أعتقد أنه آن الأوان أن نفصل بشدة بين إخوتنا فى الشرطة الذين يقعون ضحايا فى حوادث إرهابية وبين قياداتهم الجالسين فى مكاتبهم يضعون رجلا على رجل!.. إذا لم يكن الأمن مكثفا وهناك خطة حماية على أعلى مستوى يوم عيد قبطى فمتى يكون الأمن مكثفا إذن؟.. ألسنا فى موسم تفجيرات معروف برضه؟!.. إذا لم يكن الأمن مشددا أثناء زيارة البابا لإحدى الكنائس الكبرى فى يوم عيد قبطى فمتى يكون الأمن مشددا إذن؟..
لكن أن تتم عمليتان إرهابيتان فى يوم واحد ويكون يوم عيد قبطى، وأن يكون أحد مواقع الإرهاب على استعداد لاستقبال البابا، فهذا معناه أننا ليس لدينا أمن وليس لدينا داخلية، ويستحسن نوفر فلوسنا ونقفل وزارة الداخلية ونقلب المبنى فندق!.. الواضح جدا منذ تفجير الكنيسة البطرسية فى أواخر العام الماضى قبل أعياد الميلاد الأرثوذكسية بأسبوع، الواضح أن قيادات وزارة الداخلية أصبحت معنية بأمن الرئيس فقط.. أما ما دون ذلك فممكن ناخد وندِّى فيه!..
لقد تم تفجير الكنيسة البطرسية ثانى يوم عقد مؤتمر للشباب فى فندق الماسة، فظهر جليا أن جميع الخطط الأمنية كانت معنية فقط بتأمين تحركات شخص واحد فى ذلك اليوم، فتركز الأمن عند موقع فندق الماسة فقط بينما اختلت القبضة الأمنية تماما فيما عداه من المناطق، رغم أن أياما قليلة كانت تفصلنا عن موسم تفجيرات عيد الميلاد!.. الواضح أيضا أن من يخطط للعمليات الإرهابية أصبح دارسا لطبيعة الأمن فى مصر..
أوقن أن الوزير ومساعديه لا يهمهم الآن سوى أمن الرئيس فقط.. أوقن أن السيناريو الذى يلى كل عملية لا يتعدى بيان تنديد من المسؤولين يتضمن أن عزيمتنا لن تلين.. وهذا كلام جميل، لكن عزيمتنا اللى هى إيه يعنى؟.. ما تسألش.. كما سيؤكد البيان أن هذا الحادث لن يثنينا عن المضى قدما.. طب قدما فى إيه يعنى؟.. برضه ما تسألش.. امضى وانت ساكت!.. وربما لو ربنا زود كرمه علينا تجتمع قيادات على أعلى مستوى مثلما حدث بعد تفجير الكنيسة البطرسية أواخر العام الماضى.. وبعد الاجتماعات والتصريحات توتة توتة خلصت الحدوتة!.. طيب ولماذا يجتمعون يا حمادة إذا كانت العمليات ستتكرر بعدها بشهرين أو ثلاثة؟.. لا تسأل..المهم اللقطة.. الصورة التى تلتقطها الكاميرا.. ونبقى كده عملنا اللى علينا علينا والباقى على الله!.. المخجل فى تفجيرات طنطا والإسكندرية أنها رسالة تحدٍ قوية للدولة، بل إنها صفعة على وجه الدولة!.. هناك فارق كبير بين أن يتمنى أفراد القوات الشهادة وبين أن تدفعهم قياداتهم للشهادة، فالأولى شرف والثانية جريمة إهمال تستوجب العقاب!.. المؤلم أيضا هو ذلك الشعور بالترقب الذى انتاب جميع المصريين بعد حدوث التفجير الثانى.. الجميع أيقن أن هناك خطة ترصد بالكنائس على نطاق واسع فى ذلك اليوم، والجميع تأكد أن الأمن مقصر ولن يستطيع أن يمنع أى تفجير من الوقوع!!..
وكيف يشعر الشارع بثقة فى تأمين الداخلية إذا كانت كنيسة مار جرجس بطنطا قد تم كشف قنبلة بها الأسبوع الماضى وتم تفكيكها، ورغم هذا فلم يتم تأمينها بما يمنع تفجير حقيقى بها مع حلول الأعياد، وهو ما حدث بالفعل يوم الأحد!.. تفجير طنطا تحديدا والذى تم بعد انفجارين سابقين فى نفس المكان منذ أشهر قليلة، هذا التفجير الثالث ملخصه أن الإرهاب يخرج لسانه للدولة، بل يستهزئ بها!.. يبدو أن المسؤولين فى الداخلية أصبحوا يتعاملون مع الإرهاب على طريقة الأفلام الأبيض واسود فتصوروا أن الإرهابى لن يعود لنفس المكان مرة ثانية مثلما كان يفعل فريد شوقى وتوفيق الدقن فخففوا الأمن هناك، وهذا هو بالضبط ما توقعه منهم الإرهابيون فوضعوا خططهم الإجرامية على هذا الأساس!..
الواضح أيضا أن العديد من القيادات الأمنية لا تتلقى أى دورات تدريبية حديثة من أى نوع، فأصبحت متخلفة عن تطور الفكر الإجرامى وكيفية مواجهته!.. كم مرة قلنا إن قيادات الداخلية بحاجة لإعادة الهيكلة؟.. إلى متى ستستمر مواجهتنا للإرهاب رد فعل وليست استباقية؟!.. أقولك إلى متى يا حمادة؟.. إلى أن تنتهى الأرض بمن عليها، فالوزير الحالى أصبح نسخة من حبيب العادلى فلم يعد يشغله سوى أمن النظام.. وأمن النظام بالنسبة له يرتكز على محورين لا ثالث لهما، أولهما الأمن الشخصى للرئيس والثانى هو اصطياد النشطاء وكل من يمكن أن يشكل نشاطه خطرا على سياسات الرئيس!.. وبعد تفجير الإسكندرية بدقائق يستعبطك يا حمادة ويقولك إن الأمن أبطل قنبلة بجوار مسجد سيدى عبدالرحيم!.. والنبى صحيح؟.. طب مدد يا سيدى عبدالرحيم مدد!.