الحسين عبدالرازق يكتب : نظرية السيد هولمز!

الحسين عبدالرازق يكتب : نظرية السيد هولمز!
الحسين عبدالرازق يكتب : نظرية السيد هولمز!
الشهرة شيئ جميل وحلم يراود الجميع فيسعون إلي تحقيقه والوصول إليه واقتناصه والحصول عليه بكل ما أوتو من القوة لما له من مزايا ومكتسبات وفوائد يحصدها الشخص المشهور، لت تخرج عادة عن الثراء المادي والتقدير المعنوي والمكانة الاجتماعية والمحبة المجتمعية  ...  الخ الخ 
هناك وجه آخر للشهرة قد يغيب عن الكثيرين ادراكه أو رؤيته، ربما عرفه البعض وتغافلوا عنه وتجاهلوه عند بداية الطريق، ثم قضوا ما تبقي لهم من العمر يعانون! ليست الشهرة دائماً نعمة، فقد تنقلب النعمة إلي نقمة تحيل حياة صاحبها إلي نقيض السعادة التي لطالما حلم بها وسعي إلي الوصول اليها  عبر بوابة النجومية! 
فالخصوصية مثلاً، هي واحدة من أعظم النعم علي نفس كل إنسان، يحظي بها الجميع بينما يحرم منها الشخص المشهور لمجرد أنه صار مشهواً فبات مراقباً طيلة الوقت، في ذهابه وإيابه، في جلوسه وقيامه، نومه وثباته، موته وحياته! قد يكون الكلام محبطاً، ولكنه حقيقياً وواقعاً ولعل المثال الأبرز علي صدق ما نقول، هو ماحدث مؤخراً مع الفنان الراحل سمير صبري، من تشويه لسمعته، وتناول البعض لسيرته بما لا يليق ولن يفيد أحدا من محبيه أو حتي كارهيه! سمير صبري كان متجوز، سمير عمره ما اتجوز، لاء ده اتجوز مرتين، سمير كان عنده ولد، لاء معندوش ولد، لاء ده عنده ولدين، سمير كان خياله واسع وحكاية إبنه دي كانت كذبة بيضا، سمير كان بيحلم، سمير كان  ...  وكان  ... وكان، يحدث هذا كله ولم يكد يمر اسبوعان علي رحيل الرجل، فخبروني بربكم عن ماهية مايمكن أن يكتب أو يقال في متن هذا المقال ليقدم توصيفاً يليق بتلك الحالة العبثية التي تبعث علي الضيق، والتي وصلنا إليها بفضل الدش وقنواته، والنت بصفحاته وترينداته! سمير صبري كان إنسان ومات، الله يرحمه ويرحم الأموات بتنبشوا في قبره ليه؟ كان عنده ولد أو ماكانش، هيفيدنا ده في إيه؟! لقد رحل الرجل إلي رحاب ربه وأفضي إلي ما قدم فلماذا يتسابق البعض إلي حشر أنوفهم علي اختلاف أنواعها واشكالها واحجامها، مدببة كانت أو "مكعبرة" محدبة كانت أو مدورة، طويلة، كبيرة، أو قصيرة في موضوع غير مفيد ! وأنا هنا لا أقصد توجيه الإساءة إلي أحد، كوني أحترم الجميع "حتي وإن كرهت أنوفهم" ولكن الأمر مستفز ويا مكتر المتطفلين!
لم يكن سمير صبري هو أول من تلوك سيرته الألسن ولن يكون الأخير، فالقائمة طويلة والأسماء كثيرة والأنوف متنوعة، ولعل الملفت في الأمر، أنها ذات الأنوف ونفس تلك الألسنة، التي سبق لها أن تناولت من قبل سير كل الراحلين بداية من عبد الحليم حافظ وحكاية زواجه من سعاد حسني، وعادل أدهم وقصة إبنه من زوجته اليونانية التي أخذته وهربت، وحياة أم كلثوم الخاصة، إلي آخره من سير"المرحومين" هي من تلوك الآن سيرة المرحوم سمير وكأنهم "متخصصين" في نبش قبور الراحلين، وهم الذين لم ينبسوا ببنت شفه من كل مايقولونه الآن أثناء حياة الفنانين، فلماذا نفعل هذا بموتانا؟ هل لمجرد أنهم من المشاهير؟ وهل ذنبهم أنهم نجحوا ؟! 
يقول الكاتب الأمريكي أوليفر وندل هولمز، أن الإنسان " كل إنسان بلا استثناء" إنما هو ثلاثة أشخاص في صورة واحدة، الإنسان كما خلقه الله والإنسان كما يراه الناس والإنسان كما يري هو نفسه، لو اقتنعنا أو أدركنا أو اتفقنا أو صدقنا مقولة السيد هولمز "أو نظريته"، وتعاملنا مع الفنان علي أنه فنان " فقط"  واللاعب لاعب "فقط" والأديب أديب والسياسي سياسي ......  الخ الخ  لأرحنا واسترحنا ولأشفقنا وترفقنا بكل الراحلين ولنأي البعض بنفسه عن الرقص علي جثثهم بالتطرق إلي أمور تخصهم ولا تعنينا، وقد تؤلمهم في قبورهم وتؤذيتا أو فلنقل لن ترضينا، سمير صبري وسعاد حسني وام كلثوم وعادل أدهم وعبدالحليم وغيرهم كانوا فنانين ومبدعين، أسعدونا بأعمالهم وتفوقوا علي غيرهم، قد تتفاوت لدي البعض درجات قبولهم، قد يختلف البعض علي شخوصهم، قد تختلف الآراء حول أعمالهم، ولكن مالا خلاف عليه أنهم كانوا بشر، يسري عليهم ما يسري علي باقي البشر، ماتوا ورحلوا إلي بارئهم وباتوا لايملكون شيئاً من أمر أنفسهم، فالنذكرهم بالخير إن استطعنا، و إن لم نستطع فلنصمت وليسعنا صمتنا .... 
نسأل الله العظيم أن يحفظ بلادنا، وينصر قائدنا، ويحسن خاتمتنا  .