محمود عابدين يكتب: "الإسماعيلية" دُرة السياحة العالمية

محمود عابدين يكتب: "الإسماعيلية" دُرة السياحة العالمية
محمود عابدين يكتب: "الإسماعيلية" دُرة السياحة العالمية
عندما يساعدك الحظ، وتزور محافظة الإسماعيلية، ستستمع عيناك بالمساحات الخضراء الشاسعة، وستمتلئ رئتاك بالهواء النقي، كما ستجد نفسك محاط بجو هادئ فيه معظم مقومات الجمال والسكينة، عن نفسي حينما زرتها مع زملائي الصحفيين، رأيت المياه تحيطها من كل جانب، فضلا عن أشكال وألوان وأنواع من المانجو التي تشتهيها النفس، تقول الروايات، ان محمد علي باشا هو من أحضرها الي مصر من سريلانكا وزرعت لاول مرة عام ١٨٢٠ في قنا بالصعيد، وجلب ابنه ابراهيم باشا أصنافا اخري من الهند وزرعت في الروضة بالقاهرة، وكان ذلك قبل ان توجد مدينة الاسماعيلية والتي أنشأها الخديوي إسماعيل وسميت باسمه.
في هذه الزيارات الجميلة، والهادفة التي سعدت فيها وبها مع زملائي لمدة أربعة أيام تقريبا، كانت لمحافظة الإسماعيلية، أقمنا في بيت الشباب، طريق البلاجات السياحى، أمام قرية 25يناير، فكانت الخدمة على أفضل وجه من جانب السادة إدارة "البيت"، وبقية العاملين فيه.
ومن باب العلم بالشئ، تتميز "الإسماعيلية" بحدود متعددة مع محافظات: السويس، القاهرة، الشرقية، شمال سيناء وبورسعيد، فضلا عن موقعها الفريد المطل على قناة السويس، ويطلق عليها عشاقها "عروس القناة".
بدأ نجم الإسماعيلية في الظهور والشهرة، تزامنا مع افتتاح القناة الأصلية القديمة، بعد أن كانت مجرد قرية يطلق عليها اسم "التمساح"، ومع افتتاح القناة الجديدة، عُرفت مدينة الإسماعيلية بعد ذلك أكثر فأكثر، ولكن شرق القناة، كقاطرة للنمو العمرانى ليس فقط فى الإسماعيلية، ولكن لتعمير كل أرض سيناء الحبيبة، وهذا موضوع مقال آخر سنتناوله بالتفصيل فيما بعد بإذن الله تعالى.
في اليوم الأول من الرحلة، اتجهنا لزيارة نادى الفيروز، واستمتعنا – حقيقة – بالسباحة في مياه الشاطئ بين الزائرين من مختلف الأعمار، وقد امتاز الشاطئ بـ: النظافة، النظام، الأمن والسلامة، وقد لاحظنا اقبالا كبيرا على الشاطئ من السادة المصيفين سواء أكانوا من أبناء المدينة أو المحافظات الأخرى كـ: الشرقية، القليوبية، القاهر وسيناء الذين يعشقون الإسماعيلية بشواطئها وأهلها وكل أماكنها التاريخية العريقة.
مساء ذات اليوم، عدنا إلى محل إقامتنا بنادي الشباب، وقد تصادف عيد ميلاد الزميلة الفاضلة الأستاذة. سهام عطلة، فاحتفلنا بها بطريقة تليق بتاريخها في النقابة وقيمتها الإنسانية، وسط جو من الألفة والمحبة والود والاخوة.
في اليوم الثالث من اقامتنا في الاسماعيلية، زرنا متحف هيئة قناة السويس، وللحق يجب أن أوجه الشكر والتقدير والاحترام لإدارة هذا المتحف العالمي – الرائع يتقدمهم الخبير السياحي والأثري أشرف شاهين على: حسن الاستقبال والاهتمام اللذان شملونا بهم كصحفيين مهمومين بالاطلاع والنشر لجميع الإنجازات التي تتم في وطننا الحبيب.
ومن حسن الحظ أنني كنت قد قرأت عنه بعض المعلومات عندما أخبرنا مشرف الرحلة ومنظمها الزميل الفاضل الأستاذ. على القماش، من ضمن ما قرأت عن المتحف، أن الهيئة سبق وأعلنت عن افتتاحه التجريبي أمام الجمهور بالمجان، وذلك بمناسبة احتفالات هيئة قناة السويس بذكرى العاشر من رمضان، مؤكدة أن به حوالي 2000 قطعة أثرية فريدة.
يعود تاريخ هذا المبنى إلى عام 1862، وهو أحد أهم المشروعات السياحية الذي انتظره "الإسماعيلاوية" وعشاقها، ليضفي علي هذه المدينة الجميلة عبق التاريخ العريق، وفي عام 1862، شرع الفرنسي فرديناند ديليسبس في بناء مقر إقامة له بالإسماعيلية، وهو المبنى المعروف حالياً باسم "فيلا ديليسبس"، وإلى جواره المبنى الإداري الخاص بشركة قناة السويس العالمية، وفي الأيام الأخيرة من عهد الرئيس الأسبق، حسني مبارك، تحول المبنى إلى مقر لأمانة "الحزب الوطني الديمقراطي" بالإسماعيلية. 
بعد ثورة يناير 2011 وحل الحزب الحاكم، تم إغلاق المبنى، إلى أن قررت هيئة قناة السويس، إعادة تأهيله وتطويره، ليكون متحفاً عالمياً، يضم تاريخ الهيئة، منذ افتتاحها وحتى افتتاح الرئيس عبد الفتاح السيسي للقناة الجديدة.
كما يقع المتحف في شارع محمد على التابع لحى أول الإسماعيلية، بين مبنى مديرية الأمن أو فيلا ومتحف "ديلسبس"، والمسجل فى عداد الآثار الإسلامية والقبطية عام 2004، ويضم ما يقرب من 90 غرفة، تم تخصيصها للعاملين الفرنسيين، ويشغل مساحة 10 آلاف متر مربع، ومزود بشبكة أنفاق داخلية، تصل بين المقر الإداري للقناة، وفيلا ديليسبس المجاورة له، يحتوى المعرض على أنظمة تشغيل مرئية ضوئية ومسموعة بداخل كل قاعة لإضاءة اللوحات بالتزامن مع أجهزة الصوت المسجل الذي يشرح كل لوحة، وتعتبر هذه الإمكانية أداة لتسهيل استقبال الزوار من المكفوفين وذوى الاحتياجات الخاصة للتعرف على تاريخ القناة بالصوت أو الضوء. 
يضم المتحف أيضا قاعات كبرى خصصت قاعدة منها للزعيم الراحل جمال عبد الناصر وتحكى قصة التأميم وتضم بعضا من وثائق ومقتنيات الرئيس الراحل، بالإضافة إلى 114 بابا و175 نافذة و303 أعمدة خشبية، كما تشمل مقتنيات متحف قناة السويس الجديد أدوات الحفر وخرائط التصميم، ووثائق حفل الافتتاح والشخصيات التي تواردت على مسئوليتها والاهتمام بها ومقتنيات الملكة أوجينى في حفل افتتاح قناة السويس عام 1869 والصالون الذى جلست عليه.
الإسماعيلية بها أيضا أقدم متحف إقليمي بمصر، ويضم حوالي 6000 قطعة أثرية يُعرض منها ما يقرب من 2000 قطعة لمختلف المراحل التاريخية للحضارة المصرية، من أهمها الفسيفساء التي تزين حاليًا أرضية البهو الرئيسي للمتحف، ويتناول سيناريو العرض المتحفي بعض الموضوعات منها الحياة اليومية والكتابة والحلي وأدوات الزينة، والحرف والصناعات والآلهة والأساطير الإغريقية بالإضافة إلى الحجرة الجنائزية والتي يعرض بها بعض شواهد القبور.