كثيرا مالعب أردوغان بورقة أنه خليفة المسلمين المزعوم،وانه الوريث الشرعي للامبرطورية العثمانية لإثارة مشاعر الشارع التركي والعربي والإسلامي بكلمات تتعلق بالملف الفلسطيني وحقوقه، وحامي الديار ،والوقوف أمام "الهجمة الشرسة على الإسلام عبر أبواق قنوات الجزيرة والشرق ومكملين وغيرها ، وبينت الأيام أن شعارات الحق وحقوق الإنسان والديمقراطية الزائفة هذة، أريد بها باطل لتمزيق البلدان والقضاء على أجهزتها الأمنية، ومؤسساتها ، وتفكيك جيوشها ، ونهب خيراتها .
لقد بينت الأيام الحق الباطل من أجل عودة جيوش الإستعمار وحكم قبضته على كل ثروات ومقدرات الحياة العربية، وإدخالها فى سنين طويلة من الظلام والفوضى والضعف والهون.
هناك تاريخ حافل لتركيا وجماعة الإخوان المسلمين في استغلال الاحداث الجارية والحوادث الإنسانية والأزمات التي تصيب بلدان ، لتسيسها في تنفيذ أجندته التخريبية الهادفة لإثارة البلبلة في الشارع العربي والإسلامي ومحاولة وحلفائهم تصدر المشهد السياسي في البلدان وعملية صنع القرار.
أردغان رفع شعار زائف كره الغرب الكافر للإسلام، وأن على تركيا ،الدفاع عن الهوية الإسلامية والتيارات السياسية الإسلامية ،لأن ذلك يعد ورقة ضاغطة لمصلحة تركيا على مسار تطورات الأحداث في منطقة الشرق الأوسط، في المقابل تحولت تركيا إلى ممر ومقر وملاذ ومأوى للمتطرفين والجهاديين من دول العالم، فهي فتحت أبواب دولتها على مصراعيها وحدودها لآلاف الإرهابيين و المقاتلين الأجانب لمهاجمة مصر لإسقاط السيسي وزعزعة الإستقرار في سيناء، وليبيا لإسقاط حفتر ونهب النفط والغاز ، وسوريا من أجل إسقاط النظام السوري ، كما أصبحت مدن الشريط الحدودي لتركيا مع سوريا والعراق حواضن شعبية للكثير من مقاتلي التنظيمات الجهادية والمتطرفين ، سواء كانوا أتراكاً أو أجانب.
بعد نجاح الجنرال المصري عبدالفتاح السيسي في إزاحة حكم جماعة الإخوان المسلمين وحلفائها من الجماعات المتشددة وإعادة مصر لمنطقة النفوذ الدولي ، سعى أردغان وحزبه، بأجندة مشبوهة ،بكل قوته مستغلا علاقته بالإخوان وباقي التنظيمات الإرهابية لإضعاف النظام المصري وتنفيذ مخططاته الإجرامية ، والبحث لنفسه عن مجد ودور ، لإعادة الإمبراطورية العثمانية البائدة ، ومحاولته السيطرة على ليبيا بوابة مصر الغربية ،مستغلا سقوط نظام معمر القذافي في العام 2011، محاولا إغراق ليبيا بمؤسساتها الوطنية المختلفة في الفوضى والاضطرابات داعما وحليفته قطر حكومة الوفاق الوطني الإخوانية برئاسة فايز السراج في طرابلس ،للتخلص من حكومة الشرق التي يسيطر عليها الجيش الوطني الليبي برئاسة المشير خليفة حفتر ، ومن أجل أيضا نهب ثروات ليبيا وشعبها.
تركيا تسعى إلى توسيع مجالات نفوذها على الأراضي الليبية، لا سيما في الجانب الغربي منها، والتي تسيطر عليه حكومة الوفاق الإخوانية والمليشيات ، فآوت أمراء الحرب الفارين من المعارك، وعالجتهم في مشافيها ، وأرسلت الآلاف من المرتزقة والمتطرفين إلى ليبيا ،وأحدث الأسلحة والمعدات ،
إذ إن جائحة كورونا لم تمنع أنقرة في مواصلة مطامعها، ومساعيها لبسط نفوذها في ليبيا ،ودعم حكومة الوفاق الليبية
تحاول تركيا منذ فترة التمدد خارج حدود نطاقها الإقليمي، بالغا ذروته ببدء التدخل العسكري في ليبيا ، ربما بعد أن فقدت الأمل قبل عقود في الإنضمام للإتحاد الأوروبي .
كما تتصور تركيا أن تجد نفسها أقرب إلى منطقة الشرق الأوسط ، معتقده أنها متاح لها أن تتمدد فيها دون كثير من العناء، نتيجة فرض الإتحاد الأوروبي العديد من العقوبات على روسيا المنافس التاريخي الكبير لتركيا ، بسبب استيلاء روسيا على شبه جزيرة القرم في عام 2014، الأمر الذي إعطى أردغان مساحة أكبر للتحرك والمطامع متوهما أنه قادر على ملء الفراغ ، ويرى فيه أيضا أردوغان مخرجا من الأزمة الإقتصادية لبلاده ، مما دفعه للمزيد من الإنخراط في الملف الليبي ، والذي يتوهم أيضا أنه ربما يضمن له مصدراً جديداً من الغاز الطبيعي في المنطقة البحرية الممتدة بين البلدين بحسب إتفاقيات ترسيم الحدود الجديدة مع حكومة الوفاق ، ظنا منه أنه قادر على حماية مصالحه التركية من تبعات مغامراته الإقليمية ، ها هو خاب ظنه. وها هو الآن في مواجهة حصاد مر لما زرع من بذور الفتنة والفوضى في المنطقة.
إذ أنه أدرك الآن عدمية التعويل على الإرهاب بعد أن استقبلت بلاده الآلاف من المقاتلين الأجانب ، واوت الإرهابيين والمشبوهين، في الوقت الذي انتقد رئيس حزب الديمقراطية والتقدم التركي المعارض، علي باباجان، الأوضاع الاقتصادية في البلاد، وتراجع مستوى الدخل والمعيشة، منوهاً بأن النظام الرئاسي في البلاد قيد حقوق الإنسان والحريات العامة.
وقال في كلمة أمام أعضاء حزبه في العاصمة أنقرة: "في البلد الذي نعيش فيه، يعاني الناس من الجوع والفقر، وعدم المساواة في الدخل، وهذا الشيء محسوس بعمق، جيش الفقراء يتشكل بيد الإدارة السيئة، جيش الفقراء يتشكل من سوء الإدارة".