وَلَقَدْ ذَكَرْتُكَ يَا أَبِيْ فَتَتَابَعَتْ
صُوَرُ الْحَنِينِ تَأُمُّنِي لِنَدَاكَا
مُتَنَاثِراً مَن دَاخِلِي وَكَأَنَّنِي
أَشْلَاءُ غَيمٍ تَلْتَقِي بِثَرَاكَا
أَشْتَاقُ طَيْفَكَ كُلَّمَا مَرَّتْ بِنَا
لَأْوَاءُ دَهْرٍ مُرْتَجٍ لِحِمَاكَا
مَا غَابَ ذِكْرُكَ مُذْ فَقَدْتُكَ يَا أَبِي
مَازَالَ يَنْبِضُ فِى الْفُؤَادِ سَنَاكَا
مَنْ ذَا أَحَقُّ بِذِكْرِهِ بِقَصَائِدِي
مَا فِى الْحَيَاةِ أَحَقُّ مِنْكَ بِذَاكَا
أَبَتَاهُ بَعْدَكَ مَا عَرَفْتُ سَكِيْنَةً
أَوْ رَاحَةً أَمَّنْتَهَا لِفَتَاكَا
فَبِظِلِّكُمْ عِشْنَا بِلَا خَوفٍ وَلَا
بَأْسٍ كَبُؤسِ حَيَاتِنَا عُقْبَاكَا
لَمْ تَرْجُ يَوْماً لِلْعَطَاءِ مُقَابِلاً
كَالْبَحْرِ يُعْطِي لَا يَرَى الْإِمْسَاكَا
مَا عُدْتُ يَوْماً دُونَ بَحْرِكَ يَا أَبِي
مِنْ قَبْلِ سُؤْلِيْ كَانَ قَوْلُكَ هَاكَا
وَلَكَمْ حَمَلْتَ مِنَ الْهُمُومِ لِأَرْتَقِي
لَا مَا نَعِمْتُ بِرِفْعَةٍ لَولَاكَا
وَإِذَا عَثَرْتُ حَمَلْتَنِي مِنْ عَثْرَةٍ
وَتُقِيلُنِي إِمَّا عَثَرْتُ يَدَاكَا
وَأَبَيْتَ إِلَّاْ أَنْ أَكُونَ مُقَدَّماً
فَاهْنَأْ فَذَلِكَ مَا رَعَاهُ سِوَاكَا
حَصَّنْتَنَا بِالْعِلْمِ حَتَّى نَرْتَقِي
مَنْ ذَا نَدِيْنُ بِفَضْلِهِ إِلّاكَا ؟!
عِشْتَ الْأَمِيْنَ عَلَىْ رِعَايَةِ أُسْرَةٍ
وَحَفِظْتَ فِيْنَا الْلَّهَ مَا اسْتَرْعَاكَا
لَو أَمْهَلَ الْمَوْتُ الْفِرَاقَ أَيَا أَبِي
لَرَأَيْتَ مَا قَرَّتْ بِهِ عَينَاكَا
وَفَّيتَ يَا أَبَتِي الْعَطَاءَ بِحِفْظِنَا
وَفَّاكَ رَبُّكَ فَضْلَهُ وَجَزَاكَا
لَو لَمْ يَكُنْ إِلَّاْ رِعَاْيَتُنَاْ أَبِي
لَكَ دُونَ كُلِّ كَرِيمَةٍ لَكَفَاكَا