فرانسوا باسيلي يكتب: الثورة الدينية التي لم يشعلها أحد

فرانسوا باسيلي يكتب: الثورة الدينية التي لم يشعلها أحد
فرانسوا باسيلي يكتب: الثورة الدينية التي لم يشعلها أحد

بينما يحضر الرئيس السيسي إلي نيويورك لحضور الجمعية العامة للأمم المتحدة، ويخرج البعض في مظاهرات ترحيب، فإن إختياري ليس هو الخروج في مسيرات ولكن طرح التساؤلات، لأن الدور الأساسي للكاتب والصحفي هو طرح الأسئلة الملحة، وليس تقديم التبريرات أو التهليلات، وعليه فإن سؤالي الأساسي للرئيس السيسي هو:

أين الثورة الدينية التي وعدتنا بها سيدي الرئيس؟ 

من المفروض أن يقوم بهذه الثورة التي ناديت بها يا سيدي؟

ولماذا لم نشهد أية خطوات عملية لإشعال هذه الثورة؟ بل لماذا رأينا العكس تماما؟ فلقد رأينا أن من حول القيام بثورة دينية فكرية، مثل المفكر إسلام البحيري، والكاتب الإعلامي إبراهيم عيسي، والكاتبة فاطمة ناعوت، رأينا هؤلاء ترفع ضدهم القضايا المفتعلة، ويطاردون ويطردون من أعمالهم، بل ويسجنون كما حدث لإسلام البحيري، فكيف ستقوم ثورة دينية إذن وكل من يحاول المشاركة في تأسيسها ينكل به ويطارد ويطرد من الساحة؟ 

إن أهم عوامل الإنحدار الهائل في قوة ومكانة وريادة مصر في ثلث قرن هو ذلك الهوس الديني الذي تصاعد منذ السبعينات، هوس الفتاوي الكهفية الخارجة عن العصر وعن المنطق، ثم تلك الرؤية الدموية التي اعتنقتها جماعات الإرهاب وصولاً إلي داعش، وكلها تعتمد آيات من القرأن أو السنونة تفسرها تفسيراً دموياً لتروي به غلها وتخدم به اهدافها في التسلط والسيطرة علي المجتمع والدول، ولذلك كانت مناداتك في بداية عهدك بضرورة قيام ثورة دينية في الإسلام هو رؤية سليمة تماماً، قامت جموع الشعب المصري بتأييدك فيها، ولكن نفس هذه الجموع قد صدمت حين لم تري أية أفعال ومواقف نحو هذه الثورة الدينية الضرورية، وهو في الواقع في صميم الأمن القومي المصري.

………………….

الاعصار الطبيعي الذي ضرب فلوريدا هذا الشهر يسبب أضراراً مادية ضخمة، وقد سقط له العديد من الضحايا للأسف، لكن هذا النوع من الأعاصير ليس هو الأسوأ مما قد يصيب البلاد، فقد أصاب مصر إعصار أبشع كثيراً منذ السبعينات ومازال يضرب مصر في مقتل حتي اليوم، وهو إعصار الفكر الاخواني السلفي البدائي الذي قتل في مصر روح الإبداع والفنون والإحساس بالجمال والقدرة علي الفكر الحر والحياة الحرة، الاعصار الاخواني الذي أصاب الوجدان المصري والروح المصرية له ملايين الضحايا لأكثر من ثلاثة أجيال أضاعها الهوس الديني وحولها إلي جماعات بدائية تعيش علي هامش الحياة وهامش العصر. 

يمكن أن نجزع للأعاصير التي تضرب تكساس وفلوريدا، وغيرها، لكنها اضرار مادية مؤقتة، أما إعصار الهوس الديني الذي أصاب مصر فما زالت رياحه الهائجة الهائلة تقتل في ملايين المصريين العقلانية والمدنية والعصرية والحضارة الانسانية، ولا نجدها تستنفر في المصريين قيادة وشعباً القدر المناسب من الصمود والممانعة والتجاوز.  

………………………

 

ما مستقبل مجتمع منشغل بفتوي معاشرة الزوجة الميتة؟ تخريب الدعاة للانسان المصري فاق كل الحدود 

……………………………
 

ظاهرة وصول الأساقفة الأقباط إلي كنائس المهجر قبل زيارات رؤساء مصر لأمريكا لحشدهم للترحيب بالرئيس في مسيرات جماهيرية، بدأت مع مبارك وتستمر اإلي اليوم، وهي ظاهرة لم تعد تلقي قبولاً من أحد، فهي خلط سافر بين ألدين والسياسة، وهي محاولة للتسلط علي شعب الكنيسة بإسم ألدين، مما يجب رفضه تماما، كل إنسان حر في تأييد أو معارضة أي رئيس، ووصول اساقفة لهذا الغرض يشوه مكانتهم ويبعد بهم عن التعليم المسيحي الصحيح، ولا اتوقع أن يستمع أحد سوي قلة قليلة جداً لما يروج له هؤلاء

…………………………………….

 كان لدي المصريين تدين فطري بسيط وسليم ومحب للحياة فإذا بهم يقعون فريسة لتدين وافد فظ متزمت متجعد متجهم أفقدهم أجمل ما في الشخصية المصرية التي كانت معروفة للجميع بالفرح والبهجة والنكتة وحب الحياة الحلوة 

…………………………………..

التأثير الهدام للدعاة علي الفن المصري

كيف قضي الشعراوي علي إبداع أحمد شفيق كامل  

كنت ابحث عن أي دراسة كتبت عن أغنية "إنت عمري" وسبب نجاحها الهائل، ولم أجد أي دراسة جادة، ولكن وجدت هذا الحوار مع أحمد شفيق كامل شاعر الأغنية، وفيه ذكريات كثيرة جميلة عن زمن الستينات الجميل، كما نعرف منها التأثير المدمر الذي كان للشيخ الشعراوي علي الإبداع الفني في مصر،

 فنجد شاعراً مشهوراً علي أعلي مستوي ومكانة، صاحب كلمات إنت عمري،

 يقع فريسة لرؤية دينية بدائية تتوهم أن الغناء للحب حرام، هذا ما قاله هذا الشيخ الشعراوي للشاعر، وبدلاً من أن يقول الشاعر للشيخ أن كلامه سخف وجهل فادح وفاضح، يستسلم الشاعر لكلام الشيخ ويكف عن كتابة أغنيات الحب التي أسعدت الملايين وتسعدهم حتي اليوم، هذه هي كارثة المثقفين في مصر حين يرتعبون أمام الشيوخ ولا يملكون شجاعة الفكر الحر الذي يتحدي الرؤية الدينية الرجعية التي يقدمها الدعاة لمصر، ويقوم بفضح مدي بدائيتها وبعدها عن الحس السليم والوجدان الانساني الراقي، 


اقرأوا الحوار لما فيه من عذوبة تاريخية، وعذاب تاريخي

لنتحدث عن تحولات أحمد شفيق كامل إذ توقفت عن كتابة الأغاني، هل لعلاقتك بالشيخ متولي الشعراوي سبب في الاعتزال؟

الشيخ الشعراوي منذ ظهر في برنامج «نور على نور» الذي كان يقدمه الإذاعي أحمد فراج، وقد تعرفت عليه بعد ذلك بشهرين وأعرفه منذ ذلك الحين إلي أن توفاه الله ولم يكن يعرف أنني الذي كتبت الأغاني إياها التي تذاع، فلما عرف ذلك قال لي ما معناه «إنت غنيت للدنيا كتير ودي دار حنقعد فيها شوية وبعدين حتروح على هناك، سيبك من أغاني الحب واكتب للآخرة شوية»، فتوقفت عن كتابة الأغاني العاطفية


لماذا، هل لأنها حرام؟


هو قاللي كده


وهل رجل بثقافتك كان يحتاج من يدله على الحلال والحرام، الحلال بين والحرام بين؟

 

وبينهما متشابهات، وهناك آية تقول «فاسألوا أهل الذكر» وكان الشعراوي أحد هؤلاء وهو من العلماء التي تجود به الحياة كل مائة سنة، وحين يقول لي خد بالك من نفسك يبقي لازم آخد بالي من نفسي

يعني لن تكتب أغنية عاطفية واحدة؟

خالص وإذا كتبتها سأرميها أو أضعها في الدرج

……………………

قارن هذا الهوس الديني بما كان عليه حال مصر حتي الستينات، حدق في هذه الصورة لتري الفرق بنفسك 

حين زار ملك المغرب محمد الخامس مصر ليقابل عبد الناصر ضم ناصر معه أم كلثوم والشاب وزير الثقافة المثقف الحقيقي وقتها ثروت عكاشة،

 كان هذا في اواخر الخمسينات أو بدايات الستينات، كان كل الرؤساء والملوك مثلهم مثل شعوبهم يعشقون أم كلثوم وما تقدمه من إبداع شاهق يرتفع بوجدان الانسان العربي قبل أن يسقط في براثن دعاة الإخوان والسلفية ودواعشهم البدائية، فكيف حدثت هذه الكارثة الهائلة في حق الأجيال الحالية والقادمه؟؟