ذكريات !! بقلم: باسم أحمد عبد الحميد

ذكريات !! بقلم: باسم أحمد عبد الحميد
ذكريات !! بقلم: باسم أحمد عبد الحميد
أصدق ما يكتب العشاق هي تجاربهم العاطفية ،لاسيما أن كانت خاصة وليست للنشر ...ولكن لا أعلم لماذا أكون  متشائما تجاه قصص الحب الكبيرة ؟!
ربما لأن قصص الحب الفاشلة هي التي كُتب لها الخلود ..فقيس لم يتزوج ليلى ،لأنه في عُرْف العرب الجاهليين ،قد شَبب بها ،أي فضحها بحبه ،وقال فيها شعراً عرفته كل القبائل ..
والمحبُ تفضحه تصرفاته،..فيوماً تجده يُحلق في السماء راقصاً مغرداً ،ويوماً آخر تجده يعتصر ألما .. 
وآخر يصدح كعصفور ( الكناري) ليعرف كل من حوله أنه عاشق ولهان ،من أطراف شعره ،لإخمص قدميه..
والمحب يريد أن يعلن للعالم عن سعادته،حين يقابل حبيبه، وعن حزنه،ومرضه ،أحيانا إذا حدث مالا يرضيه !!
ومشاكل العشاق في حجم شجرة البلوط كبيرة للغاية ،ذلك أن سقوط ألف شجرة في الغابة ،لا يعلم بها أحد،أما سقوط شجرة بلوط واحدة ،فيعلم بها كل من في الغابة !!
ومشاكل العشاق بحجم شجرة البلوط ،لذا فسقوطها، يكون مدوياََ...
سنوات مضت  ، ولم تسقط مني ذكرياتي الخالدة ، ،ومضى مع هذه الذكريات  قطار العمر ،كنت أحسب أنني سوف أنسى ذكريات حبي الأول، وحكاياتي القديمة ...كنت أعتقد أنني سوف أتخلى  عن أساطيري، وأقلامي ،ودفاتري ،وعشقي،وهيامي !!!
لكن لم يحدث  ،فظلت تلك الذكريات قابعة أمامي لا تتحرك لحظة  ،خالدة كنقش فرعوني ، وكعطر فرنسي عتيق  يزيد قيمته كل مر  الزمان عليه !! ...
كنت أتخبط كثيرا بين الوعي ،واللاوعي ...
تارة على أرض الواقع ،وأخرى في عالم من الخيال والوجد .. 
وكانت الطريقة الوحيدة للوجود بالنسبة لي أن أعي أنني لازلت موجودا أتنفس عشقا !!!
وينبني على هذا بداهة أن الوعي يمكن أن يدعو ذاته إلى الوجود ،
ولكن لا فعل له في شيئ غير ذاته ،ففي وسع المرء أن يكون واعيا بمحتوى حسي ،لا يستطيع أن يستخرجه من العدم ،أو من اللاوعي ،
أو أن يبعث به إليه، فإذا كانت الصورة إدراكا فهي تلقائية وشفافية ولكنها لا تكون وعيا مطلقا ...
واسأل نفسي هنا :
هل في حديثي لها ،أو سماع صوتها رغم المسافات ،والقارات، إشباع للروح ،والنفس ،وارتواء لعطش السنين؟!!
هل لازالت تتذكرني ونحن نلعب سوية!!!
هل تذكر كلماتي ؟!! 
هل تذكر أغنية ( شادي ) !!!
هل أبقت على حبي لها ،أم أنها تنازلت عن مقعدها في قلب لاينبض الا  بها و  لها !!
يقول الشاعر الصديق عبد الكريم سيفو في إحدى قصائدة
  طفلين  كنّا  ,  وللأطفال     نزْواتُ
والوقت ظهراً, وما في الحيّ أصوات
كنّا  وحيدين  ,  لا  أدري  بساعتها
كيف  استباحتْكِ  من عينيّ  نظْراتُ
وقلت : هل تقبليني لو كبرتُ غداً ؟
وضاع  صوتي ,  وقد أخفتْه  آهاتُ
ضحكتِ  مُطرِقةً  ,  خجلى  كفاتنةٍ
غارت من  الطفلة  الحسناء  ورداتُ
ركضتِ  هاربةً   للبيت  ,   مسرعةً
وما  أجبتِ  ,  وغابت منكِ  طلّاتُ
كبرتُ من بعدها عمراً , وها  أنذا
قد عدتُ أسأل , لم تأتِ الإجاباتُ
ما زالت  الكرمة الخضراء  تذكرنا
ومن  عناقيدها  اشتاقتكِ   حبّاتُ
يا ليت أرجع طفلاً  , علَّ تعرفني
فقد  هرمنا ,   وأدمتنا   الغياباتُ!!