تعتبر إتفاقية1902 ، من أهم الحجج القانونية المؤيدة لحقوق مصر والسودان المائية المكتسبة في مياه النيل ،وتتمتع بمرتبة قانونية سامية بين الاتفاقات الدولية لكونها معاهدة حدودية. تعود الإتفاقية لعام 1902، حيث تم توقيعها بين الحكومة البريطانية، نيابة عن الحكومتين المصرية والسودانية والجانب الاثيوبي المتمثل في ملك الحبشه منليك الثاني، وتنص الإتفاقية على منح إثيوبيا اراضي بني شنقول السودانية ، وكذا ترسيم الحدود بين أثيوبيا واريتريا، والاتفاقية محررة بالانجليزية و الامهرية ، ومقابل هذا المنح الغير عادل بل والغير منطقي، حيث يعطي من لا يملك لمن لا يستحق، يتعهد ملك الحبشة بعدم إقامة منشآت على النيل الازرق أو بحيرة تانا أو نهر السوباط، من شأنها إعاقة تدفق مياه النيل إلى دولتي المصب مصر والسودان . وإثيوبيا كعادتها تعاملت بازدواجية غريبة، وغير مسئولة، مع هذه الإتفاقية ، حيث اعترضت عليها وتجاهلت بنودها فيما يخص نهر النيل . أما فيما يتعلق بترسيم الحدود فقد استشهدت بها بل وتمسكت ببنودها الرامية نحو ترسيم الحدود مع جارتها السودان في سبعينيات القرن الماضي، والأمر ليس بغريب على الدولة الإثيوبية ، التي طالما وجدناها تتنصل من تعهدات وإتفاقات أبرمتها على مرأى ومسمع من المجتمع الدولي، الذي لا يرى في ذلك جرما، طالما كان خصم إثيوبيا ليس حليفا له بالقدر الذي حدده هو ، بما يتفق مع أجندة غابت فيها كل قواعد العدل والحب والتعايش الأمن بين شعوب الأرض .ويرى الدكتور مساعد عبد العاطي استاذ القانون الدولي ،أن تعامل إثيوبيا الغريب مع إتفاقية 1902، ينم عن دولة ما زالت تتعامل بعقلية العصور الوسطى حيث انعدام المواثيق والقوانين، في ظل سياسة يغلب عليها سياسة الغاب، والاعتراف بالاشئ . ويستدل عبد العاطي على ذلك بأمرين :أولهما:
كيف تصف أثيوبيا هذه الاتفاقية أنها وقعت في ظل الاستعمار رغم أن الاستعمار لم ينل منها سوى 5 سنوات على الاكثر ، إضافة إلى أن الإتفاقية وقعت بين الدولة البريطانية من جهة، والملك الاثيوبي منلك من جهة أخرى، في توقيت كانت الدولة الإثيوبية فيه خارج حسابات الاستعمار .أما الأمر الثاني الذي يدلل به عبد العاطي على ذاكرة الخفافيش التي تتعامل بها إثيوبيا:
أنها صدقت على اتفاقية فيينا عام 1978، والتي تنص في احد بنودها على توارث المعاهدات الدولية . جدير بالذكر أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وخلال مؤتمر باريس قام بإلقاء الضوء على إتفاقية 1902.كان السيسي قد تلقى دعوة من نظيره الفرنسي ايمانويل ماكرون لحضور مؤتمر دعم المرحلة الانتقالية في السودان، وخلاله أكد في كلمته التي القاها:" إنه لتثبيت السلام والاستقرار في السودان، يتطلب ذلك بيئة مواتية سياسيا وامنيا في محيطها الاقليمي، بما يمكن السودان من الحفاظ على استقراره استنادا إلى قواعد القانون الدولي والاتفاقيات الدوليه ذات الصلة ومنها اتفاقية 1902 ". كما أكد على دعم حق السودان في بسط سيادته الكاملة على كامل أراضيه . وإذا كانت إثيوبيا تتنصل من الاتفاقية ،فهي بذلك تثبت بما لا يدع مجالا للشك، للمجتمع العالمي: أنها لا حق لها في بني شنقول ،وبالتالي حق الدولة السودانية في استعادة هذا الجزء الهام وما عليه من منشآت، وصفت بسد النهضة، وضعت عليه الدولة الإثيوبيه ومن خلفها آمالا عريضة، لتركيع الدولة المصرية الأمر الذي لم ولن يتحقق طالما كانت هناك قيادة واعية تحسب لموضع أقدامها وتقدم مصلحة شعبها قبل مصلحتها وتضع نصب عينيها حق الأجيال القادمة في الحياة .