تعرف على نيللى ساكس.. ألمانيا تتاجر باسمها بعد 49 عامًا من رحيلها.. حصلت على نوبل.. هتلر اضطهدها.. عملت "غسالة" وأصيبت بأمراض نفسية.. و"دورتموند" تتراجع عن منح جائزتها لـ"كاميلا شمسى" بسبب إسرائيل

عاد اسم الكاتبة نيللى ساكس، الألمانية الأصلة السويدية الجنسية، للتردد بقوة رغم رحيلها فى عام 1970، وذلك بعدما قامت جائزة أدبية فى مدينة دورتموند الألمانية تحمل اسمها برفض منح الجائزة للكاتبة كاميلا شمسى، البريطانية الجنسية والباكستانية الأصل، بعدما كانت قد أعلنت عن فوزها فى أوائل شهر سبتمبر الجارى.

 

كانت لجنة الجائزة قد أرجعت سبب تراجعها عن منح الجائزة لـ كاميلا شمسى، أنها تدعم مقاطعة المنتجات الإسرائيلية.

 

بعد هذا الرفض تضامن عدد يصل لنحو 250 كاتبا حتى الآن، مع كاميلا شمسى، معترضين على هذا التفكير غير الإيجابي للجائزة، والذى يضر باسم "نيللى ساكس" .. فمن هى الكاتبة "نيللى ساكس"؟ .

 

  اسمها نيللى ساكس والبعض ينطقونها نيللى زاكس، Nelly Sachs اسمها الأصلى "ليونى" ولدت فى 10 ديسمبر 1891 فى برلين، ورحلت فى 12 مايو 1970 فى ستوكهولم، فازت بجائزة نوبل فى الأدب فى عام 1966.  

 

طفولة نيللى شمسى

كانت نيللى ساكس الابنة الوحيدة لوالدها الذى يعمل فى الصناعة، وقد نشأت فى أسرة مثقفة، وبسبب سوء حالتها الصحية تلقت دروسا خاصة لمدة ثلاث سنوات والتحقت فى عام 1903 بمدرسة الفتيات العليا، وحصلت منها بعد خمس سنوات على الشهادة المتوسطة، قرأت فى سن الخامسة عشرة أولى روايات "زيلما لاجرلوف" وتبادلت الرسائل مع الكاتبة السويدية، ودامت تلك المراسلة 35 عاما، وكتبت أولى قصائدها وهى فى سن السابعة عشرة.

 

نيللى ساكس
 

كانت نيللى ساكس فتاة انطوائية، وظلت غير متزوجة بعدما حاول الأب قطع علاقتها الغرامية برجل مطلق، إلا أن العلاقة ظلت قائمة بينها وبين ذلك الرجل الذى لم يعرف اسمه أبدا، وتم اعتقالهما معا فى بداية الحرب العالمية الثانية، ومات ذلك الرجل فى إحدى معسكرات الاعتقال.

 

وأصدرت نيللى ساكس فى عام 1921 أولى مجموعاتها الشعرية بعنوان "أساطير وقصص" وبتشجيع ومساندة من الأديب شتيفان تسفايج، وكانت القصائد الأولى ذات الصبغة السوداوية لم تزل مصطبغة بتأثيرات من المدرسة الروائية الجديدة وتدور حول مواضيع من الطبيعة والموسيقى، لكن عندما قامت نيللى ساكس بنشر أعمالها الكاملة فيما بعد لم تضمنها تلك المجموعة الشعرية.

 

الحياة الصعبة فى استكهولم 

مات والد "نيللى" بعد معاناة طويلة مع مرض السرطان فى عام 1930، فانتقلت مع والدتها إلى إحدى البيوت المستأجرة الخاصة فى برلين، وفى نهاية العشرينات نشرت قصائدها فى عدة صحف.

 

فى الثلاثينات خضعت نيللى ساكس أكثر من مرة للتحقيق من قبل الجستابو، وتم نهب منزلها من قبل رجال الـ SA، وقررت الهرب من ألمانيا مع أمها، وهو ما نجحت فيه فى مايو 1940 فى اللحظة الأخيرة حيث كان الأمر بنقلها إلى معسكر قد صدر فعلا  وسافرت فى طائرة متوجهة إلى ستوكهولم.

 

نيللى
 

فى السويد عاشت فى ظروف فقر فى مسكن من حجرة واحدة فى جنوب ستوكهولم، وكانت نيللى ترعى والدتها وتعمل بشكل مؤقت "غسالة" لتكسب قوت يومها، وبدأت تتعلم السويدية وتترجم الشعر السويدى الحديث إلى الألمانية، وتطور شعرها فى أثناء سنوات الحرب بشكل كامل عن قصائدها المبكرة الرومانتيكية.

 

نشرت نيللى ساكس ديوانيها "فى مساكن الموت" و"إظلام النجوم" فى برلين الشرقية عام 1949 بفضل يوهانس بيشر. ولكن لم تنشر لا فى السويد ولا فى المناطق الغربية من ألمانيا، وفى العام نفسه نشرت مجموعتها الثانية إظلام النجوم فى أمستردام، وأثنى عليها النقاد، وقرأت بشكل نادر فى الجمهورية الألمانية الاتحادية الحديثة النشأة. 

 

فى بداية الخمسينيات ماتت أمها وترك ذلك أثرا نفسيا عميقا عليها، وفى سنوات الخمسينيات بدأت مراسلة مع باول تسيلان الذى زارها فى باريس فى عام 1960، وفى عام 1963 حصلت على الجنسية السويدية، وفى نهاية العقد وبعد سنوات من العزلة وجد اسمها أخيرا طريق الشهرة فى البلاد الناطقة بالألمانية، ونشرت مجموعتاها "ولا يعرف أحد المزيد" و"الهروب والتحول" المتأثرتان بالسريالية الفرنسية فى عامى 1957 و 1959 فى هامبورغ وميونخ وشتوتجارت.

 

كانت أول جائزة أدبية ألمانية تحصل عليها هى جائزة الشعر من الدائرة الثقافية فى النقابة الاتحادية للصناعة الألمانية فى عام 1959 لكنها حصلت عليها فى غيابها، فلم تكن "نيللى ساكس" ترغب فى العودة إلى ألمانيا فخوفها كان ما زال كبيرا، وظهرت عليها علامات مرض نفسى، وبعد أن منحت جائزة "دروسته" للأديبات فى عام 1960 كانت تلك المرة الأولى التى تطأ فيها أرض ألمانيا بعد عشرين عاما من الرحيل، لكنها انهارت بعد عودتها إلى السويد، وقضت ثلاث سنوات فى مصحة نفسية فى ستوكهولم.

 

نيللى ساكس تتسلم جائزه نوبل
 

فى عام 1961 أسست مدينة دورتموند جائزة نيلى ساكس ومنحتها لصاحبة الاسم، وكانت أول امرأة تمنح جائزة السلام لتجارة الكتب الألمانية فى عام 1965، وكانت سببا فى رحلتها الثانية إلى ألمانيا.

 

فى عيد ميلادها الخامس والسبعين فى 10 ديسمبر 1966 منحت نيلى جائزة نوبل فى الأدب من يد الملك السويدى، وألقت خطاب شكرها القصير بالألمانية واقتبست فيه من قصيدة لها "استبدلت بالوطن تحولات العالم"، وقد وفى سنوات عمرها الأخيرة انسحبت من الأضواء وعاشت فى عزلة، وبجوار معاناتها النفسية فقد أصيبت بالسرطان ماتت بسببه فى مستشفى فى ستوكهولم فى 12 مايو 1970، ودفنت فى مقبرة يهودية فى شمال ستوكهولم.


 

 

هذا الخبر منقول من اليوم السابع