موسوعة شعراء مصر بقلم / سامح إدوار سعدالله

موسوعة شعراء مصر بقلم / سامح إدوار سعدالله
موسوعة شعراء مصر  بقلم / سامح إدوار سعدالله
موسوعة شعراء مصر الفصيح 1953-2023: إنجاز أدبي ضخم و نقد غير مبرر 
قامت الشاعرة والأديبة فاطمة بوهراكة من دولة المغرب العربي بإنجاز موسوعة ضخمة بعنوان "موسوعة شعراء مصر الفصيح 1953-2023م". تتكون هذه الموسوعة من سبعة أجزاء، وتضم 700 شاعر من الأحياء والأموات، لتسجل أسماءهم في هذا العمل الموسوعي الكبير. ومن المقرر أن تكون الموسوعة متوفرة، إن شاء الله، في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2025م. هذا عمل عظيم جدًا يحتاج إلى جهد كبير، وقد أنجزت الشاعرة فاطمة بوهراكة . هذا العمل الضخم، وعندما شرعت في الإعلان عنه وعن الأسماء التي تضمها الموسوعة. الجميع سعيد بهذا الإنجاز الكبير، إلا أن البعض، الذين لم يكن لهم نصيب في نشر أسمائهم ضمن هذه الموسوعة، بدأوا في شن حملاتهم الشعواء ضد الأديبة والشاعرة فاطمة بوهراكة، وهاجموا العمل بشكل غير مبرر. الهجوم لم يكن فقط بسبب استبعادهم من هذه الموسوعة، بل أيضًا لأن الموسوعة ضمت أسماء كبار الشعراء الذين حفروا أسماءهم في الذاكرة الأدبية منذ قديم الزمان، مثل طاهر أبو فاشا و احمد عبد المعطي حجازي و أمل دنقل ومحمد عفيفي مطر وغيرهما. بالطبع، كانت هذه فرصة عظيمة لاحتلال مكان بين هؤلاء الكبار، ولكن ما حدث من هجوم على الشاعرة فاطمة بوهراكة يبقى مرفوضًا. التوثيق الأدبي: أهمية الموسوعة التي أنجزتها الشاعرة فاطمة بوهراكة تعتبر خطوة عظيمة في توثيق تاريخ الشعر العربي الفصيح في مصر. فالشعر جزء لا يتجزأ من الهوية الثقافية لأي أمة، ومصر التي تمثل قلب العالم العربي كانت دائمًا مركزًا هامًا للثقافة العربية بشكل عام، والشعر الفصيح بشكل خاص. منذ العصر العباسي وحتى العصر الحديث، لعب الشعراء المصريون دورًا محوريًا في تشكيل الأدب العربي، وتوجيهه نحو التجديد والتطوير. وبذلك، تعتبر هذه الموسوعة مرجعًا هامًا للباحثين والأدباء والقراء على حد سواء. من خلال جمع الشعراء الذين ساهموا في إثراء هذا المجال طوال سبعين عامًا، سيتمكن الأجيال القادمة من الاطلاع على الأعمال الأدبية التي أسهمت في تشكيل الهوية الشعرية الحديثة في مصر. الموسوعة ليست مجرد توثيق للأسماء فحسب، بل هي أيضًا استعراض للأعمال التي تركت أثرًا عميقًا في الحياة الثقافية المصرية.
اختيار الشعراء: معايير ودوافع من الطبيعي أن يُثار الجدل حول معايير الاختيار التي اعتمدت عليها الشاعرة فاطمة بوهراكة في تضمين الشعراء في الموسوعة. فهناك دائمًا من يشعر بعدم الإنصاف إذا لم يتم إدراج اسمه في مثل هذا المشروع الكبير. ولكن، علينا أن نأخذ في الحسبان أن مثل هذه الأعمال لا يمكنها أن تضم جميع الشعراء مهما كانت مكانتهم الأدبية. الموسوعة تعتمد على معايير دقيقة تستند إلى تأثير الشاعر، وإسهاماته في الحركة الشعرية، إضافة إلى مدى تلقي أعماله من الجمهور والنقاد.
قد تتنوع هذه المعايير من شاعر إلى آخر، ولكن لا شك أن هناك العديد من الشعراء الذين تركوا بصمة واضحة في الساحة الأدبية رغم أنهم لم يحظوا بشهرة واسعة. لذلك، يجب النظر إلى الموسوعة كوثيقة تاريخية توثق المرحلة الشعرية وليس كدليل نهائي لقيمة الشاعر الأدبية.
العدالة الأدبية والتقييم النقد لن يمكننا الحديث عن هذه الموسوعة دون أن نذكر مسألة العدالة الأدبية والتقييم النقدي. ففي كل عمل موسوعي، هناك دائمًا أشخاص يشعرون أنهم كانوا يستحقون التواجد بين الأسماء المكرسة في تاريخ الأدب. قد يكون هؤلاء الشعراء قد أضافوا أعمالًا متميزة، ولكن ظروف الحياة أو قلة الدعم الإعلامي لم تتيح لهم الفرصة للتألق بالشكل الذي يستحقونه. ورغم أن الموسوعة تستند إلى معايير معينة، فإن هناك دائمًا أصواتًا تشكك في مصداقية هذه المعايير أو تساؤلات عن سبب غياب أسماء معينة.
ومن الجدير بالذكر أن التقييم الأدبي ليس أمرًا ثابتًا. الشعراء، مثلهم مثل الفنانين في جميع المجالات، يخضعون في تقييمهم إلى ظروف اجتماعية وسياسية وثقافية. ما كان يعتبر مبدعًا ومؤثرًا في عصر ما قد لا يكون له نفس التأثير في عصر آخر. والموسوعة التي قدمتها فاطمة بوهراكة تعكس هذا التفاعل بين الأجيال المختلفة وتوثق كيف تطور الشعر المصري الفصيح عبر الزمن.
لكن الاعتراضات والانتقادات: هل هي مبررة؟ من المؤكد أن الهجوم على الشاعرة فاطمة بوهراكة لا يعكس سوى مشاعر الإحباط والخيبة من أولئك الذين لم يُدرجوا في الموسوعة. لا يمكن لوم الموسوعة على غياب الأسماء، فذلك جزء من التحديات التي تواجه أي عمل موسوعي. هناك العديد من الأسماء التي قد تكون قد أسهمت بشكل كبير في إثراء الشعر العربي الفصيح في مصر، ولكن ظروف الحياة أو التغيرات الثقافية قد أدت إلى إغفالها.
من ناحية أخرى، يجب أن نعي أن هذا النوع من الهجوم ليس جديدًا على الساحة الأدبية. فعلى مر العصور، شهدت الحياة الأدبية الكثير من النزاعات حول أحقية الأدباء في الاعتراف أو التقدير. ومع ذلك، ينبغي النظر إلى هذه الانتقادات على أنها محرك لتحسين العمل الأدبي والتوثيقي في المستقبل، وكذلك فرصة للنقد البناء الذي يعزز من جودة الأعمال الموسوعية التي تلتزم بمعايير الموضوعية.
هل كل من لم يتم تضمينهم في الموسوعة يستحقون ذلك؟
الحديث عن الشعراء الذين لم تدرج أسماؤهم في الموسوعة يستدعي تناول مسألة "الاستحقاق". الشعراء الذين لم يشملهم العمل قد يكون لهم إسهامات كبيرة في محيطهم الأدبي، ولكن ربما لم تتوفر لهم الفرصة لنشر أعمالهم على نطاق واسع، أو أن أسلوبهم لم يتوافق مع المعايير النقدية التي تعتمدها الموسوعة. من جهة أخرى، ربما يكون بعضهم قد أسهم في مجتمعات محلية أو ثقافات خاصة، وتركوا أثرًا على جيل معين دون أن يتم تقديرهم بشكل واسع في المستوى الوطني أو الدولي.
موسوعة فاطمة بوهراكة بين التوثيق والتحقيق الأدبي  ,, يمكن القول إن "موسوعة شعراء مصر الفصيح 1953-2023" هي عمل موسوعي تاريخي يستحق التقدير. هي محاولة لتوثيق الشعر العربي الفصيح في مصر خلال أكثر من سبعين عامًا، والتأكيد على دور الشعراء المصريين في تشكيل الأدب العربي. أما بالنسبة لأولئك الذين لم تُدرج أسماؤهم في الموسوعة، فذلك لا يعني بأي حال من الأحوال التقليل من قيمتهم الأدبية. الموسوعة، مثل أي عمل موسوعي، تظل قابلة للتحديث والتطوير مع مرور الزمن. وفي النهاية، تظل الموسوعة شرفًا للأدب المصري والفصيح، وكلنا نعلم أن الأدب ليس مجالًا للتنافس الفارغ، بل هو مجال للغنى الثقافي والإبداعي الذي يثري الذاكرة الجماعية. الموسوعة التي قدمتها فاطمة بوهراكة تعتبر إضافة مهمة للذاكرة الشعرية المصرية، ويجب أن تُلقى عليها الأضواء وتُقدّر لأنها تجمع الشعراء الذين أثروا الساحة الأدبية المصرية بأعمالهم العميقة والمستدامة.