الحسين عبدالرازق يكتب : التجربة الأرجنتينية!

الحسين عبدالرازق يكتب : التجربة الأرجنتينية!
الحسين عبدالرازق يكتب : التجربة الأرجنتينية!
 
 
 
متى سيرضي الله علينا ويريحنا ويزيح عنا هذا البلاء والابتلاء والطمع والجشع والغلاء الذي طحن عظام الفقراء، ونهش لحوم البسطاء في زمن الجائحة والوباء؟! 
أخذت الأسعار في الازدياد، في شتي ربوع البلاد، فما الذي يحدث بالضبط؟ أين الضمير ياسادة، ولماذا كانت الزيادة؟! علي أية حال سنقول رأينا باختصار دون أي تقليل مخل أو المزيد من الإكثار  .. أن تضيئ شمعة صغيرة أفضل من أن تلعن الظلام، هذا مما علمني والدي، وهو ما سأحاول فعله بعد الإتكال علي الله خلال السطور القادمة، سألقي بقعة ضوء علي تجربة "شعبية بامتياز" حدثت قبل بضع سنوات في دولة الأرجنتين الصديقة، وكانت ناجحة وناجعة ودقيقة، وفعالة وفاعلة وعميقة! 
فعندما استيقظ المواطنون هناك، ووجدوا أن أسعار البيض قد زادت، ولم تكن نسبة الزيادة كبيرة، حيث زاد سعر طبق البيض بمقدار ١ بيزو "والبيزو هو اسم عملة الأرجنتين" قرروا رفض الزيادة، معتبرين إياها محاولة من التجار لإستغلالهم، وامتنعوا تماما عن شراء البيض، وقالوا بلاه البيض ومش هناكل بيض، توقف الناس عن الشراء ، ولكن الدجاجات لم تتوقف عن القيام بدورها في انتاج المزيد من البيض، بعد عدة أيام اجتمع أصحاب شركات الدواجن، وناقشوا الموضوع فيما بينهم وقالوا بناقص ياجماعة من البيزو الزيادة، ونلحق نبيع البيض قبل ما يمشش ويفسد، فقرروا إعادة الأسعار إلي ما كانت عليه في السابق، لم يؤت القرار ثماره واستمر المواطنون في المقاطعة، واستمرت الدجاجات تبيض وتأكل العلف وتبيض وتأكل العلف، والتجار لا يبيعون البيض، ويدفعون ثمن العلف ... الخ الخ 
امتلأت المخازن والمستودعات، والثلاجات الكبرى والبقالات بالآلاف من أطباق البيض الذي أوشك علي الفساد جراء ما لحق به من الركود والكساد، ليجتمع التجار مرة ثالثة ويتخذوا قرارات جديدة  كان أولها تقديم اعتذار رسمي للشعب الأرجنتيني عبر جميع وسائل الإعلام المكتوب والمسموع والمرئي، عن كل ما حدث، مع تعهد بعدم التكرار وقرروا تخفيض الأسعار بنسبة 75%  ...
( يعني البيضة إذا كانت بجنيه مثلاً، فنزلت لربع جنيه ) 
وهكذا نجحت التجربة الأرجنتينية بامتياز في كبح جماح الغلاء، لقد قدم مواطنوا الأرجنتين درساً في أهمية أن يكون الشعب إيجابياً عندما حاربوا الغلاء بالإستغناء، ولعله هو نفس ما دعا السيد الرئيس حفظه الله شعبنا إلي فعله عندما قال من قبل "الحاجة اللي تغلي ما تشتروهاش"  ..  ولكم أن تتخيلوا معي ما الذي من الممكن أن يحدث، إذا ما توقفنا لفترة عن شراء اللحوم أو الأسماك أو الدواجن، أوبعض صنوف الخضروات والفاكهة، ولو علي سبيل التجربة؟
إن لكل سلعة من هذه السلع فترة زمنية محددة تكون فيها صالحة للاستهلاك والتناول، فماذا سيحدث لها إذا ما قررنا مقاطعتها؟ إنها حتما ستفسد، وسيتكبد بائعيها والمتاجرين فيها خسائر ستكون كافية وكفيلة بأن يتقون الله و يرعوون، وألا يكونوا مستغلين، فلنخض غمار التجربة ونكن إيجابيين، ونفعل كما فعل أصدقاؤنا في الأرجنتين .
حفظ الله بلدنا، وأعان شعبنا، ونصر قائدنا
 قائد جمع الحق والإيمان  .