في اغلب الحروب الكبرى كان للاعلام دورا اكبر ساهم في انهاء المعارك عن طريق التاثير على المعنويات قبل التمدير العسكري .. هذا ما جعل المانيا الهتلرية تبدع دعائيا من خلال ماكنتها التي صنعها وزير الاعلام غوبلز .. فيما يؤثره على معنويات الخصوم آنيا وانهيار منظومتهم الأخلاقية لاحقا .. فبعض القيم المجتمعية تعد حصونا لا يمكن تجاوزها بمعزل عن تقييم تلك القيم من الناحية الفلسفية والعقائدية ..
تعد الحرب العالمية الثانية شواهد قريبة ممكن تلمس خطوطها وعيش وقائعها للإفادة من عبرها .. اليابان ضربت نوويا في اكبر فاجعة وبشاعة تاريخية .. لكنها نهضت وأصبحت من دول العالم المتقدم حضاريا لما لقيم الساموراي الأخلاقية من تاثيرات اصيلة منحت المجتمع العصمة والمنعة .. كذلك المانيا التي سحقت واحتلت ودمرت مدنها ومنشئاتها نهضت سريعا لتكن من بين المتحكمين في قيادة العالم الجديد .. السبب يعود الى اصالة قيم المجتمع الألماني الصارمة التي لم تفككها الهتلرية النازية ولم تنزعها قوى وجيوش الاحتلال شرقية كانت ام غربية ..
اليوم وللأسف الشديد تشهد مجتمعاتنا العربية بعد سنوات من الدكتاتورية والحصار والحروب والاحتلال وما جاؤوا به من إرهاب وفساد وما لحقه من موجات عصف قيمي هجين متدني غارق بالانحطاط يمرر بشكل مؤجند لنخر مرتكزات الامة الاخلاقية المعروفة بها من عمق التاريخ التي شكلت صلب قوتهم وبقايا منعتهم برغم كل ما تعرضوا له واعتراهم من قرون احتلالية سحيقة .. اليوم اصبحت مجتمعنا وبيئتنا مرتع لكثير من موجات التطرف والتدني الأخلاقي بما يحمله من تاثير سلبي على السلوك الفردي والعام .. بما ينذر من انعكاس وتداعيات هي اخطر بكثير من كل المخاضات الاحتلالية السابقة المعبئة برحم الاحتلال لادامة زخم خططهم واستعباد الشعوب ونهب خيراتهم عبر بوابة حرف القيم الاصيلة وتبديلها او حرفها عن مكانتها المعهودة سيما لشريحة الشباب .. بقاعدتهم وحراكهم وتاثيرهم المستقبلي .. هنا تكمن خطورة شل القيم التي هي اشد وطاة حتى من عصف القوى النووية كفانا ووقانا الله شرورها ..