د. شاهيناز أبو ضيف المؤانس تكتب عن: الفلكلور

د. شاهيناز أبو ضيف المؤانس تكتب عن: الفلكلور
د. شاهيناز أبو ضيف المؤانس تكتب عن: الفلكلور

إن كلمة "فلكلور" تشير إلى الفنون الفطرية  التلقائية التي تنتجها مجموعة من البشر ينتمون إلى بيئة لها تقاليد وظروف خاصة تجمعهم احكام وقوانين  وعادات واحدة، يعتمدون في إنتاجهم للفن على السليقة والفطرة  السليمة التي خلقوا بها و جبلوا عليها وتوارثوها عبر الأجيال من الآباء والآجداد الغابرون،والفلكلور لا ينتمي لأسس علمية أو مذاهب معرفية، وإنما لأصحابه قبائل وعشائر مجتمعية من أرباب الحرف المتعلقة بالأعمال اليدوية مثل: “ الصيادون والعُمال والزُراع والراعاة ،والحرفيين  واصنعوا الفخار وداقِقُوا النُحاس ومشتغلوا جريد النخل ،وغيرهم،وكل منهم له طقوس وأسلوب حياة وطريقة تحدث تتلائم وطبيعة مهنته وكذلك له من المواويل،والأناشيد ما يتناسب واسلوب حرفته، وتعد الآلات التي يستخدمها مغنو التراث الشعبي الفلكلور ،تشبهه تماما فهي  التي تُصنع من الخامات الطبيعية المتاحة في البيئة  الجغرافية التي يقطن فيها ويجاري مستوي حرفته ،ومدي رقة وخشونة مهنته. ويشمل مصطلح الفلكلور؛ الفن الشعبي كلًا من الموسيقى والأدب والرقص والفنون التشكيلية والصناعات الشعبية،والتحف وهناك فرق بين الفلكلورالفني والفنون الأخرى، اذ أن الأدباء عرفوا الفلكلور بأنه؛ مجموعة من الحكايات التي في معظمها شعبي؛أي حدث حقيقي أو أسطوري والفنون القديمة و التي تنحصر بمجموعة من سكان بلد ما، وتنتقل هذه المعرفة والفنون من جيلٍ لآخر بشكلٍ متوارث، عن طريق الروايات الشفهية التي يرويها الأجداد للأبناء والأحفاد ونجد أن هناك غناءً تلقائيًا تنتجه النساء والأطفال الذين يعيشون في بيئة مجتمعية وجغرافية لها تقاليدها وعاداتها ومعتقداتها الخاصة يعبرون  بها عن أفراحهم وأتراحهم ، محبتهم وغضبهم، بيئتهم وأرضهم، وحتى ألعابهم.جميع ما يُنتج من فنون تلقائية اعتمد في إبداعها الأول على الارتجال الفوري من شخص أو أكثر في جلسة واحدة، ثم أخذ في التداول الشفهي الذي يحتفظ بالشكل العام للألحان والشطرات الأساسية للأغنية، ولكن يمكن الإضافة أو الحذف بحسب إحساس كل فرد يتداولها، ومع مرور الزمن وتداول عدد كبير من الأفراد لهذه الأغنيات يُنسَى مبدعها الأول وتصبح أعمالاً غنائية بسيطة البناء الموسيقي ؛يطلق عليها فلكلور؛ أي ما أنتجه شريحة مجتمعية من الشعب في بلد ما.ويقتصر الفلكلور في نبع بلدان العالم علي الشق الريفي في الدولة وفي مصرعلي الصعيد والدلتا والنوبة ،ويحتوي فلكلور الصعيد على تراث غنائي مستقل بذاته ومن اشهر اغاني الصعيد هي السيرة الهلالية والطريقة الاشهر لعرضها هي فن الواو وفن الواو عبارة عن مربعات شعرية شعبية قريبة في الوزن والقافية مثل: (جفى الزناتي وقال اخ ياتونس تعبتي معايا … ومالقيت لي خل ولا اخ في الحرب يسند معايا)وأما الأغاني الفلكلورية والتي  يتداولها الصيادون

تتميز بالايقاع الهادي جدا والبعيد عن الايقاعات السريعة والآلات الموسيقية المستخدمة تقتصر على الناي او العود والكمان؛أمثال يا مهون هون علي طول. وتسرد اغاني الدلتا القصص الشعبية وتحكي منظومة عامية قصصية أغلبها واقعي الحدوث في شكل شعري شعبي تاريخي او ديني

 وساعد الفلكلور النوبي القديم ،و ساهم في استمرار اللغة النوبية لليوم  ,واشهر الالات التراثية النوبية الة

( الطار) وهي آلة عبارة عن اطار خشبي رقيق على شكل دائرةيغطيها جلد الماعز؛ بالاضافة (للطنبورة) (والدف) و(العود) وا(لطبل)والغناء الفلكلوري النوبي شأنه شأن غيره ؛يتميز بلحن واحد ولكن بايقاعات مختلفة؛وأبرز هذه الايقاعات النوبية ايقاع (نجريشاد)،والمنشد والمغني النوبي يكثرغناءه للنيل والأرض والسلام ونبذ العنف.

 والفلكلور كما هو نوع من الأدب الشعبي ؛ ،وكل تراث أدبي شعبي، له وظيفته المعينة، في الحياة الثقافية لدى الشعوب ،والوظائف التي يقوم بها الأدب الشعبي المتمثل هنا في الفلكلور منها؛الوظيفة القومية؛ حيث ينتمي كل إنسان إلى جماعة معينة، ويشعر بهذا الانتماء، ويتكيف تبعاً لانتمائه، وقد قيل ؛الإنسان اجتماعي بالطبع"، ويمكن أن يقال أن "الإنسان منتمٍ  بالطبع" ، فالفرد في المجتمع المصري  مثلاً ينتمي لعائلة، أو ينتمي لقريته، أو مذهب سياسي  وقد يتحول هذا الانتماء إلى نوع من العصبية أحياناً، إن هذا الانتماء، وهذه العصبية قد انعكسا بأصدق الصور في الأدب الشعبي، والمتمثل  من أغاني النساء؛ الذي كان يمجد كبير العائلة،ومن الوظائف التي ينميها ويدعمها الفلكلور ترسيخ القيم والمعارف الثقافية وتنظيم حياة الفرد داخل البيئة،وحصوله علي قدر كبير من القيم والمعارف الثقافية، آنذاك إذ لا طريق لتحصيل العلوم والمعارف إلا به فلا مدارس،ولا وسائل اعلام،ولا اندية ولا تكنولوجيا ،إذ انه هو الوسيلة التعليمية حيث حصيلة خبرات السابقين،ولعل الأدب الشعبي كان أهمها في وقت من الأوقات، حيث ضآلة حجم وقلة فاعلية الوسائل الأخرى، ولم يقتصر دور الأدب الشعبي في ترسيخ الاخلاق تدعيم القيم والعادات، بل ساهم في القضاء علي السلبيات من العادات ونبذالردئ من العادات التي تورث الحقد والكراهية والتطرف

وتساند الأمثال الشعبية الأغاني في الحض على النظافة،والصبر ومراعاة الجوار .وهناك الوظيفة النفسية والوجدانية ؛ والتي تتمثل في

التعبير، عن الحالات النفسية والعاطفية، بشكل سار مفرح في الأحداث السارة، وبشكل حزين كئيب في الأحداث الحزينة.

فحينما تحتفل العائلات والمجموعات بحدث كالزواج، والولادة  مثلاً، تعبر عن سعادتها من خلال التراث، وحينما تنتاب المجموعات  الآلام والأحزان نتيجة لموت عزيز، أو ظلم واقع، أو شقاء وحرمان.. فإنها تلجأ للتراث أيضاً، وكذلك يلجأ المحبون والعاشقون إلى التراث يبثواعواطفهم وآمالهم،ومنذ قرن ونصف خلت كان  الفلكلور هو الأساس الرصين و الأهم الذي تعود إليه الفنون، و-خصوصًا الأغاني-. وظل الفلكلور دائمًا يتحرك في كواليس صناعة الأغنية، مهما حاول المطربون الابتعاد عنه ؛إلا أنهم يعودون إليه ،ويظل حاضرًا ولو بطريقة مختلفة،وسيبقي. هوية ؛ يمكن الاستعانة به كجزء هام من حنين الماضي لا ينفك عنا ولا نستطيع الانسلاخ   منه، مهما بعدت السنين وتغيرت أشكال الموسيقى. وتنوعت عبر الازمان ،صَخُبت أو هدأت أو حتي صارت هجينا .وقد تكمن بعض مشكلات الفلكلور  في أن حالات تدوينة بمصداقية تنالها الصعوبة ،و توثيقه ليس من السهل بمكان ، وإن تواترت ، ويكون الاعتماد فيها على الذاكرة الشعبية؛حيث الحفظ والتلقين والتناقل عبر أثير الألسنة  أو على بعض من سخروا حياتهم لتسجيله، لكن هذه حكاية  تحتاج لوقفات أطول.