عندما ارى الفساد والرشاوي وسوء الادارة يعم البلدان الاسلامية أقول بان المسلمين لم يفهموا الاسلام ولم يفهموا محمدا ولم يفهموا الحسين عليه السلام ، والامر ضاع بين الغلو المطلق والاستهانة المطلقة بين الفريقين، وهناك تسجيل على اليوتيوب لشخص يقول بلهجة حجازية بان جد الحسين هو من حكم عليه بالموت وهذا طبعا كلام قديم بانه عليه السلام قتل بسيف جده استنادا الى احاديث إطاعة ولي الامر ، ويبدو ان الذين قتلوا الحسين اعني بهم عبيد الله بن زياد وعمر بن سعد وشمر بن ذي الجوشن وسنان النخعي إنما نفذوا بفعلتهم قول الرسول وارتكبوا جريمة القتل الشنيعة بفتوى ، ويتمادى هذا الدعي في الجرأة فيقول : (لو كنت انا مكانهم لكنت أنفذ السنة النبوية الشريفة عليه ولا أكون مغفلا او غبيا ) اي ان من يتورع عن قتل الحسين هو غبي ومغفل وان قتل الحسين عنده عقيدة وعبادة مع ان قتلة الحسينلم يكونوا مستندين على الحديث ولم يفكروا به أصلا وإنما هو السلطان وهدايا السلطان وقد قال قائلهم: اشهدوا لي عند الامير باني اول من رمى.
ويضيف هذا الدعي بان الحسين أخطأ ودفع ثمن خطئه لأنه أراد ان يشق عصا المسلمين.
اذن كيف نفهم الحسين؟ وأهل السنة والجماعة لهم عدة افهام، فالاحناف البريلوية والأحناف الديوبندية والسلفية كلٌ له فهم خاص وبعضهم يرى بان أمير المؤمنين يزيد بن معاوية برئ من دم الحسين تماما وانه لم يأمر بقتله وكتبوا في ذلك كتابا سموه (أمير المؤمنين يزيد المفترى عليه).
كيف نفهم الحسين وقد قال عبد الله بن حوزة عندما رأى الحسين يضرم النار في خندق حفره خلف المخيم ليأمن ذلك الجانب قال: استعجلت بالنار يا حسين؟ وكأنه على يقين بان الحسين من أهل النار، وقد اشتهر عن مرتكبي مجزرة كربلاء تعجيلهم بحز الرؤوس لئلا تفوتهم فريضة العصر.
هل نحن الذين خلقنا هالة القداسة حول الأئمة وأنها لم تكن موجودة في السابق؟، كما كانوا ينادون الرسول الاكرم ب (يا محمد) بلا ألقاب ويتهمونه بعدم العدل في التقسيم، او كما كانوا يحاربون عليا ويحاربون الحسن ويقتلون الحسين.
على اي حال فان مظلومية الحسين مستمرة الى يومنا هذا وهذا الاستمرار هو سر تألقه وبقاءه حيّا الى أبد الابدين في قلوب المحبين ومشاعرهم، أقول المظلومية مستمرة لان كل عصر فيه قتلة جدد للحسين وقد يكونون من السنة او الشيعة فالحسين يُقتل كل يوم ويتألم كل يوم لحال هذه الأمة الفاسدة التي تحتاج الى إصلاح مستمر، اذن فالحسين يُعمل له كل شيء من رايات وطعام ولطم ومآتم ولكن لا يتم مجرد التفكير برسالة الإصلاح التي حملها ودعا اليها وضحى من اجلها بكل غال ونفيس واذكر باني التقيت ضابطا كبيرا يضع الأسماء الخمسة لاهل الكساءعلى لوحة في مكتبه الأنيق، ويعلق شارة عليها اسم الامام علي واتخذ من أنشودة حسينية نغمة لجواله لكنه يستخدم كل ذكاءه ومكره و دهائه في تعقيد معاملات الناس بدلا من إيجاد المخارج القانونية لتسهيل امورهم ومعاملاتهم ثم يقول بانه حسيني وصاحب موكب ويؤمن بمبادئ الحسين ومثل هذا النموذج الكثير الكثير، أليس في هذا ظلما للحسين ولرسالته الإصلاحية ؟
أليس التجار واصحاب المحلات الذين يكذبون ويغشون الناس ويرتشون يظلمون الحسين ويسيئون الى رسالته الإصلاحية؟
أليس هذا مصداق للظلم المستمر الواقع على ثورة الحسين.
أقول بان الحسين بن علي لم يهزم عندما سقط صريعا، والسيد محمد باقر الصدر لم ينتصر الا بعد الشهادة.
فهل من قراءة جديدة للأمام الحسين تصحح مفاهيمنا تجاهه وتخرجنا من دائرة البكاء الى دائرة العطاء والبناء ليؤدي بالنهاية الى تخليد ذكرى سيد الشهداء.