها.. أليس هؤلاء هم ضعيفو الإيمان الذين لا يوقنون بأن للدين رباً يحميه؟!.
لو قرأ أحدهم رواية «عزازيل» التى أثارت غضب المسيحيين ولم يمنعها أحد من التداول فى مصر أو خارجها!.. بل نالت جائزة البوكر.. لعرف بأن «الفاتيكان» حاول منع رواية «شفرة دافنشى» فانتشرت وتحولت إلى فيلم سينمائى يُعرض على قناة mbc2 العربية، رغم أن الفيلم يدور حول «نسل المسيح عليه السلام».. لشاهد فيلم «البابوان»، الذى ينتقد الكنيسة ويتهمها بالفساد!! لتابع «مورجان فريمان» فى سلسلة الوثائقيات التى يبحث فيها عن ماهية المعتقدات والديانات والروح والبعث و«الإيمان».
المسيحية لم تهتز ولم تندثر أمام كل هذه الأعمال وغيرها.. لأن الإيمان لا تمحوه رواية أو فيلم أو كاريكاتير!.
فى هذا البلد تم تكفير المسيحيين عدة مرات، وقام الأوباش بالاعتداء على «الكاتدرائية» نفسها، ولم يصرخ المسيحيون ذعراً من ضياع دينهم ولا أرجحة ثوابتهم.
احترس: فتراثك الذى ألصق عادات الجاهلية برسولنا الكريم لن يصمد كثيراً أمام «الصحيح» القادم من الرياض.