فضلت أن أبدأ بهذا العنوان بالرغم من أن الانتخابات الأمريكية وفوز " ترامب " هي الشغل الشاغل الآن؛ لكن دائما الوطن وأحداثه يجب أن تكون في المقدمة؛ خاصة بعد الفترة التي قضيتها والرؤية الحقيقية لكل ما يحدث به وعلى أرضه؛ هذا العنوان اكتبه لخامس مرة؛ مرتان أثناء فترة حكم مبارك وبالتحديد في الفترة الأخيرة من حكمه؛ مرتان أثناء فترة حكم الإخوان؛ وأعيده الآن لخامس مرة أثناء فترة حكم الرئيس السيسي بالرغم من اختلاف الظروف وحتى لا تحدث بلبلة في الفهم؛ لا بد أن تكون لي أولا عدة ملحوظات:
* عندما أكتب عن مصر لا أكتب وأنا أجلس داخل البرج العاجي كما يفعل البعض؛ أو ما يكتبه البعض على وسائل التواصل الاجتماعي ؛ لكن أكتب من الواقع الذي أراه بعيني وألمسه بيدي ؛ أجوب أحياء الفقراء واتنقل بين الشوارع والأحياء الراقية ؛ أحاول أن أجعل من عيني آلة تصوير تخزن الصور في ذاكرتي ليس فقط لكي أكتب مقالا ؛ لكن لكي أعبر عن الواقع التعبير الصحيح سواء كان في روايات أو قصص قصيرة ؛ هذا بالفعل ما فعلته وما أفعله في كل مرة أثناء رحلتي إلى الوطن والتي اعتدت عليها والتي تمتد أحيانا إلى ما يقرب من 90 يوما وكل يوم ترى العين وتخزن الذاكرة وتنتقل الرؤية إلى كلمات حية فوق الأوراق .
* أود أن أقول للرئيس السيسي شكرا على كل ما قمت به نحو مصر منذ أن خلصتها من الحكم الذي كاد أن يفتتها لتصبح كيانا مشوها لا يمت إلى وطننا مصر الذي ولدنا على أرضه وأكلنا من خيراته وشربنا من ماء نيله؛ شكرا على كل ما قمت به من إصلاحات وانشاءات في الطرق والكباري التي سهلت ويسرت الانتقال بشكل كبير.
* أود أن أقول للرئيس السيسي هذه الإنجازات العظيمة كنت أود أن يرافقها أهم إنجاز وهو مراعاة الشعب الذي عانى الكثير وانتقل الآن إلى معاناة أكبر وأكبر ؛ كنت أود أن الإنجازات العظيمة تبدأ بالشعب أولا أو على الأقل تسير جنبا إلى جنب مع الإنجازات الأخرى ؛ حتى لا تدوي صرخاته عاليا أمام ما يعانيه من صعوبة المعيشة التي فاقت وفاقت ما حدث في أي فترة من فترات الحكم السابقة وأحوال كان يجب ألا تحدث وأكرر حتى لا يعتبره أي أحد مبالغة في الوصف أو الكلمات أن ما أكتبه ليس خيالا ؛ لكن أنقله من أرض الواقع التي كنت فوقها لفترة طويلة ؛ ما أرجوه من الرئيس أن يكون عنوان المقال هو صاحبه ويعيد مصر إلى مصر ؛ لأن مصر هي الشعب وليست الإنشاءات ؛ الشعب هو روح الوطن ؛ لأن مصر بلا شعب ليست مصرا والشعب بلا مصر ليس شعبا فالجسد بدون الروح ليس كائنا حيا والروح بلا جسد هي المجهول لا نراها ولا نعلم عنها أي شيء .
* ما سأكتبه أرجو ألا يؤخذ على أنه يحمل معنى التشهير أو المهاجمة فكلماتي تحمل بصمة توجع لأغلبية أبناء مصر؛ أما من يعيشون في العسل بأي طريقة سواء كانت شريفة أو غير شريفة فهم النسبة القليلة من أبناء هذا الوطن؛ سأرصد هنا مكررا ما ذكرته بأنه من على أرض الواقع الذي أرجو أن يتغير قريبا حتى لا تكون الأجيال الحديثة هي كبش الفداء كما كانت وأصبحت وحتى الآن؛ الأجيال القديمة هي كبش الفداء منذ ثورة يوليو 1952 وحتى اليوم. أبدأ بسؤال تحكمه الدهشة؛ إذا كانت الوزارة القديمة قد فشلت في تحقيق الأهداف المعيشية بالنسبة للغالبية فلماذا الاحتفاظ برئيسها ليكّونَ وزارة أخرى بشائر تحركاتها لا تعطي الأمل من قريب أو بعيد بالرغم من مضي شهور على توليها وهذا يبدوا واضحا وبكل قوة في أسعار السلع التي ترتفع بجنون وبطريقة شبه يومية لم يسبق له مثيل وبطريقة غير مسبوقة ولنبدأ بهذه النقطة التي أصبحت حكاية كل يوم:
غلاء الأسعار غير المسبوق:
***************** ****
كلمة غلاء الأسعار بالنسبة للسلع كلمة قد لا تعبر عن الواقع تعبيرا صحيحا وقد يكون الارتفاع الأخير في سعر البنزين الذي حدث منذ فترة قصيرة مؤشرا قويا لما سيليه من ارتفاع جديد في كل وسائل المعيشة ويدخل فيها بالطبع وسائل النقل والمواصلات ؛ حقيقة طفرة غير مسبوقة خاصة في ارتفاع أسعار المواد الغذائية ولا يكفيها ألاف من علامات الاستفهام والتعجب ؛ ارتفاع أسعار في كل شيء وكأنه اتفاق على حرمان الطبقات المتوسطة والفقيرة ؛ ارتفاع في الأسعار دون ضابط أو تحديد ؛ ارتفاع بسبب أخطاء الإدارة إلى جانب طمع وجشع الباعة الكبار أو الصغار؛ كل بائع يبيع بالسعر الذي يحلو له ؛ تفاوت بين بائع وآخر غريب وعجيب ؛ لكن القاعدة أنه حتى الذي يبيع بأقل سعر يفتح المجال لأن أقول دون حرج أنه الجنون ؛ الغريب أن ما يكتب في وسائل الإعلام لا يمت للحقيقة بصلة ؛ لأنهم يتحدثون عن منفذ أو اثنين أو ثلاثة تضعها الحكومة ذرا للرماد في العيون . للأسف الكتابة عن الأسعار واشتعالها بطريقة جنونية يمكن أن يؤلف عنه كتاب بأكمله تحت عنوان " شيطنة الأسعار "
طرق وشوارع بلا إنسانية:
*******************
أين الإنسانية في هذه الطرق والشوارع التي يسير فيها الناس ؛ شيوخ وشباب وأطفال ورجال ونساء وهم يحملون أرواحهم على أكفهم ؛ امتهان للإنسانية بكل ما تحمله الكلمة من معنى ؛ أقف أراقب كيف يعبر الجميع الشارع وأنا في حالة ذهول ؛ لا إشارة مرور تحكم ولا عسكري مرور بصفارة ينظم ولا خطوط تحدد عبور المشاة ؛ السيارات تمرق بسرعة الصاروخ والمشاة يعبرون نهر الطريق والرعب على قسمات الوجوه ؛ الأقدام تتقدم للأمام وتعود للخلف بطريقة هستيرية في محاولة النجاة من سيل السيارات المارقة ؛ ما أضحكني كثيرا ضحكة تحمل السخرية هو وضع المطبات الصناعية في ببعض الشوارع بطريقة غير مدروسة من حيث الشكل والارتفاع والأهم أنها بلون الأرض وقد كساها التراب غير مطلية بمادة فسفورية حتى تظهر بالليل ؛ هل أتحدث عن جنون اسمه التوكتوك وجمعها تكاتك كما أسمع الناس ينطقونها ؛ السيد توكتوك يحتاج إلى صفحة كاملة لأحكي عنه ؛ مركبة مجنونة تسير في الطرق وفي معظم الأحيان يقودها أطفال ؛ أي والله شاهدتهم بعيني وسيحاسبني الله لو كنت كاذبا ؛ صبية لا يزيد أعمارهم عن عشر سنوات ؛ ينتقلون بسرعة رهيبة من يسار الطريق إلى يمينه في سباق دائم وبطريقة مذهلة ؛ يسيرون في الاتجاه العكسي ؛ يتسارعون ويتسابقون من أجل أن يفوزوا بأكبر عدد من النقلات وبالتالي المكسب ؛ لا مبالاة بحياة الناس ؛ بالتأكيد أعذرهم وأزيد من التماس العذر لهم ؛ لأنه لا يوجد من يراقب أو يحاسب ؛ وإذا وجد فهو يلعب دور المشجع من أجل المعلوم الذي يتقاضاه ؛ هل يستحق التوكتوك كل هذا الحديث عنه ؛ نعم ! ؛ أن تترك الدولة وسائل الموت تجري في الطريق فهذا يحتاج إلى سؤال للمسئولين ؛ أين أنتم ؟! هل هي سياسة أن يترك العبث في كل ناحية من أجل شراء صمت الجميع ؟!؛ أسأل وزير النقل؛ هل وسائل النقل أصبحت محصورة في قطار التانجو السريع أو المونوريل وغيرها التي لا يعرفها سوى الأثرياء؟! أختم هذه الكلمات بقولي إن الإنسانية والآدمية يجب أن توجد في أقل الطرق والشوارع درجة كما توجد في شوارع البهوات ومدنهم الجديدة!!
أين الرقابــــــة؟!:
**************
من البديهي أنه في ظل هذه الظروف كان يجب أن تكون هناك رقابة على الأسواق؛ رقابة على الطرق؛ رقابة على كل ما يخص المواطن؛ حتى لا يقع فريسة للجشع، أو الطمع، أو الاستهتار أو الرشوة؛ أو كل شيء من شأنه أن يصعب المعيشة على المواطن أكثر وأكثر. للأسف هذا الجهاز وأقصد به الجهاز الرقابي على مصالح المواطنين لن أقول شبه منعدم ؛ بل منعدم تماما ؛ وإلا ما كنا شاهدنا هذا الانفلات في الأسواق وفي الطرق ؛ حتى التاكسي خرج عن نطاق الرقابة تماما ؛ الجميع أبطلوا العدادات تماما ؛ والأجرة كما يراها ويحددها السائق ؛ عادت المساومة التي يمكن أن تنقلب إلى مشادة على الأجر ؛ هل يمكن في مثل هذه الظروف ومع الضمائر المنفلتة أن تسير الأمور بدون رقابة ؛ من الخاسر ؛ أنه المواطن أولا وأخيرا ؛ سؤال يحيرني حتى لو وُضِعت الرقابة ؛ هل ستحتاج هذه الرقابة إلى رقابة أخرى عليها ؟!
صندوق النقد الدولي وديون مصر:
********************* *****
صندوق النقد الدولي أصبح سيفا مصلتا على كل قرض تحتاجه الدولة ؛ مع كل قرض تأتي تدخلات ومطالب صندوق النقد والتي جميعها تصب فوق أكتاف المواطن ؛ ما قامت به الدولة من انشاءات غير متأنية والكثير منها كان لا يتطلب العجلة ؛ وضع الدولة أمام الاحتياج لصندوق النقد ؛ وما يتعطف به من قروض ؛ ولكي يتعطف يملي شروطه ؛ هذه الشروط وأضعها بين قوسين ما هي إلا زيادة في تعويم الجنيه ؛ زيادة في الأسعار وخاصة الوقود ؛ الذي دائما يقود إلى زيادة الأسعار على كل متطلبات ومعيشة المواطن العادي ؛ أما المواطن الميسور بطريقة شريفة أو غير شريفة فلا تحك جلده كثيرا ؛ نعم القروض كانت موجودة منذ فترة الحكم السابقة ؛ لكنها ازدادت بشكل كبير وفاق أي وقت وبالتالي ازدادت فوائدها بشكل أكبر وأكبر نتيجة عدم الدراسة المتأنية لكل ما يقام على الأرض ؛ لقد أصبح النقاش سقيما فيما يتعلق بهذه القروض ؛ أدفع ما عليك أو أنسى أن ترى طرف أي قرض ؛ للأسف الكل كما ذكرت سابقا يمثل ثقلا أكبر وأكبر فوق كتف المواطن التي انحنت وتنحني أكثر وأكثر مع كل زيادة في متطلبات المعيشة .
الحكمة مطلوبة الآن:
***************
بالتأكيد كلماتي السابقة إذا أردت أن أضع تقييما لها فهي لا تعدو قشة في مهب الريح؛ لأن الواقع يحتاج إلى الأكثر والأكثر وفي جميع المجالات ؛ لكن أهم ما يمكن أن يقال تحت هذا العنوان ؛ يا أهل الله يامن تمسكون بزمام الأمور ؛ المطلوب وقفة جدية فيما يتعلق بإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح وليس الاستمرار بعناد في خطوات أثبتت أنها فوق طاقة الإمكانيات الحالية ؛ يقولون العناد يولد الكفر ؛ فلا داعي لنصل بالإنسان المصري إلى الكفر الذي دائما يقع تحت أخطاء ولاة الأمور ؛ يجب على من يقع عليه الاختيار للجلوس على كرسي المسئولية في أي منصب من المناصب ؛ إن لم يجد في نفسه القدرة أولا على ملأ هذا المنصب عملا وقدرة أن يعتذر بكل شجاعة ولا يغريه بريق المنصب فيقبل ويفسد أكثر وأكثر ما أفسده من تولى المنصب قبله ؛ قال الرئيس السيسي في خطابه في احتفالية انتصار أكتوبر ؛ نحن نعيش الآن أجواء مثل أجواء ما بعد نكسة يونيو 1967 ؛ في الحقيقة لست أعلم ماذا يقصد الرئيس السيسي ؛ لأن أجواء ما بعد النكسة وهي في الحقيقة هزيمة وليست نكسة لم تأت على مصر إلا بسبب الأخطاء التي وقع فيها عبد الناصر بتركه أمور البلد لمجموعة الضباط الأحرار كما أطلقت على نفسها وقد انشغلوا بأنفسهم أكثر من البلد وعلى قمتهم قائد الجيش الذي وضعنا أمام مهزلة هزيمة يونيو 1967 ؛ فهل معنى هذا وعلى حسب قول الرئيس أننا نعيش أجواء سببها أخطاء الحكم ومن تولوا زمام الأمور ؛ إذا كان الرئيس يقصد هذا فالأمل موجود أن نصحح الأخطاء ولا نستمر فيها لتخرج مصر إلى انتصار نأمل أن يكون انتصارا أكبر وأكبر من انتصار أكتوبر ليعيش الشعب أفراح هذا الانتصار ؛ نسأل الله كل التوفيق للرئيس ولكل من يجلس على كرسي المسئولية ليعيدوا الابتسامة على وجه المواطن الشريف .
انتخابات الرئاسة في أمريكا:
**********************
فاز الفيل على الحمار ؛ فاز الأحمر على الأزرق ؛ فاز الحزب الجمهوري على الحزب الديمقراطي فاز دونالد ترامب على كاميلا هارس ؛ سباق محموم نحو كرسي الرئاسة الأمريكية ونحو البيت الأبيض ؛ ترامب كان فيه قبل ذلك في الفترة من عام 2016 حتى عام 2020 وخرج منه أمام فوز جون بايدن في انتخابات النصف الثاني وأشيع ما أشيع حول هذه الانتخابات ؛ لكن في النهاية كان الفوز للرئيس جون بايدن ؛ كاميلا كانت به كنائبة للرئيس بايدن منذ عام 2020 وحتى الآن وستخرج منه في شهر يناير القادم بعد أن تبخرت كل أمالها بأن تستمر بداخله لكن هذه المرة كرئيسة للولايات المتحدة ؛ هزيمة لم تكن تتوقعها ولم يكن يتوقعها الحزب الديمقراطي ؛ فاز ترامب باكتساح ؛ عاد بتصميم رجل الأعمال القوي والناجح وتمكن من تعويض الخسارة بمكسب لم يكن أحد يتوقعه ؛ كان الاحتمال الأكبر فوق كفة هاريس ؛ لكن أن يأتي الفوز في كفة ترامب بهذا الثقل ؛ شيء أذهل الجميع ؛ أراد الشعب الأمريكي أن يقول نعم لرجل الاقتصاد بعد مروره بسنوات بايدن ونائبته بأحوال اقتصادية أقل ما يقال فيها أنها كانت غير ناجحة أو بالمعنى الأوقع فاشلة بالنسبة للمواطن الأمريكي ؛ انتهت الانتخابات وسيدخل ترامب البيت الأبيض مرة ثانية في يناير 2025 ؛ نتمنى أن يحقق ما وعد به وهذا ما ستظهره الفترة الأولى وإذا ما كانت ستؤهله لفترة ثانية أم لا .