طوفان الأقصى والبقرة الحمراء بقلم دكتور جميل جورجى

طوفان الأقصى والبقرة الحمراء بقلم دكتور جميل جورجى
طوفان الأقصى والبقرة الحمراء بقلم دكتور جميل جورجى
 فى ظل ذلك الهجوم المفاجئ الذى قامت به حماس كان من الطبيعى أن تتجه الأنظار إلى تلك  الأسباب المباشرة ألا وهى الاحتلال الصيهونى بكل ممارساته البغيضة وأطماعه التوسعية الممثلة فى إقامة ما يسمى "بالملك الصهيونى" أو دولة إسرائيل الكبرى .. من المعروف أن "الملك الصهيونى" يقوم على ركنين أساسيين وهما الركن السياسى وهو إقامة الدولة اليهودية من النيل إلى الفرات والركن الأيدلوجى وهو إعادة بناء الهيكل الثالث الذى لابد وأن يقوم على أنقاض المسجد الأقصى .. وكلنا يعرف عمليات الحفر والتنقيب التى قاموا بها أسفل المسجد الأقصى منذ إحتلال القدس الشرقية فى أعقاب نكسة 1967 وذلك بحثاً عن بقايا الهيكل والتى وفقاً للعديد من الدراسات لم تصل لشيء والقول بأن موضع الهيكل تحت قبة الصخرة .. أيا كان الأمر تؤكد العديد من الدراسات على إنهم قد قاموا بإعداد وتجهيز الحجارة اللازمة لبناء الهيكل  والتي يصل وزنها إلى 6 آلاف طن وقد تم إجراء التدريب على بناء الهيكل خلال ثلاثة أيام بولاية أنديانا الأمريكية .. وقد إنتهوا أيضاً من تدريب اوإعداد الكهنة من "سبط لاوى" للقيام بأداء الطقوس فى الهيكل وكذلك الثياب التى يرتدونها والأوانى المقدسة والمفروشات التى تستخدم فى أداء طقوس العبادة ..كما تم وضع ثلاثة سيناريوهات لهدم المسجد الأقصى إما من خلال زلزال مصطنع أو من خلال قصفه بطريق الخطأ وتقديم اعتذار أو بانفجار أسفل المسجد..من ضمن الشروط لتدشين الهيكل وتطهير الكهنة هو رماد البقرة الحمراء والتى ظلوا يبحثون عنها كثيرا ًفى كل أنحاء العالم ولكن تمكنوا أخيراً من خلال استخدام "الهندسية الوراثية" الحصول على خمس بقرات حمراء تم نقلها من ولاية تكساس.. وفى مقال نشر فى ذلك الموضع بتاريخ 18 مايو 2023 بعنوان "الهيكل الثالث على الأبواب"جاء ذلك الخبر بإحدى القنوات الأخبارية بأن إسرائيل أعدت خمس بقرات حمراء تم وضعها فى مزار "شيلون"يتراوح عمرها مابين عامين وثلاثة أعوام لايشوبها أي عيب كوجود شعرة بيضاء  ولم يضع عليها نير ( خشبة ).. وقد كان جلب هذه البقرات الحمراء التى تعجل "نتنياهو" وصولها هى السبب الرئيسى وراء اندلاع "طوفان الأقصى" إذ كان من المقرر ذبحها فى عيد "يوم الغفران" خلال شهر أكتوبر وهو ما يعنى هدم  المسجد الأقصى .. وقد صرح "ريتشمان "مدير معهد المعبد الذى يقع على مقربة من "حائط المبكى " بأن الحكومة الإسرائيلية قد عملت على فض تلك الاشتبكات اليومية التى تقع مابين المتطرفين اليهود والمسلمين من أجل التعجيل بإعادة بناء الهيكل الثالث على وجه السرعة.. وقد  صرح "بن ميمون" اليهودى بأن عدد العجول الحمراء التى تم ذبحها وحرقها من سيدنا موسى وحتى الهيكل الثانى9 بقرات والبقرة العاشرة سيتم ذبحها لتدشين الهيكل الثالث مع مجيئ المسيا (المسيح) .. وعلى الرغم من أن عمليات الحفر التى قاموا بها أسفل المسجد الأقصى لم تتوصل إلى القدرتين الموجود بهما بقايا رماد آخر بقرة حمراء تم حرقها والتى يشترط أن يتم خلطها برماد البقرة العاشرة إلا أنهم عازمون على التعجيل ببناء الهيكل الثالث ..وقد حاولوا تبرير ذلك بإلقاء اللوم على "الوقف"  وإتهامه بإزالة كافة البقايا المتعلقة بالهيكلين وتدمير كل أثر يتعلق بهما إلا أنهم مصرون على بناء الهيكل الثالث على الرغم من عدم توفر العديد بل إن شئت الدقة فقل جميع الاشتراطات الشرعية ليس فقط لإعادة بناء الهيكل بل واستئناف طقوس العبادة .. لقد بدأت تلك الإستعدادات لبناء الهيكل منذ عام 1967 بعد أن سيطرت الحكومة الإسرائيلية على الوقف ومنع المسلمين من الدخول إلى منطقة جبل المعبد المقام عليها المسجد الأقصى وقبة الصخرة  تمهيداً لإعادة بناء الهيكل..وقد صرحت إحدى القنوات الإخبارية بأن مع وصول البقرات الحمراء بدأ التدريب "التراتيل" القديمة وقد أعرب البعض من اليهود القومين عن أملهم بسرعة إعادة بناء الهيكل بالقدس القديمة فى ظل ذلك التوتر والحرب بين اليهود والفلسطينيين .. وقد استعدت مجموعة من المنشدين فى "تل أبيب" لتلك اللحظة التى يحتفلون بها ببناء الهيكل بعد ألفين عام من تدميره على يد تيطس الرومانى .. على الجانب الآخر يرى البعض بأن مسعاهم لبناء الهيكل سوف يؤدى إلى اشتعال المنطقة المحيطة بالمسجد الأقصى .. وتدعى مجموعة من اليهود الأرثوذكس بإنهم ينحدرون من سبط لاوى الذين يقومون بأداء التراتيل وعزف الألحان داخل الموضع المقدس وأن هذه البقرات النادرة تعد ركنا هاما إذ بدونها لايمكن أداء الطقوس وأحد أسباب معارضة السلطات الحاخامية الإسرائيلية للزيارات اليهودية لجبل المعبد ..  ويؤكد "بيركوفيتس" على أن هذه البقرات الحمراء توجد الآن بمزرعة بشمال إسرائيل حيث يتم  إجراء الفحص عليها وذلك للتأكد من إنه لايوجد بها أي شعرة غير حمراء ويتم رعايتها والاحتفاظ بها إلى أن تحين اللحظة المناسبة.. لقد عجلت حكومة "نتنياهو" بنقل البقرات الخمس الحمراء من أجل تنفيذ المخطط الصهيونى والحلم بإعادة بناء الهيكل الثالث وتهويد كامل مدينة القدس وطرد العرب وهدم المسجد الأقصى .. تؤكد الصحفية "مير فوكس"  على أنه فى أعقاب هجوم السابع من أكتوبر أطلق أحد قادة حماس مسمى "طوفان الأقصى" على هذه العملية مصرحاً بأن الهجوم كان من أجل الدفاع على المسجد الأقصى .. وإستطردت فوكس قائلة على الرغم من الأسباب المتعددة التى دفعت بها حماس لتبرير الهجوم كالحصار الإسرائيلى لقطاع غزة والعنف ضد الفلسطينيين فى الضفة الغربية المحتلة إلا أن المسجد  الأقصى كان يلوح  فى الأفق على نحو كبير من خلال المبررات والصور التى استخدمتها حماس لتبرير الهجوم .. لقد كان ظهور البقرة الحمراء فى إسرائيل منذ أيام قليلة من اندلاع طوفان الأقصى علاقة وطيدة بإطلاق مسمى "طوفان الأقصى" على العملية إذ من المعروف أن ظهورها يعنى شيئا واحداش ألا وهو هدم المسجد الأقصى وبدء بناء الهيكل الثالث .. أن التطهر من خلال مايسمى بماء رش النجاسة ( المخلوط برماد البقرة الحمراء) يعد شرط ضرورى قبل الدخول إلى المسجد الأقصى على اعتباره جبل المعبد الذى يجب أن يبنى عليه الهيكل الثالث .. من ضمن الأدلة على أن البقرة الحمراء كانت هى الدافع الرئيسى وراء طوفان الأقصى هو ما صرح به الحاخام "أسحق مامو" منذ عدة شهور بإنه ينتوى أن يتم الاحتفال بعيد الفصح  فى عام 2024 بذبح البقرات الحمراء التى تم استيرادها طالما لم تظهر بها أي عيوب .. وقد استطرد  "مامو" قائلاً إنه قد قام منذ  12عاماً بشراء قطعة تطل على جبل الهيكل من أجل استخدامها فى مراسم ذبح البقرة الحمراء وئستئناف بناء الهيكل الثالث .. كل ذلك يؤكد على أن المسجد الأقصى كان هو الدافع الأساسى لما قامت به حماس وتعجل القيام بالهجوم خلال شهر أكتوبر لتفويت الفرصة على "نتنياهو" الذى يتمنى شأنه شأن كل رئيس وزراء إسرائيلى أن يكون أول من يتم تدشين بناء الهيكل الثالث بذبح البقرة الحمراء على يديه.