مصعب أحمد يكتب: أفيون الماضي عند الشعب العربي

مصعب أحمد يكتب: أفيون الماضي عند الشعب العربي
مصعب أحمد يكتب: أفيون الماضي عند الشعب العربي

كل شعب في عالمنا العربي يمتلك تراث وحضارة وإنجازات على مختلف الأصعدة تعبر عن هوية ذلك المجتمع بكل ألوانه وجزئياته ، وهذا شيء يدعونا للفخر والاعتزاز .. ولكن هل هذا الأمر يحول دون حط الرحال في واحات الحاضر و محاولة استشراف المستقبل؟ .. هل من المعقول أن نطيل الوقوف على الأطلال وأن نذرف الدموع بكاءً على الإرث الحضاري و الثقافي العظيم ، وعلى تقاليد و رؤى و إنجازات عفا عنها الزمن ، و أن نبقى رازحين تحت وطأة العاطفة و الولاء المطلق للماضي ،يفرض قيوده علينا ولا نملك غير النكوص الى الماضوية و زمانها (الجميل) الذي لا يتكرر؟ ، بينما الحاضر وكيفية صناعته بشكل لائق و واقعي لا يأخذ منا حيزاً ملموساً و جدياً من الاهتمام .

إذ دائماً يوضع هذا الأمر على الهامش ، ونمر عليه مرور الكرام و يبدو على الدوام مشروعاً مؤجلاً مشفوعاً بمبررات ضعيفة وواهية تنبئ عن العجز الكلي عن صنع فعل حضاري و تنويري خلاق ! .

و يبدو السؤال مشروعاً : إلامَ الجمود و التمسك بأذيال الماضي ، وانعدام القدرة على الانصهار مع متطلبات المرحلة الراهنة ، و افتقاد التأقلم مع الحاضر والعجز عن رسم مساراته وتحديد آفاقه وتطلعاته وإحداثياته التي سننطلق منها و سيتمخض عنها بزوغ فجر النهضة العربية المعاصرة ، الحلم الذي أضحى مستحيلاً عند الإنسان العربي ، بسبب انهزاميته و مروره بمرحلة السبات العميق بعد إدمانه المزمن على أفيون الماضي لعقود و عقود خلت! وانشغاله في ترهات الأمور ،و توافه الحياة والإصرار على عدم توجيه بوصلة الغد بالاتجاه الصحيح الذي يضمن مواكبة الحضارات الغربية ، في وقت يتصاعد فيه الغزو الحضاري و الثقافي الغربي للعالم العربي و الإسلامي ، و يتمدد بأذرعه الأخطبوطية ليسيطر على العالم و البشرية جمعاء ، بما حققه و يحققه من إنجازات كبيرة و داعمة للتقدم البشري على مختلف الاصعدة والميادين سؤال برسم البحث و الإجابة التي نأمل أخيراً أن تتضافر جهود المفكرين و العلماء في أمتنا للبت في أمرها.