على هامش إطلاق تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية فى مصر للعام الحالى بالعاصمة الإدارية، لفت الرئيس السيسى الأنظار إلى وضعية اللاجئين فى مصر، يقول للعالم: «مصر بها أكثر من ٥ ملايين من غير المصريين، مش بتشوفوهم فى المعسكرات خالص، معندناش معسكرات فى مصر للاجئين، إحنا عندنا مواطنين، ضيوف عندنا فى مصر بيعيشوا وسطنا، واللى بنقدر نقدمه لمواطنينا بنقدمه ليهم- يقصد غير المصريين».
مصر لا تحسب الحسابات، ولا تنتظر عطاءات، معلوم أن الكريم يبتدع أسبابًا للعطاء، والكرم المصرى من صنف فاخر، الكرم الحقيقى هو أن تعطى أكثر من استطاعتك، وعزة النفس هو أن تأخذ أقلّ مما تحتاج، والكرم هو أن تعطى ما أنت بحاجة إليه فعلًا.
مصر التى تعانى لا تبخل باللقمة مغموسة فى عرق العافية، تطلع اللقمة من فم الفقير تطعم بها مَن ضاقت بهم سبل العيش الكريم، مصر ليست غنية بالمقاييس الاقتصادية، ولكنها كريمة بالمواصفات الأخلاقية، والغنى غنى الله.
المعنى فى بطن الشاعر، مصر كبيرة قوى، وحضنها حنين قوى، وشعبها كريم قوى، لم يصدر منها حرف فى قرار يخص أحبتنا فى ديارنا، ورغم ضيقة الجائحة، لم تتبرم من المقيمين فيها، السورى له مثل المصرى، والسودانى يأكل من نفس الطبق، والفلسطينى له ما لنا وعليه ما علينا، والليبى.. إذا ما شالكم المكان تشيلكم العيون.
مصر لا تتاجر باللاجئين، ولم تطلب جزاء ولا شكورًا، غيرها بيحصل على المليارات بعد أن بنى المعسكرات فى العراء، ويحاسب على عدد الرؤوس، مصر تخلو من المعسكرات، ولا تضيق باللاجئين، ولم تبتز أوروبا، ولم تطلب مساعدات من الأمم المتحدة، ولم تهدد بموجات الهجرة ضغطًا على الضمير العالمى.
مصر الكبيرة لا تتبرم بمَن فيها، وتكرم وفادة مَن لجأ إليها، ولا تفرق بينهم وبين المصريين، وصاروا كما يقولون كلنا فى الهم مصريون، فى قلوبنا مسكن، وفى عيشنا مأكل، هذه طبائع المصريين، ويصدق فيهم القول العميق: «الكريم لا يُضام».
فيضان النيل علّم المصريين العطاء من فيض الكريم، عطاء بلا حساب، وأجود من الريح المرسلة فى الجوائح التى تُفقر البيوت، لم يشعر غير المصرى بأنه غريب بل حبيب، صاحب بيت، يستشعر محبة فى حلّه وترحاله، وفرصة العيش الكريم، وفرصة عمل، وعيش كريم بين أهله وناسه.
ذوبان اللاجئين فى موج المصريين كالسكر مذابًا فى ماء النيل. كرم المصريين يسبغ حياة اللاجئين بالأمن والأمان والاستقرار، لا يريدون المغادرة، استراحوا على شاطئ النيل بعد شتات، مصر تفتح أبوابها على مصراعيها، ترحب باللاجئين، ادخلوها بسلام آمنين.
مصر ليس فيها «مخيمات لاجئين»، مصر تفتح البيوت للمحبين، ليس بيننا لاجئون، نبغض هذا الوصف على إخوتنا، ولا نتاجر بهم، ولا نطلب من الاتحاد الأوروبى يورو أو من واشنطن دولارًا، ولا نتنطع على الوكالات لقبض ثمن بعَدّ الرؤوس، بل نربت على الظهور المحنية من قسوة الحروب ووطأة الجائحة.
حكى الرئيس تذكيرًا بما تتحمله مصر عن العالم، تتحمله صابرة دون مَنٍّ وَلَا أَذًى، رسالة بعلم الوصول لكل العالم، مصر كبيرة قوى، مصر «قد الدنيا»، مصر أخلاقية، شريفة فى زمن عز فيه الشرف.