مدحت سيف يكتب: دروس حياتية من التنمية البشرية (50-لِمَنْ تعطى سرك؟)

فى أحد سجون ألمانيا فى حقبة الستينيات، كان السجناء يعانون من قسوة حراس السجن والمعاملة الغير طيبة فى كل النواحى....

ومن بين السجناء كان سجين يدعى شميدث محكوم عليه لفترة طويلة ويحصل هذا السجين على امتيازات جيده ومعاملة شبه محترمة من قبل الحراس.. مما جعل بقية نزلاء السجن يعتقدون إنه عميل مزروع وسطهم... وكان يُقسِم لهم إنه سجين مثلهم وليس له علاقة بالأجهزة الأمنية.

لكن لا أحد يصدقه، فقالوا: نريد أن نعرف السبب الذى يجعل حراس السجن يعاملونك بأسلوب مختلف عنا... فقال لهم شميدث: حسناً.. أخبرونى عن ماذا تكتبون فى رسائلكم الأسبوعية لأقاربكم…؟

فقال الجميع: نذكر لهم فى رسائلنا قسوة السجن والظلم الذىنتكبده هنا على أيدى هؤلاء الحراس.

فرد عليهم باسماً: أمّا أنا فكل إسبوع أكتب رسائلىلزوجتى وفى السطور الأخيرة أذكر محاسن السجن والحراس ومعاملتهم الجيدة هناوأحياناً أذكر أسماء بعض الحراس فى رسائلىوأمتدحهم...

فرد عليه بعض السجناء: وما دخل هذا كله فى الامتيازات التى تحصل عليها وأنت تعلم إن معاملتهم قاسيه جداً…؟

فقال : لأنه يا أذكياء جميع رسائلنا لا تخرج من السجن إلا بعد قراءتها من قِبل الحراس ويطّلعون على كل صغيرة وكبيرة فيها.. والآن غيروا طريقة كتابة رسائلكم…!

تفاجأ السجناء فى الأسبوعالتالى بأن جميع حراس السجن تغيرت معاملتهم للسجناء بشكل مؤلم وحتى شميدث كان معهم ينال أقسى المعاملات…!!

وبعد أيام سأل شميدث بعض السجناء وقال: ماذا كتبتم فى رسائلكم الأسبوعية…؟

فقالوا جميعاً: لقد كتبنا أن شميدث علّمنا طريقة جديدةلكى نخدع الحراس … ونكسب ثقتهم ورضاهم وذلك بمدحهم بالكذب فى الرسائل الأسبوعية …!

فذُهل وغضب جداً منهم وقال: هذا جزائى... ألم أقل لكم إن الرسائل تُقرأ من قِبل الحراس ورغم ذلك ذكرتم كل ما قلته لكم فى رسائلكم.. بل لم تكتفوا بذلك بل ذكرتم إسمى فى رسائلكم...فعانى الجميع الويلات والعذاب من دون استثناء.

فهل يُلام شميدث أم يُلام السجناء؟

هو قرر أن يساعدهم ولكنه لم يأخذ الاحتياطات الكافية ليحمى نفسه. كان يمكنه أن يوجههم ويرشدهم بتدقيق أكثر، وتحذيرات كثيرة...  لذا 

• قبل أن تفكر فى مساعدة الآخرين تخير أى اسلوب يناسب هذا الشخص، و
• لا تقل كل ما تعرفه، وإعرف جيداً ما تقوله ولمن.

 جميل إنك تنفتح فى تعاملاتك مع الآخرين، مع الأخذ فى الاعتبار بنصيحة جبران خليل جبران الذى قال:

• إذا بحت بأسرارك للريح، فلا تلُم الريح إذا باحت بها للأشجار.

 من فضلك عزيزى القارئ،عندما نفكر فى إفشاء سر من أسرارنا فإننا يجب أن نفكر جيدا قبل فعل ذلك وأن ندرس العواقب والنتائج التى ستترتب فى حالة انتشار السر، لأن السر إذا خرج من القلب فإنه غالباً سينتشر.

قد تقول إنى أتحدث عن أسرارى مع شخص عزيز، فأقول لك أنه غالباً ما يكون لكل عزيز، عزيز...و

• إن جعلت نفسك صندوقاً مفتوحاً، فلا تلوم الناس عندما يأخذون ما يريدون، وقتما يريدون...

وقصة شميدث تذكرنى بقصة شبيهة عشت أحداثها مع أحد الزملاء، وكانت له خبرة جيدة بمجال أنظمة الأمان، وفى إحدى المرات سأله شخص قائلاً: أنت الوحيد الذى لم يضبطك المدير، ولو لمرة واحدة، مستخدماً التليفون أثناء العمل مع العلم إننا رأيناك كثيراً ما تستخدمه، فكيف هذا؟! أجاب العبقرى ببساطة قائلاً: الموضوع بسيط، لقد وضعت مجس

(electronic sensor حساس إلكترونى) صغير جداً على باب حجرة المدير، وبمجرد أن يفتح المدير الباب تأتينى رسالة فورية على التليفون المحمول، فأقوم بغلقه فوراً.هل انتهت القصة؟ بالطبع لا. فالآن هناك شخص يبحث عن هذا المجس الذى على باب المدير إلى أن تم اكتشاف مكانه، ومن ثم اكتشف المدير الموضوع... ويمكنك عزيزى القارئ استنتاجباقى القصة...

هذا العبقرى لم يعمل بنصيحة شكسبير الذى قال:

• لا تحزن إذا نقل أحدهم سرك للآخرين، ولم يحتفظ به، فأنت نفسك لم تستطع أن تحفظ سرك بداخلك.

وكذلك لم يستوعب رأى هتلر القائل:

• إذا أخبرت أحداً سراً، فقد أهديته سهماً سيرميك به يوما.

وأنت عزيزى القارئ كشخص ناضج، بالتأكيد لا تستخدم عبارة مثل: أنا أعلم ما لا تعلمون، أنا أعرف أسرار فلان... فى الحقيقة، هذه العبارات لا تزيد من رصيدك عند الأشخاص الناضجة...

عزيزى القارئ،

مساعدة الآخرين تكون بطريقة صحيحة، وللشخص المناسب، وإلا ستكونالنتيجة هى أن من يقوم بمساعدة الآخرين، قد يضر نفسه ويضر الآخرين معه...

ولمتلَقِّى الأسرار نقول:

• احرص على كتمان السر، وستكون جديراً بكسب ثقة الآخرين .

  متذكراً معك عزيزى القارئ:

بعض القيم، والنقاط الحياتية التى توصلنا لها من خلال السبع والأربعين قصة السابقة ومنها:

1. من يخشى صعود الجبال، يعيش حياته بين الحفر.
2. هناك مَنْ يصطاد بالصنارة، وهناك مَنْ يصطاد بالشبكة.
3. لنضع أنفسنا مكان الآخرين ولا نحكم عليهم، فربما لو كنا مكانهم لفعلنا مثلهم.
4. إذا جعلت نفسك دودة، فلا تلُم الآخرين إن داسوا عليك بأقدامهم.
5. ليس كل ما يُعرف يُقال، فبعض الكلمات قد تفتح علينا وعلى الآخرين أبواباً قد لا يمكن غلقها.
6. آن الآوان لنرى أنفسنا بشكل أفضل، ونستثمر إمكانياتنا لتطوير أنفسنا فنعيش الحياة التى نرجوها ونستحقها.
7. الناس كالسلحفاة إن أردتهم أن ينزلوا عند رأيك فأدفئهم بعطفك، ولا تجبرهم على فعل ما تريد بعصاك.
8. لا تفترض أن الطرف الآخر سيفهم قصدك، ويرى الأمور كما تراها أنت.  
9. إعرف طبيعة من تتعامل معه، فهناك من يكفيه نظرة ليعرف أنه أخطأ، وهناك من يحتاج إلى قدر من المواجهة الحكيمة ليعرف مكانه ومكانته.
10. كن متجدداً، تجنب تكرار ما فعله غيرك وأبدع جديدا لحياتك على الدوام ولا تكن نسخة من شخص آخر، فأنت شخص فريد فى قدراتك وليس لك نظير.
11.  كن أنت التغيير الذى تريد إحداثه فى الآخرين.
12. عندما تنظر إلى الماضى تعلم منه، وعندما تنظر إلى المستقبل تطلع إليه.
13. إذا أردت أن تحلق مع النسور،فلا تقضى وقتك مع الدجاج.
14. إن لم تكن ناضجاً لقبول النقد، فلستَ ناضجاً بعد لقبول المدح.
15. غالباً ما يكون النجاح حليف أولئك الذين يعملون بجرأة، ونادراً ما يكون حليف أولئك المترددين الذين يهابون المواقف.
16. عندما تواجه التحديات، كن صلباً لا رخواً.
17. اعمل من الحجارة التى تواجهك، سلماً للارتفاع.
18. النجاح يتطلب منك أن تمشى فى الإتجاه الصحيح حتى لو كان بسرعة السلحفاه.
19.  لا تظن أن رأيك هو الرأى الصحيح، أو هو الرأى الصحيح الوحيد.
20. كل حدث تتعرض له، تعلم منه، وخذ أفضل ما فيه، ولا تتباكى بل إمض بقوة.
21. التحديات التى تواجهها، إما تعطيك دفعة وقوة للأمام أو تتركك جريحاً متقهقراً، وكلاهما من اختيارك.
22. عليك أن تدفع مقدماً (إعداد وجهد ووقت...) ثمن ما تريد الحصول عليه.
23. يمكنك بالإرادة القوية أن تعوض ما ضاع، بل تحقق أكثر منه، لأنك الآن أصبحت أكثر خبرة من الماضى.
24. تظهر شجاعتك عندما تكون أنت من الأقلية.
25. ما لا يؤخذ كله لا يُترك كله وافعل ما تستطيع فعله الآن.
26. منع شخص من السقوط هو أفضل من مساعدته بعد السقوط.
27. أنت حيث تضع نفسك.
28. وراء كل تحدى (مشكلة)، فرصة عظيمة.
29. سلوك الشخص الناضج السوى لا يتوقف على سلوك الآخرين، إنما له مبادئه ومعاييره الخاصة.
30. الاختلاف فى حد ذاته يوسع مجال رؤيتنا للأحداث، وفهمنا للأشخاص.
31.  معلومة بسيطة قد تنقذ حياتك وحياة الآخرين.
32. لنحيا ونحن على يقين من أن كل الأشياء تعمل معاً للخير.
33. الحياة تتعامل معك على أساس الاستحقاق وليس على أساس الاحتياج.
34. إسأل قبل أن تُقدم على أية خطوة جديدة.
35. أفضل استعداد للغد، هو أن تبذل قصارى جهدك اليوم.
36. ليس بالضرورة أن تكون عظيماً لكى تبدأ، بل إبدأ لكى تكون عظيماً.
37. اليد التى تنهضك عند تعثرك، أصدق من ألف يد تصافحك عند الوصول.
38. النجاح الحقيقى هو أن يكون كل من يتعامل معك ناجحاً مثلك. 
39. كل ما تستطيع تصوره، يمكنك تحقيقه.
40. كل مجهود تبذله، ستستفيد منه يوماً ما، وبشكل ما.
41. عندما تمنح الآخر، سواء كنتَ تعرفه أو لا تعرفه، من خبرتك وأفكارك، فأنت إنسان رائع...
42. كلما إزداد الشخص نضجاً، كلما بدأ يتحدث فيما يُعْنى ويهم الآخرين.
43. علينا أن نشجع ونكافئ أنفسنا غير منتظرين مكافأة من أحد.
44. من الذكاء الا تكون ذكياً فى بعض المواقف.
45. إن أرت البحث عن اللؤلؤ فلْتغُص إلى الأعماق، وتكتشف الكنوز الدفينة.
46. كل حدث نمر به، له هدف فى حياتنا، علينا أن نستفيد منه.

47 - إجتهد فى إستثمار وقتك ومجهودك وحماسك للوصول إلى هدفك، لا الهدف الذى يرسمه لك الآخرون.

48- عش حياتك بتلقائية وبساطة وعفوية، فالألسنة لن تصمت على أية حال.

49- اجتهد أن تقدم المساعدة بطريقة جميلة راقية تحفظ لمتلقيها كرامته ودون ان تشعره بالعجز.

 تاركين لك عزيزى القارئ، ولتأملاتك الشخصية، ولثرائك الفكرى، وخبرتك الخاصة، إستنتاج العديد من الدروس المثمرة من كل قصة بل وإضافة الكثير إليها، ليصبح لكل قصة، على حدة، معنى عام، ومعانى خاصة تتوقف على مدى ثقافة القارئ العزيز...

     ولدروسنا من التنمية البشرية بقية...