ذكرى قيثارة السماء الـ134.. الشيخ محمد رفعت "صوت أحبه الجميع".. ولد 9مايو وحفظ القرآن الكريم فى عام فقط.. فقد بصره صغيرا وافتتح الإذاعة المصرية عام1934.. "الزغطة" تنهى مسيرة الكروان وتلحقه بالرفيق الأعلى.. صور

تحل اليوم الذكرى الـ134 على ميلاد قيثارة السماء الشيخ محمد رفعت، والتى توافق أيضا دكرى وفاته الـ70 ، حيث ولد وتوفى فى نفس اليوم 9 مايو، ولد الشيخ عام 1882، وتوفى عام 1950، ويعد أحد أعلام قراء القرآن الكريم من مواليد القاهرة يلقبه محبوه "بقيثارة السماء"، و هو من افتتح بث الإذاعة المصرية سنة 1934.

الشيخ محمد رفعت ابن محمود رفعت ابن محمد رفعت، فكان اسمه واسم ابيه وجده كلها مركبة وولد بدرب الأغوات بحى المغربلين بالقاهرة وفقد بصره صغيراً وهو فى سن الثانية من عمره، بدأ حفظ القرآن فى سن الخامسة، عندما أدخله والده كتاب بشتاك الملحق بمسجد فاضل باشا بدرب الجماميز بالسيدة زينب وكان معلمه الأول الشيخ محمد حميدة وأكمل القرآن حفظا ومجموعة من الأحاديث النبوية، بعد ست سنوات شعر شيخه أنه مميز، وبدأ يرشحه لإحياء الليالى فى الأماكن المجاورة القريبة.

درس علم القراءات والتجويد لمدة عامين على يد الشيخ عبدالفتاح هنيدى صاحب أعلى سند فى وقته ونال إجازته، توفى والده محمود رفعت والذى كان يعمل مأموراً بقسم شرطة الجمالية وهو فى التاسعة من عمره فوجد الطفل اليتيم نفسه مسئولاً عن أسرته المؤلفة من والدته وخالته واخته واخيه "محرم" وأصبح عائلها الوحيد بعد أن كانت النية متجهة إلى الحاقه للدراسة فى الأزهر، بدأ وهو فى الرابعة عشر يحيى بعض الليالى فى القاهرة بترتيل القرآن الكريم، وبعدها صار يدعى لترتيل القرآن فى الأقاليم

6a78fbe70d.jpg

عائلته

 

متزوج من الحاجة زينب من قرية الفرعونية بالمنوفية، ولديه أربعة أبناء أكبرهم محمد المولود عام 1909م وقد رافق والده فكان بمثابة سكرتيره ومدير أعماله، ثم أحمد ولد عام 1911 م وقد سار على درب والده فحفظ القرآن ودرس القرآءات ونال الإجازة فيها، ثم ابنته بهية وولدت عام 1914 م تزوجت من الدكتور عبده فرّاج، ثم أصغرهم حسين وولد عام 1920 م وكان يقرأ لوالده الكتب، وقد توفاهم الله جميعاً.

 

قراءة القرآن

 

تولى القراءة بمسجد فاضل باشا بحى السيدة زينب سنة 1918م حيث عين قارئا للسورة وهو فى سن الخامسة عشرة، فبلغ شهرة ونال محبة الناس، وحرص النحاس باشا والملك فاروق على سماعه ،واستمر يقرأ فى المسجد حتى اعتزاله من باب الوفاء للمسجد الذى شهد ميلاده فى عالم القراءة منذ الصغر. وافتتح بث الإذاعة المصرية سنة 1934م، وذلك بعد أن استفتى شيخ الأزهر محمد الأحمدى الظواهرى عن جواز إذاعة القرآن الكريم فأفتى له بجواز ذلك فافتتحها بآية من أول سورة الفتح (إنا فتحنا لك فتحا مبينا)، ولما سمعت الإذاعة البريطانية بى بى سى العربية صوته أرسلت إليه وطلبت منه تسجيل القرآن، فرفض ظنا منه أنه حرام لأنهم غير مسلمين، فاستفتى الإمام المراغى فشرح له الأمر وأخبره بأنه غير حرام، فسجل لهم سورة مريم.

 

خصائص تلاوته

كان الشيخ محمد رفعت ذا صوت جميل ببصمة لا تتكرر، وأسلوب فريد ومميز فى تلاوة القرآن، كان يتلو القرآن بتدبر وخشوع يجعل سامعه يعيش معانى القرآن الكريم ومواقفه بكل جوارحه لا بأذنه فقط، فكان يوصل رسالة القرآن ويؤثر بمستمعى تلاوته كان يبدأ بالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم والبسملة والترتيل بهدوء وتحقيق، وبعدها يعلو صوته، فهو خفيض فى بدايته ويصبح بعد وقت ليس بالطويل غالبا "عالياً" لكن رشيداً يمسُّ القلبَ ويتملكه ويسرد الآيات بسلاسة وحرص منه واستشعار لآى الذكر الحكيم.



المتأثرون بطريقته

 

يعد الشيخ أبو العينين شعيشع من المتأثرين بتلاوة الشيخ محمد رفعت وصوته شديد الشبه به حتى أن الإذاعة المصرية استعانت به لتعويض الانقطاعات فى التسجيلات.كما يعد الشيخ محمد رشاد الشريف مقرئ المسجد الأقصى من المتأثرين بقراءة الشيخ محمد رفعت وفى العام 1943، استمع إلى محمد رشاد الشريف الشيخ محمد رفعت فقال عنه "إننى استمع إلى محمد رفعت من فلسطين"، ورد له رسالة فى العام 1944 معتبراً إياه بمثابة "محمد رفعت الثاني".

 

3527c654af.jpg


نشر تلاواته

 

كانت معظم تلاوات الشيخ محمد رفعت بمسجد فاضل باشا فى القاهرة يقصده الناس هناك للاستماع إلى تلاواته حتى الملك فاروق وكانت تبث الإذاعة المصرية حفلاته من هناك، وكان صيفاً يتلو القرآن فى جامع المرسى أبو العباس فى الإسكندرية ، إضافة إلى تلاواته الحية على الهواء من دار الإذاعة المصرية التى تعاقدت معه من أول افتتاحها لا سيما فى رمضان كان يتلو تلاوتين يومياً على الهواء فيما عدا يوم الأحد وكان يقرأ القراءة الأولى من الساعة التاسعة وحتى العاشرة إلا الربع مساءً والثانية من الساعة العاشرة والنصف وحتى الحادية عشرة والربع مساءً، أما تسجيلاته فكانت جميعها تقريباً من تسجيل أحد أكبر محبيه وهو زكريا باشا مهران أحد أعيان مركز القوصية فى أسيوط وعضو مجلس الشيوخ المصري، والذى يعود له الفضل فى حفظ تراث الشيخ رفعت الذى نسمعه حاليا، وكان يحب الشيخ رفعت دون أن يلتقى به، وحرص على تسجيل حفلاته التى كانت تذيعها الإذاعة المصرية على الهواء واشترى لذلك اثنين من أجهزة الجرامافون من ألمانيا ، وعندما علم بمرض الشيخ رفعت أسرع إلى الإذاعة حاملاً إحدى هذه الأسطوانات، وطلب من مسؤولى الإذاعة عمل معاش للشيخ رفعت مدى الحياة، وبالفعل خصصت الإذاعة مبلغ 10 جنيهات معاش شهرى للشيخ رفعت، ولكن الشيخ توفى قبل أن يتسلمه ، وتبرعت عائلة زكريا باشا بالأسطوانات لكى تنشر وقد حصل عليها ورثة الشيخ محمد رفعت بعد وفاة زكريا باشا مهران عن طريق زوجته ''زينب هانم مبارك'' فلولا هذه التسجيلات لفقد تراثه الا من 3 تسجيلات تحتفظ بها الإذاعة، ولم تكن لتلك الاسطوانات أثرها فى حياة الشيخ فقط بل ''زكريا باشا'' المحب الذى سجل دون معرفة شخصية أو رؤية بـ''رفعت''، وقالت زوجة زكريا باشا: برغم نشاطات زوجى زكريا باشا نوران فى الاقتصاد والمحاماة والسياسة والتأليف إلا أن اسمه لم يذكر إلا مقروناً بأنه الذى سجل مجموعة من التسجيلات للشيخ محمد رفعت.

 

e88cc436e4.jpg

وفاته

أصابت حنجرة الشيخ محمد رفعت فى عام 1943م زغطة أو فواق تقطع عليه تلاوته، فتوقف عن القراءة وقد سبب الزغطة ورمٌ فى حنجرته يُعتقد أنه سرطان الحنجرة، صرف عليه ما يملك حتى افتقر لكنه لم يمد يده إلى أحد، حتى أنه اعتذر عن قبول المبلغ الذى جمع فى اكتتاب (بحدود خمسين ألف جنيه) لعلاجه على رغم أنه لم يكن يملك تكاليف العلاج، وكان جوابه كلمته المشهورة "إن قارئ القرآن لا يهان".

 

فارق الشيخ الحياة فى 9 مايو عام 1950م وكان حلمه أن يُدفن بجوار مسجد السيدة نفيسة حتى تقرر منحه قطعة أرض بجوار المسجد فقام ببناء مدفنه عليه، وقد كان من عادته أن يذهب كل يوم اثنين أمام المدفن ليقرأ ما تيسر من آيات الذكر الحكيم

 

 وحين سُئل الشيخ محمد متولى الشعراوى عن الشيخ محمد رفعت قال: «إن أردنا أحكام التلاوة فالحصرى ، وإن أردنا حلاوة الصوت فعبد الباسط عبد الصمد، وإن أردنا النفَس الطويل مع العذوبة فمصطفى إسماعيل، وإن أردنا هؤلاء جميعًا فهو محمد رفعت

 


 

 

هذا الخبر منقول من اليوم السابع